Al Jazirah NewsPaper Friday  07/11/2008 G Issue 13189
الجمعة 09 ذو القعدة 1429   العدد  13189
هل التقاعد أصبح حكماً بالموت؟؟!!
بهية بوسبيت

أصبحت مسألة التقاعد تسبب لموظفينا وموظفاتنا أزمات كثيرة، وليس أزمة واحدة فقط، لمجرد أن يفكر أي موظف من الجنسين بالتقاعد، سواء عند مدة خدمته أو قبل انتهائها.

فبعد حياة الترف والراحة والعز والوجاهة، وكثر الأصدقاء والضيوف وتسهيل الأمور يتبدل الحال في غمضة عين، فالراتب يقل، والأصدقاء يغيبون كثيراً، وأصحاب المصالح القريبون يعتذرون، وقد يتجاهلون، والراحة تقل، والفكر يظل مشتتاً، والنفس دائمة الحزن، ويجد الإنسان نفسه في موقف لا يحسد عليه من الإحساس بالضياع وعدم الاهتمام ممن كانوا له أقرب المقربين، والأمر من ذلك يجد كل الأبواب التي كانت تفتح له على مصراعيها مرحبة مهللة به، وقد أوصدت أبوابها في وجه معتذرة بقولها: أنت متقاعد..! وكأنها تقول له: لم يعد لك حق في أي شيء بعد، لقد مت بتقاعدك..!

لقد انتهيت! لقد انتهت صلاحيتك ليس من حقك أن تذهب لبنك لتطلب قرضاً، وليس من حقك أن تذهب لأي مصلحة حكومية أو شركة أهلية أو أي مؤسسة ممكن أن تساعد بإقراضك بعض المال، لتضمن أن تعيش وأسرتك حياة آمنة مطمئنة، كما عودتها، وكما تعودت عليه وأنت في أوج عزك وعلى كرسي وظيفتك، بعد أن قل الراتب، وكثرت المسؤوليات، وزادت مطالب الحياة، وتنوعت أسبابها. ومع كبر السن وضعف الصحة، والحاجة إلى العلاج، وغير ذلك، يقف هذا المتقاعد حائراً في ظل طوفان الغلاء الأعمى الذي يمر من أمامه، وفي ظل أنظمة وقواعد روتينية لم تراع حداثة التطور، وحداثة الأزمات المستمرة.

إن فكرة التقاعد لم تعد تؤرق الموظفين من الرجال فقط، بل أصبحت تؤرق النساء الموظفات لأن بعضهن حملن الحمل عن كاهل الرجل مبكراً، حتى وهو في عز وظيفته وله راتب لا بأس به، إلا أن بعض الأزواج ألقوا مسؤولية النفقة على الأولاد والزوجة، ومتطلبات البيت المختلفة عن عواتقهم واضعينها على عواتق النساء باعتبارهن موظفات، ناسين أن قوامتهم عليهن بالإنفاق والرعاية والاهتمام، وأن الزوجة الموظفة من حقها أن يصرف عليها الزوج ومن حقه أن تساعده ما دامت قادرة على ذلك، وليس من حقه أن يجبرها على النفقة وتحمل مسؤولية الأسرة وحدها، لكونه موافقاً على عملها.

إنني أطلب أصحاب الشأن أن ينظروا للمتقاعد من باب التقدير والامتنان والرعاية والاهتمام، وأن يتم اتفاق بين مؤسسة النقد، ووزارة التربية والتعليم، والبنوك وبما في ذلك، بنك التسليف وبنك التنمية العقارية، بالموافقة على طلب أي متقاعد أو متقاعدة قرضاً من أحد البنوك المشار لها.

عندما يتقدم أي متقاعد أو متقاعدة لطلب قرض سواء لتأمين حياة كريمة لأسرته أو للعلاج مثلاً، أو لعمل مشروع يدر عليه وعلى أولاده مبلغاً يساعدهم على متطلبات الحياة الصعبة فما المانع في ذلك؟ والمتقاعدون من الجنسين لهم رواتب التقاعد وتصرف من البنوك، ويستطيع البنك ضمان حقه باقتطاع مبلغ القرض من راتب المتقاعد أول كل شهر بعد الاتفاق بين الطرفين، وأعتقد أن المقترض أدرى بنفسه، وأن ما يبقى من راتبه سيكفيه.

أما إذا كان القصد الخوف من موت المقترض، فيمكن الاتفاق عند طلب القرض أن يتم التسديد للبنك عن طريق أبناء المتقاعد أو أحد أقاربه، في حالة كون المبلغ كبيراً، من حصيلة المشروع أو بناء عقار للتأجير مثلاً، أما بالنسبة لبنك التسليف فالمبلغ سيكون قليلاً، يمكن دفعه وحين يعجز الورثة عن دفعه مثلاً، فالدولة قادرة على إسقاط ذلك والتنازل عن مبلغ بسيط قد لا يزيد على خمسة آلاف ريال مثلاً.

أيضاً قد يكون المتقاعد لديه قطعة أرض، ويريد إقامة مشروع عليها، يدر عليه ربحا كثيرا ويمكن أن يقدم ضمانا يضمن حقوق البنك عند وفاته قبل السداد، فما الذي يمنع ذلك؟ كون البنك المقرض ضامنا لحقه؟ هل لأنه متقاعد؟ وهل معنى التقاعد أن هذا الرجل كبر وأصبح لا حق له في الحياة؟؟!! هناك الكثيرون والكثيرات يتقاعدون من أعمالهم قبل بلوغ سن التقاعد ليتفرغ لأعماله الحرة، أو لرغبته الشديدة في زيادة دخله عن طريق العمل الحر، أو لظروف صحية أو غيرها.. لكنه يحتاج إلى رأس مال.. نريد من المسؤولين دراسة هذا الاقتراح والنظر بعين التقدير للمتقاعدين وأحوالهم من الجنسين. مآسي المتقاعدات والمتقاعدين كثيرة خاصة من رواتبهن قليلة ومن تعول أيتاما، أو أسرا كاملة بلا رجل معين أو سند آخر.

كما نريد من أصحاب الشأن إعطاء المتقاعد حرية اختيار البنك الذي يريد التعامل معه بعد تقاعده؛ لأنه أدرى بمصلحته وظروفه.

الأحساء



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد