Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/11/2008 G Issue 13190
السبت 10 ذو القعدة 1429   العدد  13190
أهيب بقومي
هل انهار حلم دولة اليهود؟
فائز موسى البدراني الحربي

عندما تم إعلان قيام دولة إسرائيل وما نتج عنه من احتلال فلسطين وبعض الأراضي العربية المحيطة بها في عام 1948م (1368هـ)، وما تلاه من احتلال فلسطين وأجزاء من الأراضي العربية الأخرى عام 1967م (1387هـ)، وفي أوج النشوة الصهيونية بالانتصار والقوة، لم يتحرج زعماء إسرائيل من الجهر بالكشف عن المخطط الصهيوني الذي رسمه زعماء الصهيونية ومساندوها من ساسة الغرب المسيحي القاضي بإقامة وطن قومي لليهود يمتد من النيل إلى الفرات..

وقد ساعد على ترسيخ ذلك الحلم في أذهان الشعب اليهودي المدعوم سياسياً وعسكرياً من الدول العظمى التفوق الكاسح لإسرائيل في معاركها الأولى عامي 1948م و1967م، والنكسات المتوالية على أعدائهم العرب، حتى ظن أولئك القادة الإسرائيليون أن تحقيق ذلك الهدف قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأن الوصول إليه مسألة وقت.. وتحت تأثير هذا الاعتقاد واصل زعماء الدولة العبرية ليلهم بنهارهم من أجل إضعاف جيرانهم وتقوية إسرائيل عسكرياً واقتصادياً وصناعياً، وحشدوا لها كلما استطاعوه من الدعم السياسي والإعلامي والمخابراتي، وقد نجحوا في ذلك نجاحاً باهراً لا يمكن إنكاره.

غير أن ذلك الحلم غير المشروع المبني على أسس باطلة ودعاوى مزيفة واغتصاب حقوق شعب آخر ظلماً وعدواناً، سرعان ما بدأ يتلاشى تحت وطأة المقاومة المشروعة للشعوب المعتدى عليها، فلم يتحقق لإسرائيل ما كانت تصبو إليه من تركيع الشعب الفلسطيني، وقهر الشعوب العربية، رغم كل ما حققته إسرائيل من انتصارات وما حصلت عليه من دعم، وبالرغم من انحياز أقوى دول العالم إلى جانبها. وهذا شيء طبيعي في سنة الحياة الكونية لأن الباطل باطل، والحق حق..

وبعد أن أدركت إسرائيل هذه الحقيقة، واكتشفت أن الحق كالسيل الجارف له اتجاه واحد فقط، وبعد أن عجزت عن تحقيق أهدافها مع كل ما قامت به من مغامرات وحروب واختراقات ومماطلات، اضطر بعض قادتها لإبداء ما يخالجهم من الإحباط، وتبادلوا تلك المشاعر فيما بينهم، معبرين عن صعوبة الوصول إلى تلك الأهداف التي رسمها أسلافهم.. غير أن الجديد في الموضوع أن يقوم رئيس وزراءٍ إسرائيلي يعد من صقور الدولة الصهيونية بعد نصف قرن من قيام دولته بإعلان ذلك على الملأ، عبر صحيفة إسرائيل الرسمية (يدعوت أحرونوت) قائلاً: (لدينا فرصة محدودة بالزمن للقيام بخطوة تاريخية مع الفلسطينيين والسوريين.. إننا ملزمون بأخذ القرار الذي كنا نرفض النظر إليه على مدى الأربعين سنة الماضية) انتهى كلامه.

بعد ذلك بأسابيع صرح كل من إيهود باراك وشيمون بيريز بأنه يمكن أن تقوم إسرائيل بمراجعة موقفها من المبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية، وأخذها على محمل الجد، وهي التي أصمت عنها آذانها منذ طرحها في قمة بيروت عام 2002م.

أقول: ليس مستغرباً أن يأتي هذا الإذعان الإسرائيلي في هذا الوقت بالذات بعد أن ثبت لإسرائيل أن عنصر القوة العسكرية وحده لا يكفي لإضاعة الحقوق المشروعة لشعوب أخرى. ثم إنه يأتي في هذا الوقت بالذات الذي بدأت فيه تلوح في الأفق ملامح فشل التجربة الأمريكية في أفغانستان والعراق وعدم صحة نظرية المخططين الصهاينة الذين كانوا يعتقدون أن تغيير الأنظمة في الدول المعادية لإسرائيل سيحقق لها أهدافها في بناء دولة إسرائيل كما تريد!

لكن أكثر ما نخشاه أن تكون هذه التصريحات لعبة أخرى لخداع العرب وتضليلهم لعقود أخرى، بعد أن انكشف زيف الألاعيب السابقة مثل لعبة: خطة الطريق، واللجنة الرباعية، وخريف بوش، ومؤتمر أنابولس، وغيرها. فهل يتعلم الزعماء العرب من التجارب السابقة، وهل يتنبهون إلى طبيعة المفاوض الإسرائيلي المراوغ، قبل أن يخدعوا بمبادرات ملعوبة، وحيل جديدة لكسب المزيد من الوقت لتكريس التهويد واستكمال بناء المشروعات الاستيطانية المخطط لها؟!!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد