Al Jazirah NewsPaper Friday  07/11/2008 G Issue 13189
الجمعة 09 ذو القعدة 1429   العدد  13189

لنقرأ.. ولكن ماذا نقرأ؟
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

 

القراءة باب المعرفة، والمعرفة وسيلة التقدم والرُقي، ولذلك فالقراءة تؤدي للرقي والتقدم.

ولذلك أحسن وأجاد مَن قال: (إن هناك ترابطا ً بين كون الشعب متقدماً وكونه قارئاً).

ولذلك نرى الشعوبَ في الدول المتقدمة في هذا العصر شعوباً قارئة، فهم يقرؤون في البيت، وفي المطار والطائرة، وفي القطار والسفينة، وفي العمل.

وانظر إلى ماضينا المجيد، وكيف كان حال سابقينا من حيث القراءة!

إن دستورنا العظيم (القرآن الكريم)، جاءت المادة الأولى منه أمرا ً بالقراءة، قال تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ).

فأي قراءة حثنا عليها ديننا الحنيف؟

هناك قراءتان أمرنا بهما ديننا، أولاهما قراءة المكتوب على ورق أو غيره من أي مادة، وهذا المكتوب يبدأ بكتاب الله الكريم وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغيرهما من كُتب الفقه والعقيدة والسير، أو من كتُب العلم في جميع مجالاته الشرعية والأدبية والطبيعية والصناعية، التي كما أسلفت تؤدي إلى النمو المعرفي وبالتالي التقدم العلمي والصناعي والحضاري.

تلك القراءة للمكتوب في كل المجالات وحدها لا تكفي للنهوض بالفرد ومن ورائه المجتمع فكراً ورُقِيّاً وتقدماً وتهذيباً للسلوك وامتثالاً وطاعة لله، إن لم يساندها قراءة من نوع آخر، وهي قراءة بصرية فكرية في آنٍ واحد، قال الله تعالى في سورة آل عمران:

(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).

إن التأمل في آيات الله عز وجل والتفكر في بديع خلقه للسماوات والأرض وما فيهن، وفي بديع خلقه للإنسان لَقراءةٌ تدعو لتقوية الإيمان ورسوخه في القلب، وبالتالي يزداد العبد قرباً لله عز وجل وطاعته، ويبتعد عن معاصيه.

وهناك قراءة فكرية ترفد وتساند هذه القراءة وإن كانت من زاوية أخرى، ألا وهي قراءة الأحداث، وخصوصاً الأحداث الجسام التي مرت وتمر على الأمم والدول والشعوب والحضارات في الماضي البعيد أو القريب، وربطها بموضوعية ودقة بالحاضر، وتوظيف هذا الربط لما في الخير للأمة مستقبلاً.

فما موقفنا من هاتين القراءتين: قراءة المكتوب وقراءة التأمل والتبصر في الكون والأحداث؟

أسلافنا أبدعوا وأجادوا في الاثنتين، وبذلك سادوا الأمم والحضارات، فأصبحت الحضارة الإسلامية هي المؤثر الأول والأفعل على البشرية جمعاء.

أما نحن في هذا العصر، فوا أسفاه وواحزناه لحالنا، فَلَم نُحسن قراءة ً لمكتوب ومطبوع، ولم نفكر بتاتاً في قراءة حدث مرئي أو مسموع!

لا حاجة للتدليل على إهمالنا وتهاوننا في مسألة قراءة المكتوب، وأعني بها (القراءة الاعتيادية) فالكل مُجْمعٌ على أن أمة (اقرأ) لا تقرأ!

أما قراءة الأحداث الجسام، ففي هذا العصر مرت أحداث عظيمة لم نُلقِ لها بالاًً، كحدث سقوط المعسكر أو النظام الشيوعي في معقله أولاً، ثم تهاوت صروح شيوعية حوله وبعيداً عنه، فَلَم يُقرأ هذا جيداً!

وليس ببعيد سقوط النظام الرأسمالي في معقله وفي نواحٍ عديدة من أنحاء الأرض، فقد بدأت بوادر هذا السقوط، فماذا أعددنا من قراءةٍ ودراسةٍ وتدبرٍ لهذا الحدث القريب؟؟

إن القراءة المتأنية والواعية والمتفحصة والمفسِّرة لهذين الحدثين من أمة تملك موروثاً حضارياً عظيماً مثل أمتنا لجديرة أن تُنتِج بديلاً لهذين النظامين الفاشلين ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي، فهل نحن قارئون؟؟؟؟

إشارة:

يقول الشاعر ولي الدين يكن:

وفي الأيام متسع

وفي الأقدار مدخرُ

وفي الأحداث معتبر

لو أن الناس تَعتبرُ

رويداً إنها دول

تدولُ وبعدها أخرُ

يظل الحق منهزماً

زماناً ثم ينتصرُ.

Al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد