Al Jazirah NewsPaper Monday  17/11/2008 G Issue 13199
الأثنين 19 ذو القعدة 1429   العدد  13199
يارا
الابتعاث
عبد الله بن بخيت

أعلن رائد الحوار والعلم الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله زيادة مكافآت الطلاب المبتعثين إلى الولايات المتحدة 50% لا أشك أن هذه الزيادة سوف تشمل كافة المبتعثين الآخرين. خمسون في المائة مضافة إلى المكافأة القائمة ستكون مبلغاً متوازناً يغطي معظم احتياجات الطلاب دون إسراف وفي الوقت نفسه لن يكسل الطلاب ويقعدهم عن العمل إذا رغبوا في زيادة دخلهم.

سوف نجني ثمار إستراتيجية خادم الحرمين ورؤياه الخلاقة بعد عشرين سنة من الآن، فالملك عبدالله لم يكتف بالابتعاث كما حدث في السابق ولكنه نوع هذا الابتعاث ووزعه على ثقافات العالم بأسره. بهذه البصيرة سنأخذ من تجارب معظم الشعوب التي نتعلم منها دون أن ننتهي أسرى ثقافة واحدة. هذا المزج الثقافي الذي سنكسبه سيولد ثقافة حديثة صلبها الثقافة السعودية الأصيلة. لكن التنوع الثقافي لن نحصل عليه من الابتعاث فقط. اقتصار الطلاب على الدراسة والانعزال بسعوديتهم عن الآخرين لن يحقق الأهداف الحضارية المرجوة من سفرهم. اعتاد السعوديون من مبتعثي الجيل السابق أن يقتصر اختلاطهم وعلاقاتهم على بعضهم بعضا فعاد معظمهم أشد محلية منه قبل أن يسافر. حتى أن بعضهم عاد معادياً للبلد التي درس فيه. صحيح الظروف الآن اختلفت. لن يلاحقهم أعضاء الأحزاب العربية الثورية أو الدعاة الدينيون المتجولون الذين ورطوهم في مستنقعات سياسية وأيدلوجية، خاصة إذا سلم جيل المبتعثين الجديد من الدعاة المتخفين في ملابس حكومية رسمية (مناصحة كذا ولجنة كذا فهؤلاء أخطر من ابن لادن عليهم). علينا دائماً أن نتأكد أن هؤلاء الشباب لم يذهبوا هناك ليعودوا ببضاعتنا وإنما ببضاعة جديدة. يفترض أن نشجعهم على الانخراط في مجتمعات البلدان التي يتعلمون فيها وأن يأخذوا عنهم. لزيادة الجرعة الثقافية والانفتاح على العالم الذي ذهبوا إليه يجب تشجيعهم على الاختلاط الجاد بالمجتمعات التي يعيشون فيها والتعرف على طرائق الحياة بكل السبل وأهمها العمل وكسب العيش.. العودة بتخصص فيزياء أو كيمياء لن يضيف قيمة جديدة للثقافة والحضارة. علينا أن نقرأ مشاكلنا التي نعاني منها وأن يكون دور هؤلاء الطلبة استيراد حلول لها أو على الأقل العودة بدون هذه المشاكل. انخراط الطلبة المبتعثين في حياة العمل هناك سوف يسهم في نقل التجربة الإنسانية. إن ما نشاهده من تقدم تقني وصناعي واقتصادي في كثير من الدول هو في الواقع يعكس قيماً معينة تعيشها تلك المجتمعات علينا أن نحرص أن تأتي هذه القيم مع الفيزياء والكيمياء. لن نمتص هذه القيم إلا بالاختلاط المباشر مع تلك المجتمعات والتعلم من الحياة اليومية. أفضل طريقة للزج بشبابنا في هذه المغامرة البناءة أن ينخرط الطالب في العمل، أن يكون منتجاً في ظروف مختلفة وغريبة. يجب أن يكون المنتج النهائي إنسانا يعيش محلياً ويفكر عالمياً.



yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد