Al Jazirah NewsPaper Monday  24/11/2008 G Issue 13206
الأثنين 26 ذو القعدة 1429   العدد  13206
ربيع الكلمة
لعبة الاستغفال.. هل تجيدها؟
لبنى عصام الخميس

أكتب هذا المقال وأنا في حالة ذهول واستغراب من القدرة العجيبة لدى بعض الشركات والمؤسسات والمحال التجارية على استغلال واستغفال العملاء والزبائن بضمير مطمئن ومرتاح وكأنهم مجموعة من السذج الحمقى!!.. اعتدنا كثيراً على الصمت السلبي وأضحت فكرة الشكوى والانتقاد صعبة وثقيلة وبلا جدوى! وكما قال نابليون: (إذا كفت الشعوب عن الشكوى، فإنها كفت عن التفكير) وأخشى أن التفكير والتحليل والانتقاد أصبح مهمة صعبة ومرهقة بالنسبة لنا.

الجميع سمع عن عروض بعض الشركات، هو أنها ستحسب عليك الخمس دقائق الأولى -فقط- والدقائق أو الساعات القادمة مجاناً، في الوهلة الأولى تبدو العروض قوية وجذابة ومغرية جداً.

ولكن السؤال هل تَصدق هذه العروض وهذه الخدمات؟ الإجابة مع الأسف: (لا).

لأن الشركة ستقطع عليك الاتصال بشكل مفاجئ بعد ساعة أو نصف ساعة أو ربما أقل بحسب رضى الشركة عليك! لتحسب عليك خمس دقائق جديدة حين تعاود الاتصال وتسأل من كنت تحادثه هاتفياً بعفوية مفرطة ماذا حدث؟

الذي حدث عزيزي القارئ أن هناك من يستغفلك ويستخدم الشعارات البراقة والعروض المغرية لاستدراجك وسحب أكبر قدر ممكن مما تستطيع تقديمه لهم ليجعل (الحياة أصعب)!

الأمر نفسه في بعض المحلات التجارية حين يعلقون على واجهة المحل لافتة ذات لون فاقع كتب فيها عروض جذابة وأسعار مخفضة وحين تدلف المحل تجد أنه لا يوجد سوى الغش التجاري والاستغفال المؤسف.

تتكرر أيضاً حكاية الاستغفال في متاجر الأغذية الكبرى (السوبر ماركت) حين تجد على رفوف المتجر أغذية منتهية الصلاحية.

التلاعب وصل إلى أروقة المستشفيات الأهلية وخصوصاً حين يعلمون أن لديك تأميناً صحياً فترتفع الأسعار بشكل مفاجئ إلى الضعف.

حكايات الاستغفال كثيرة وفي جعبة كل مواطن سعودي قصة من هذا النوع، لكنها مع الأسف لم تتعدَ حدود مجالس الحريم واستراحات الرجال، ولم تتخذ المسار الصحيح لنشرها ورفض تكرارها.

لا أعرف حقيقة من هو المسؤول عن هذا الغش التجاري العلني واستغفال المواطن جهراً! هل هي وزارة التجارة أو الغرفة التجارية؟ أم هو المواطن الذي يلتزم خيار الصمت دائماً ويتحرج اجتماعياً من المطالبة بحقوقه؟

أخشى ما أخشاه أن تصبح المطالبة بالحق في بلادنا عاراً وعيباً في وقت أنشأت فيه الدول المتقدمة محاكم خاصة لقضايا الغش والتلاعب التجاري والتهاون بعقول الناس وكرامتهم.

هل سمعت بقصة المرأة المسنة التي تقطن إحدى الدول المتقدمة حيث شاهدت إعلاناً لإحدى شركات التجميل الكبرى عن مستحضر تجميلي يعيد الشباب للبشرة فاشترته واستخدمته ولم يعد الشباب لبشرتها كما هو مؤكد في الإعلان فرفعت قضية على الشركة العالمية رافضة مبدأ الاستغلال والاستهانة بعقول النساء اللاهثات وراء هذه المستحضرات.

والجدير بالذكر أنها كسبت القضية وأجبرت الشركة على سحب الإعلان، كما أنها تقاضت تعويضاً يقدر بالملايين، بعد أن وضعت الشركة في موقف محرج أمام عملائها والصحافة والعالم أجمع.

يجب علينا أن ننمي ثقافة النقد البناء والمطالبة الراقية بحقوقنا ولا نعزز الجمل السلبية مثل أن نقول: (لن أغير من واقع الأمر شيئاً، ولن يسمعني أحد) وغيرها من الجمل المثبطة.. أعزائي أدعوكم لنتعاون ونقف بكرامة في وجه هذا الاستغفال البشع وإن كانت محاولتنا متواضعة وأصواتنا منخفضة بجانب ضخامتهم ولكن تذكروا قطرة الماء تشق الصخر لا بقوتها ولكن بتواصل سقوطها.








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد