Al Jazirah NewsPaper Monday  24/11/2008 G Issue 13206
الأثنين 26 ذو القعدة 1429   العدد  13206

الحبر الأخضر
أوقد سيجارة تقتل فلسطينياً.. ودخن بكت تحرق عائلة!!
أ. د. عثمان بن صالح العامر

 

أعتقد أن من أصعب الأشياء وقعاً على الإنسان أن يكتشف يوما ما أنه وظف توظيفاً مشيناً وهو لايعلم، وظف إما لتسويق أفكار يجهلها أو أنه يعلمها ولكنه لا يؤمن بها لا من قريب ولا من بعيد، وظف لتنفيذ مخططات وتحقيق أهداف تتناقض مع قناعاته ومسلماته التي تربى عليها، أو أنه وظف لخدمة أشخاص أو أحزاب أو حركات واتجاهات لا يهمه أمرها أو أنه لا يعرفها أصلاً.....

.... ولا يمكن أن يقدم خدماتها لها لو علم حقيقتها، والأشد من ذلك والأنكى أن تكون هناك رابطة دين أو نسب أو أرض أو لغة أو تاريخ مشترك أو مصالح جماعية أو... ما بين الموظف عن جهل وغباء والمستهدف أياً كان هذا الإنسان وفي أي مكان أو زمان عاش، والغبن كل الغبن ومنتهى القهر حين يكون الموِظف عدواً والمستهدف أخاً والوسيلة ضارة ومستقبحة والحالة حالة حرب وقتال ومنذ زمن ليس بالقصير!!، أقول هذا وأنا أعيد التفكير فيما كتبه الكاتب المعروف سعد الدوسري في زاويته (باتجاه الأبيض) يوم الخميس الماضي، أرقام مخيفة ونتيجة خطيرة (9.6 مليون دولار من مشتريات المسلمين السجائر تذهب يومياً إلى إسرائيل، وذلك لأن عدد المدخنين المسلمين 400 مليون مدخن من 1,15 بليون مدخن في العالم، وأكبر شركة منتجة للسجائر في العالم هي شركة (فيليب موريس) وتتبرع هذه الشركة اليهودية بـ12% من أرباحها لإسرائيل، ومجموع ما يدفعه المدخنون المسلمون لشراء السجائر من هذه الشركة تحديداً 800 مليون دولار يومياً، ومعدل هامش الربح 10% بمعنى أن معدل ما تربحه الشركة يومياً 80 مليونا و12% منها 9.6%) مأساة ومصيبة، صدقوني أنها مأساة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ولو قيل لك أيها الأخ المسلم المدخن: قف مع اليهود في صف واحد ضد الفلسطينيين، واشترك في هدم هذا البيت أو تلك الخيمة، وتعاون مع من تقول صباح مساء إنهم أعداء لك في أسر وتعذيب وقتل هذا الرجل أو تلك المرأة أو ذلك الطفل، لو قيل لك ذلك واثق كل الثقة أنك ستصيح بأعلى صوتك لا وألف لا، مستحيل أن يكون ذلك مني، والغريب أنك اليوم تفعل كل هذا بطواعية متناهية ورغبة جامحة وأعتقد أنه - وقد بلغت هذه المعلومة بكل تفاصيلها والناشر كما يقول الأستاذ سعد الدوسري (إحدى الجهات المختصة) - أعتقد أنه لا منزع لعذر ولا مكان لتسويف.. نعم قد يشكك البعض في الأرقام، لا يهم المهم أنها تعطينا مؤشرا خطيرا يجب أن نعيه وليكن ريال واحد، علاوة على ما في التدخين من محاذير شرعية وطبية واجتماعية أكثر من يذكرنا بها ويحفظها عن ظهر غيب هم المدخنون.. ومن باب الشي بالشي يذكر، ذكرتني حال اليهود والسجائر بأبيات في قصيدة (الأرض القفر) للشاعر (ل ت. س. اليوت، يقول فيها:

(على رمال ماركيت، استطيع أن أربط

اللاشيء باللاشيء

الأظافر المحطمة للأيدي القذرة....)

ولأن التداعيات تتواتر والحديث عن اليهود أسوق في هذا المقام خبر جاء في نفس عدد الرياض الخميس الماضي، وعلى وجه التحديد في الصفحة الأولى (الطبعة الأولى) وتحت عنوان (طلاب بريطانيون يقاطعون محاضرة بيريز بجامعة أكسفورد: أنت مجرم حرب.. وعليك أن تخجل من نفسك) تفاصيل الخبر يمكن أن يرجع لها في المصدر المشار إليه، ولكن الشاهد أن أحد الطلبة الموجدين في القاعة قاطع رئيس الكيان الإسرائيلي قائلاً: (إنني هنا بالنيابة عن مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة تقصفهم إسرائيل كل يوم، إنني هنا بالنيابة عن 11 ألف أسير فلسطيني، إنني هنا بالنيابة عن 800 ألف لاجئ نزحوا عن ديارهم، إنك مجرم حرب ولا بد أن تخجل من نفسك) ماذا تتوقعون الرد؟، اسمعوا (...إلا أن بيريز - كما نقلت د. ب. أ من تل أبيب!! - لم يفقد أعصابه ورد قائلاً: (لنا الحق في الحياة، ولا نحتاج لإذنكم)

ويقضى الأمر حين تغيب تيم

ولا يستأمرون وهم شهود

سبحان الله هؤلاء هم من قال الله عنهم (...لا يقاتلونكم إلا من وراء جدر...) سواء أكانت جدرا مادية أم معنوية المهم أنهم لا يستطيعون المواجهة بأنفسهم، هؤلاء هم من يقولون لنا هذه العبارة اليوم وربما قالوا أشد منها!! إنهم عبر التاريخ يبحثون عن القوي ويتحالفون معه وهو لهم بمثابة الجادر التي يختبئون خلفه، بريطانيا حين كانت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس ثم الولايات المتحدة الأمريكية اليوم بل إنهم وضعوا أيديهم بيد ألد أعدائهم في قاموسهم السياسي عبر التاريخ (محمد صلى الله عليه وسلم) حين كان قوياً في المدينة، ولما تجمعت الأحزاب عليه وشعروا بقرب النهاية له ولمن معه نقض بنو قريضة العهد ورفضوا الإذعان وردوا مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقبح عبارة!! وأهلك الله الأحزاب وأمر محمد صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى بني قريضة وألا ينفض عنه غبار المعركة، وبالفعل جاء التوجيه النبوي للصحابة (ألاّ يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريضة) والحديث في هذا يطول، ولكن من المواقف التي تستحق التأمل في هذا المقام أنه أتي بحيي بن أخطب وعليه حلة قد شققها من كل ناحية لئلا يُسلبها. مجموعة يداه إلى عنقه بحبل. فلما نظر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال: (أما واللّه ما لمت نفسي في عداوتك. ولكنه من يخذل اللّه يخذل) ثم أقبل على الناس. فقال: أيها الناس لا بأس بأمر اللّه. كتاب اللّه وقدره وملحمة قد كتبت على بني إسرائيل). ثم جلس فضربت عنقه، قد تعجبون أنا أحد طلاب الدراسات العليا العرب، قبل سنوات تقارب العشرين كان يدرس في بريطانيا وهو متخصص في الفيزياء والمشرف عليه يهودي يقول هذا الطالب سألني أستاذي عن يهود بني قريضة!! وطلب مني كتابة نبذة عنهم، وقال لي حين شارفت على المناقشة: (إن بيننا وبينكم ملحمة لم تنتهِ بعد) يقصد كلام حيي بن أخطب!! إننا بحاجة إلى معرفة كيف يخطط هؤلاء وكيف يتم توظيفنا لتقديم كل ما نملك للوصول إلى ما يريدون، إننا بحاجة للعمل الجاد من أجل تصحيح المسار.. لنعمل في خندق أهل الإسلام ولنقف مع إخواننا الفلسطينيين المضطهدين بل أن نكون عنوانا للشيطان عليهم، وليكن الشعار (ادفع ريالاً تنقذ فلسطينيين) بدل تقتل.. أو تحرق.. الواردة في العنوان، وإن لم يكن لا هذا ولا ذاك في دائرة المستطاع لأي سبب من الأسباب فعليك بدعاء الحي القيوم أن يحرر المسجد الأقصى ويجمع الكلمة ويوحد الصف ويحقق النصر المتين,, آمين

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6371 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد