Al Jazirah NewsPaper Thursday  13/11/2008 G Issue 13195
الخميس 15 ذو القعدة 1429   العدد  13195
هذرلوجيا
الأسود ( X) الأبيض
سليمان الفليح

على طريقة عض الرجل الكلب - أي تقديم المفعول به على الفاعل لا تقديم الفاعل على المفعول به كما تقتضي قواعد اللغة؛ إذ إن الصحيح هو (عض الكلب الرجل)، هكذا عادت إلى أذهاننا هذه الأيام أول جملة تعلمناها في بلاط صاحبة الجلالة -الصحافة- أي اختيار العبارة المدهشة والمثيرة لجذب انتباه القارئ، أقول لقد عادت إلى أذهاننا هذه الطريقة الصحفية حينما أصبحنا نقرأ هذه الأيام المانشيتات (الغريبة) التالية لأغلب صحف العالم العربي.

- أسود في أبيض.

- أسود? أبيض.

- الأسود في الأبيض.

- الرجل الأسود في البيت الأبيض.

وبالطبع كل هذه المانشيتات تشير إلى فوز الرئيس الأمريكي الجديد (باراك هوزين أوباما) والذي حلا للكثير منا نحن العرب لاسيما (التحويريين) أو (التزويريين) منا أن نحور اسم الرجل إلى مبارك حسين من أجل (تقريبه) وتعريبه!!

كما حاولنا من قبل - أو هكذا دأبنا دوماً أن نحور اسم أي علم مشهور لنقربه إلينا مثلما فعلنا مع شكسبير الذي قطعنا اسمه أو بالأصح قطعنا أوصاله ليصبح اسمه هكذا (شيخ زبير) وكأننا بذلك مثل (التيس الذي يكشخ بفطمة الكبش) - أي ب(إليته السمينة) لأنه لا يملك إليه مثلها وهذا المثل ليس من (عندياتي) بل من عنديات أهلنا العرب وما أكثرها وما أزورها(!!) عندهم

ما علينا من ذلك كله إنما الذي علينا منه في هذه المقالة هو، لماذا هذا الاهتمام العربي ب(لون الرجل) دون الاهتمام بما سيفعل هذا الرجل؟.. أي أوباما سواء؛ بالنسبة لقضايا العرب أو قضايا الكون كله لاسيما تلك القضايا التي تجاهلها سابقوه البيض من الرؤساء الأمريكان بدءاً من (أبراهام لنكولن) - عفواً- إبراهيم لنكولن حتى نجاريهم بالتزوير!! والذي دعا إلى تحرير السود من البيض وحتى عهد بوش الميمون أو (الميتون). كما يقول أهل الخليج والذي دعى لاستعباد البيض للبيض كما فعل في احتلال أفغانستان واحتلال العراق على عكس والده الذي قرر تحرير الكويت من العدوان الصدامي الاستعبادي دون أن يجتاح بلداً ويدمره من أجل (طاغية) واحد ناهيك عن غيرها من الحروب الصغيرة التي أشعلها هنا وهناك والمآزق الاقتصادية التي خلفها للشعب الأمريكي، لذلك كلما ذكرنا (البوشين) الاب والابن قلنا في مثلنا العربي العتيد (بيض الله وجه الاب سود الله وجه الابن)، أما قلت لكم إن (اللون) دون المضمون يشغلنا أكثر حتى في أمثالنا(!!) بينما هذا الأمر لا يعني المواطن الأمريكي صاحب الشأن الأول لأن الذي فاز في عرفه وقانونه هو الدستور الأمريكي الذي يحتكم إليه سائر المواطنين من خلال الديمقراطية والتغير وللأفضل لا لون الرئيس سواء أكان أبيض أو أسود لأن المهم أن يطبق هذا الرجل الدستور لاسيما وإن الدستور الأمريكي و(أسفاه) وكذلك القانون الدولي معه، وكذلك العرف الإنساني والأخلاقي قد خرقه ومزقه وضرب به عرض الحائط رجل أبيض لكنه (أسود من الداخل)، فلم لا يجرب الشعب الأمريكي وهو أبو التجارب العظمى على كل الأصعدة العلمية والتقنية والإبداعية، أن يجرب هذه المرة رجلاً (أسود من الخارج) لعله يكون (أبيض من الداخل)؟.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد