Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/11/2008 G Issue 13195
الخميس 15 ذو القعدة 1429   العدد  13195
إما الحوار.. وإما الحوار!
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

قررت هيئة الأمم المتحدة رسمياً عقد جلسة خاصة على مستوى قادة وزعماء دول العالم للجمعية العامة للأمم المتحدة, في الفترة من 12 إلى 13 نوفمبر 2008م,

لمناقشة مبادرة -خادم الحرمين الشريفين- عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والفلسفات الوضعية, وذلك بناء على توصيات مؤتمر مدريد في شهر رجب الماضي. حيث تمثل مبادرة الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات امتداداً عملياً لفتح قنوات جديدة من التواصل بين الحضارات, والالتقاء بأتباع الأديان المختلفة, وداعياً إلى حماية العالم من فكرة الصراع بين تلك الأديان والثقافات, وكبح جماح قوى التطرف ونبذ العنف, وهو ما تفرضه تجارب الأمس وحوادث اليوم ومخاوف الغد.

وتتسم مبادرة الملك عبدالله للحوار بسعة الأفق وبعد النظر, واستيعابها لجميع الأديان والثقافات, كما أنها تؤكد على الخصوصية الدينية والثقافية لكل القوميات. كما تتسم تلك المبادرة بالتعريف بالإسلام, وما يملكه من إرث حضاري كبير, وقطع الطريق على محاولات تشويهه, ووقف الحملات التي تستهدفه, والتعرف على الآخرين والتعايش معهم, من أجل مجتمع عالمي تسوده رؤية واضحة المعالم من الاحترام والوئام والتعاون المثمر في تحقيق الأهداف والقواسم المشتركة, ونزع فتيل الشر بين الشعوب والأمم. وهو ما أكده سفير روسيا الاتحادية -السابق- لدى المملكة قبل أيام, حين قال: (نحن متحدون ومصممون على تنفيذ مبادرة -خادم الحرمين الشريفين-, حيث إن تطبيق هذه المبادرة من شأنه حل مشكلتين متزامنتين, هما: عدم السماح بانزلاق العالم إلى حروب جديدة وصراعات مدمرة. والثانية: تأمين مستوى عالٍ من التفاهم بين جميع الشعوب والديانات). وأضاف: (إننا سنعمل من هذه اللحظة على تفعيل هذه المبادرة, وجعلها تأخذ طريقها نحو التطبيق العملي, كونها تركز على مبادئ التفاهم والمودة, وتشجع القيم الإنسانية التي يمكن أن تساعدنا على حل القضايا الاقتصادية والمالية والسياسية).

إن الحوار يخدم القضايا الإنسانية المشتركة ولا شك, وهو أقرب وسيلة لتقريب وجهات النظر وتوضيح المواقف. فهو لا يلغي الفارق والاختلاف, بل يؤكد على الخصوصيات الثقافية والحضارية والعقائدية, ويسعى إلى تأسيس العلاقات الإنسانية من خلال التركيز على القواسم المشتركة, وتعميقها وتحقيقها وحمايتها. إلا أن هذا الجهد المبارك, يقابله جهد من أعوان الشيطان في الولايات المتحدة الأمريكية, فقد نظمت عصابة ليكودية أسبوعاً عن الوعي بالإسلام الفاشي, وهو الأسبوع الثالث من نوعه في حرم 76 جامعة أمريكية للتحريض على الإسلام والمسلمين, وربطهم جميعاً بالإرهاب, فكل منظمة لهم تعتبر غطاء للإرهاب, وكل خطيب مسلم يدعى إلى جامعة أمريكية يتهم بالترويج للإرهاب. وهو ما أشار إليه الكاتب جهاد الخازن في مقال له قبل أيام في صحيفة الحياة. وقد تحدث الباحث الديني الدنماركي (يورجن نيلسن) من جامعة (كوبنهاجن) في ندوة له عن حوار الديانات الثلاث المؤثرة في المجتمعات الدولية, فقال: (إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين ينقصها تعاون حقيقي من رجال الكنيسة المسيحية الحاخامات اليهود, ودعم سياسي من الدول الغربية).

إن الحوار فريضة, وهو سنة الحياة ومنطق التاريخ, وقد سن القرآن الكريم سنة الحوار مع المخالفين, وجعل ذلك إحدى وسائل الدعوة إلى الله. كما أن الحوار هو أحد المعطيات الأساسية للوجود الإنساني, وهو الأساس للتعايش السلمي المشترك, ومد جسور التواصل بين البشرية بمختلف أديانها وعقائدها وأجناسها, فهو الطريق الوحيد لكل ما سبق.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد