Al Jazirah NewsPaper Friday  07/11/2008 G Issue 13189
الجمعة 09 ذو القعدة 1429   العدد  13189

بالاحترام ينمو الوئام
هدى ناصر الفريح

 

في عالم كعالمنا اليوم حيث اقتصرت المسافات الساعات، فكثرت اللقاءات وتعددت وسائل التخاطب وتأصلت الأمور المشتركة بيننا وبين شتّى الأعراق والأجناس، فسهل الحديث في أي أمر يعنى به غيرنا أم يخصنا مع أي كان، وبمقدار هذا التقارب المنفتح ظهرت خلافات الرأي والعادات والمعتقدات والتوجهات، وهذه سنة الله في الخلق، قابلها عقلاء هذا الزمان بالحوار المنضبط بالاحترام الجم بلا قدح مندفع، فعم جزءاً من هذا الكون الأمان والتفاهم والوئام، وفي المقابل الآخر انبرى آخرون يدعون علماً بكل شيء يقدحون بشخص فلان وجنسية فلان ويحقرون بألفاظهم وكتاباتهم أقواماً وأعراقاً على وجه أعم وأخص، وما علموا أنهم يقذفون عباد الله! نراهم يمشون استكباراً ويتحدثون بعلياء آثم، يظنون جهلاً أنهم الأخيار من بين عباد الله، ورب العزة والجلال يقول: (ولقد كرمنا بني آدم)، سبحانه ما أرحمه بعباده تعالى الله عما يصفون، فلم يحصرها بعرق أو جنس أو ديانة، بل برباط إنساني آدمي، فكل ما علينا التبليغ وله الهداية لا التحقير والإسفاف بجهل الآخرين، فمن أنعم الله علينا نعمة الدين والأمن والرخاء، ولهو قادر على سلبها منا بكن فيكون.

يقول الشاعر صالح عبد القدوس:

لا تحقرن من الأيام محتقراً

كل امرئ سوف يُجزى بالذي كسبا

قد يحقر المرء ما يُهوى فيركبه

حتى يكون إلى توريطه سببا

فمتى اندثر الاحترام في الإنسان تجاه غيره تكالبت عليه التعاسة في معانيها، فذلك العالم المضطرب المتأجج بلغة العداء والبغضاء والحروب الطاحنة، ويعتقد البعض أنه بمنأى عنه لم يظهر إلا بعدما دفن احترام الأديان والأعراق والإنسان ودوت لغة الكبرياء واتبعت النفس الأهواء محرفة الأديان ومشوهة لعرق وبلاد فقيدت الجيوش بكل خديعة غطاؤها حرية واحترام للإنسان! وهكذا الحال تماماً مع الإنسان في أي مكان كان، في نطاق بيته إن لم تتشرب العائلة جوا من الاحترام بين أفرادها دارت حروب داخلها من حقد وكره... إلخ. وتشتت أسرة بأكملها، أما في نطاق العمل إن كان نهج المرؤوس مع موظفيه بلا احترام والموظفون مع العملاء باستعلاء كثر الحقد والكسل والهجر والقدح بمثل عمل كهذا، أما إن كان بين الإنسان المواطن مع المقيم احتقار واستخفاف وعدم استيفاء للحقوق وممارسة الوصاية الجبرية عليه قبرت الأمانة وعلا الظلم وأجيبت دعوة المظلوم ونسج لبلادنا الضغينة وحكي عنها بالصورة المسيئة التي قد تتناقلها بلاد الكون أجيالاً بعد أجيال.. وهكذا من مثل هذه الحالات وغيرها سيضج المجتمع بأكمله متألماً على مصائب ومكائد تحاك عليه في الظلام تهدف لانصهاره في الضياع والانحلال انتقاماً وجهلاً، فعذرهم أنهم لم يجدوا يداً حانية ولا قولاً داعياً ولا قلباً ناصحاً ولا فعلاً مرغباً، وما لدينا من مخرج ونجاح وطيب حياة أبداً إلا أن نبذر الاحترام ابتداءً في قلوبنا وسرائرنا وانتهاء في أقوالنا وأفعالنا ليعم الاحترام منا إلى من في الكون جميعاً، وخير قدوتنا الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.

البكيرية


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد