Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/11/2008 G Issue 13201
الاربعاء 21 ذو القعدة 1429   العدد  13201
أضواء
القرصنة وباء آخر يضرب العالم
جاسر عبدالعزيز الجاسر

ما كنا قد حذرنا منه، وما حذرت منه الدول التي لها سواحل وموانئ على البحر الأحمر، من خطورة القرصنة التي يقوم بها القراصنة الصوماليون وتهديدهم للتجارة البحرية الدولية وتعطيل عمليات النقل البحري قد حصل بل وازداد خطورة ليس فقط في البحر الأحمر، وبالتالي تعطيل مجريين دوليين (قناة السويس وباب المندب) مما يضيف أعباء اقتصادية وتشغيلية تؤدي إلى رفع تكاليف النقل والسلع؛ فتعطيل ممر البحر الأحمر ووقف العمل بقناة السويس وباب المندب سيجبر السفن التجارية على الالتفاف حول الطرف الجنوبي للقارة الإفريقية صوب ممر رأس الرجاء الصالح والتوجه إلى أوروبا أو قطع المحيط الأطلسي للذهاب إلى أمريكا.

والآن وبعد اتساع نطاق عمل قراصنة الصومال ليشمل بحر العرب والسواحل الشرقية للقارة الإفريقية، يصبح هذا التحذير (غير كامل) لأن خطر القراصنة أصبح شاملاً ولا يقتصر على البحر الأحمر بل اتسع ليشمل بحر العرب والسواحل الإفريقية الشرقية مما يهدد خطوط التجارة البحرية الدولية التي تربط دول الخليج العربي ودول شرق آسيا والهند وباكستان وغيرها من الدول الآسيوية بالدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية ودول القارتين الأمريكتين الشمالية والجنوبية أي تهديد شامل لشريان التجارة وقطع للخطوط البحرية الدولية. ويتحول إجرام القراصنة إلى وباء خطير شبيه بوباء الإرهاب.

قراصنة الصومال أضافوا لأعمالهم الإجرامية الاستيلاء على ناقلة النفط السعودية العملاقة (سيريوس ستار)، وهذه العملية تؤكد مضامين وتؤشر لأبعاد خطيرة وتطورات جداً سلبية في أعمال القراصنة.. فبالإضافة إلى (ضخامة) الهدف، فالناقلة السعودية تعد أكبر سفينة تم الاستيلاء عليها من قبل القراصنة، فهي تماثل ثلاثة أضعاف حاملة طائرات أمريكية وكانت تحمل عند الاستيلاء عليها مليوني برميل نفط قيمتها تزيد على المئة مليون دولار، والأهم من كل هذا أن الناقلة تم الاستيلاء عليها في منطقة بحرية بعيدة عن المناطق المعتادة التي كان القراصنة الصوماليون ينشطون فيها ويمارسون أعمالهم الإجرامية في نطاقها عند خليج عدن وأمام مدخل البحر الأحمر، فهذه المرة تم الاستيلاء على ناقلة النفط السعودية في وسط المحيط الهندي عند الحواف الجنوبية الغربية لبحر العرب حيث كانت ناقلة النفط تبحر متجهة نحو جنوب القارة الإفريقية ويعني هذا في الحسابات البحرية بأن الناقلة (سيريوس ستار) قد خطفت على بعد 450 ميلاً بحرياً جنوب شرق ميناء مومباسا الكيني على مبعدة من خليج عدن الذي كان مسرحاً لعمليات القرصنة الصومالية.

هذا التوسع في عمليات القراصنة سواء في استهداف ناقلات النفط والتعرض لسفن كبيرة، والتوغل أبعد عن مواقعهم صوب مياه المحيط، يكشف عن توسع وتطوير أعمال القرصنة وزيادة خطورتها، ويشير إلى أن القراصنة يجدون تعاوناً أو حصلوا على شركاء من خارج أطراف الحرب الأهلية الصومالية؛ فالتوغل ولمسافات بعيدة داخل المحيط الهندي وزيادة مساحات التحرك على طول الساحل الإفريقي الشرقي يكشف عن حصول القراصنة الصوماليين على زوارق سريعة وأنهم قد زادوا من تسلحهم، وحصلوا على مساعدة جهات أخرى تدعمهم وتساعدهم على القيام بمثل هذه العمليات التي تبتعد عن الصومال، والتي يسعى القراصنة إلى زيادة غلتهم من (الأتاوي) و(الفديات) التي حتماً ستتضاعف عندما يتعلق الأمر بخطف ناقلات نفط وسفن تحمل دبابات كناقلة النفط السعودية والسفينة الأوكرانية.

هذا التصعيد الخطير لأعمال القراصنة الصوماليين يفرض تحركاً سريعاً ليس فقط من دول البحر الأحمر المتضررة الأكثر بل يفرض أيضاً على دول الساحل الإفريقي والدول الكبرى التحرك لمواجهة هذه الأعمال التي تهدد التجارة الدولية والطرق البحرية الدولية.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد