Al Jazirah NewsPaper Saturday  08/11/2008 G Issue 13190
السبت 10 ذو القعدة 1429   العدد  13190
وطن يكرم شهيداً، شهيد يحمل وطناً
إبراهيم بن موسى الزويد

مثلما نتذكر صور خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وهو يدشن مشروعاً أو يفتح مشروعاً هناك، فإننا كذلك نتذكر وباستمرار صورته حفظه الله وهو يحتضن أبناء الشهداء ويغالب دموعه الكريمة التي انهمرت تأثراً ووفاء للشهداء وأبنائهم.

تلك الصورة العفوية لخادم الحرمين الشريفين أتذكرها جيداً وأنا أرى القصيم تغلق كل فعالياتها ومناسباتها وتجمع كل كوادرها ووفائها لتقيم الاحتفالية الأبرز، المتمثلة في هذا الملتقى الوطني والإنساني الكبير في فكرته وفي وطنيته، ملتقى (وطن يكرم شهيدا).

إن الحفاوة التي يلقاها الشهداء وأسرهم وأبناؤهم من قبل قيادتنا الحكيمة، إنما هي موقف يكشف عما تحظى به الحياة السعودية من روح عائلية ووطنية، جعلت الجميع يدرك أن كل جندي وقف لنصرة هذا الوطن وحمايته فله حق الاحتفاء والتبجيل عند كل مواطن، ومواقف خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، واللحظات الكريمة التي جمعت ولي العهد في أكثر من مناسبة بأبناء الشهداء وأسرهم كلها تؤكد أن مواقفهم تلك ليست إلا سنناً لأبناء هذا الوطن الذين أثبتوا أن كل أزمة تمر بهم لا تزيدهم إلا قرباً وولاء لوطنهم وقيادتهم.

مثلما يعايد الأب أبناءه في كل عيد، يعايد سمو وزير الداخلية حفظه الله وبكل حرص أبناءه أبناء الشهداء وكل أسرهم وذويهم، في بادرة تربطهم بالعيد وتهبهم شعوراً بأن كل القيادة هم أباؤهم وأن كل السعوديين هم أخوتهم وأن الوطن هو أسرتهم الكبيرة وهي الرؤية التي يدير من خلالها سمو مساعده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز -حفظه الله- مختلف مشروعات التكريم والمتابعة لعوائل وأسر الشهداء حيث أصبح سموه أخاً لكل أسرة والحاضر الدائم في كل مناسباتهم.

إن أبرز نقطة تستحق الإشادة في التعاطي الوطني والقيادي مع أسر الشهداء أنها تنطلق في كل فعالياتها من موقف تكريم واحتفاء لا من موقف إحسان ورحمة، لأنهم أبطال أبناء أبطال، وأسر حملت الشجاعة حينما ضحت بأبنائها فداء للوطن والقيادة.

إن ما يحدث في الجمعيات الخيرية النسائية بالقصيم، وخصوصاً جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية النسائية ببريدة، يخرج عن الأطر التقليدية للجمعيات الخيرية، التي يقتصر دورها في بعض المناطق على الجانب الخيري فقط، حيث تحولت جمعية الملك عبدالعزيز على أيدي الأميرة نورة إلى مؤسسة واعية تسعى لأن تدير ذاتها حتى على المستوى المالي وذلك من خلال رؤية اقتصادية واعية تجعل عملية التمويل عملية مستمرة من خلال أعمال الوقف والتمويل وعلى مستوى الكوادر تضم الجمعية نخبة من النساء المتميزات بالخبرة والمعرفة كالأستاذة جوهرة الوابلي وزميلاتها ممن شكلوا نماذج جديدة في العمل الوطني والاجتماعي، وبشكل يتنامى ويؤسس لاستمرارية العطاء والعمل في الجمعية.

إن اللجنة النسائية في القصيم والتي أصبحت بمثابة مرجع للعمل الاجتماعي النسائي في القصيم تعد تجربة سعودية رائدة، أصبحت معها الفعاليات الاجتماعية مؤسسات فاعلة ومؤثرة في محيطها، وتخلصت من مختلف أشكال الإدارة التقليدية وأصبحت تدير أعمالها من خلال مرجع واحد وهو حب هذا الوطن وبذل كل ما يمكن لأجله.

إن امرأة استطاعت خلق كل هذا الأداء العالي، قادرة على تقديم مثل هذه المبادرات التي لا تقف عن دوائر أو حدود معينة ولكن يتخطى عطاؤها المنطقة ليشمل الوطن، ويتجاوز القضايا المحيطة إلى القضايا الوطنية.

إن ملتقى (وطن يكرم شهيدا) والذي تحتفل به القصيم في العشرين من هذا الشهر، يمنح كل الوطن رسالة وفاء من منطلقاتهم التي - وكغيرها من مناطق المملكة- تحتفي بالمواقف والأفكار الوطنية العليا، التي هي سنن حميدة وضعها لنا قادة هذا الوطن وهو ما يجعل الفضل لهم في كل مبادرة تعيشها أي منطقة.

إن مبادرة سمو الأميرة نورة وفقها الله تنطلق من شعور كبير بالمواطنة، وتسعى إلى تجاوز حالات التكريم العادية ليصبح تكريماً لمن ينعم الوطن بأمنه لقاء تضحياتهم الغالية، والذين جعلوا من صدورهم دروعاً لحماية أمن هذا الوطن، حيث هم الأولى بالتكريم والاحتفاء، هذا الملتقى الذي يحول الشهيد إلى منارة يسير الوطن خلف ضوئها ويهتف باسمها، مؤمناً أن هذا الوطن الذي قام على تضحيات أبنائه قديماً، يزدهر أيضاً بتضحيات ومبادرات أبنائه مستقبلاً.

كل هذه المعاني تتداعى في ذهني ونحن نستقبل أول وأبرز وأهم تظاهرة تكريمية للشهداء والمتمثلة في ملتقى (وطن يكرم شهيدا) الذي ينطلق في القصيم كبادرة تشير إلى أن الروح الوطنية المبادرة ستجد كل تشجيع ودعم في أي منطقة كانت، فكيف وهي مبادرة ولدت وازدهرت في القصيم، المنطقة التي تولد كل صباح إقليماً من الخير والنماء والعطاء المتجدد على يد رجل الإدارة الحكيمة والرؤية المتطورة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر حفظه الله، الذي كسر بينه وبين أهل المنطقة كل أشكال البيروقراطية والتكلف وأصبح رجلاً منهم وشريكاً لهم في كل تطلعاتهم وأحداثهم فلا يمكن الحديث عن أي معلم أو فكرة أو منشأة أو مشروع أو مبادرة عرفتها المنطقة إلا كان لسموه أكبر الأثر في انطلاقها وازدهارها وتطورها يتهيأ له كل ذلك وفقه الله بحرص القائد المواطن والمواطن القائد، ويعينه في ذلك سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز الذي وجدت به المنطقة فضاء رحباً من الإخاء والعمل وحب الناس ودعم العلم والمعرفة.

مبادرة الملتقى جاءت من سمو الأميرة نورة بنت محمد بن سعود حفظها الله حرم سمو أمير القصيم، وصاحبة التوجه الوطني الأبرز الذي صاغت من خلاله المرأة في القصيم أدواراً واعية، استطاعت من خلالها أن تكون شريكة في عملية البناء والتطوير وفق ما تمليه عليه عاداتها وثقافتها.

استطاعت الأميرة نورة ومن خلال اللجنة النسائية بالقصيم أن تقدم خارطة طريق جديدة لما يجب أن تكون عليه الجمعيات الأهلية، خصوصاً وأن لدى سموها من المؤهلات الإنسانية والوطنية والاجتماعية ما يجعل قدرتها على التأثير الإيجابي في الجميع واضحة وحيوية، فقد اقتربت من مختلف الفعاليات النسائية بالمنطقة بل أنشأت أكثرها حضوراً ونشاطاً، واقتربت من الناس فدخلت بيوتهم وشاركت معهم مختلف مناسباتهم، وأصبحت أبرز المؤثرين في تاريخ المرأة في القصيم، بل إنها أبرزت الصور المثلى التي جعلت من التطلع لخدمة الوطن وحمايته وتنمية صفة يشترك فيها النساء مثلما هي للرجال.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد