Al Jazirah NewsPaper Monday  24/11/2008 G Issue 13206
الأثنين 26 ذو القعدة 1429   العدد  13206
مؤكدين أن استمرار الظاهرة يهدد أمن واقتصاد الدول المشاطئة
الخبراء يطالبون باستراتيجية عربية لمواجهة القرصنة

القاهرة مكتب الجزيرة - علي فراج:

أكد خبراء في القانون الدولي وشؤون الملاحة ومحللون سياسيون أن القرصنة في البحر الأحمر قبالة الشواطئ الصومالية باتت خطراً يهدد أمن المنطقة ويعرض الدول المشاطئة للبحر الأحمر لخسائر اقتصادية فادحة، مؤكدين ضرورة التعاون بين الدول المطلة على البحر من أجل إنهاء سيطرة القراصنة على جزء مهم من أحد خطوط الملاحة البحرية الدولية وإعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.

وحذّر الخبراء من أن استمرار موجة القرصنة سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار التأمين على السفن التي تمرّ في المنطقة التي شهدت عملية الاختطاف، والتي يمرّ من خلالها نحو 40 في المئة من الحركة التجارية البحرية العالمية، منها نحو أربعة في المئة من الحاجة العالمية للطاقة، وسط توقع ارتفاع الأسعار في حال غيرت الشركات طرقها البحرية تلافياً للمنطقة.

وأعرب الخبراء عن أملهم في أن يتوصل الاجتماع التشاوري الذي يعقد بالقاهرة اليوم لكبار المسؤولين في الدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر عن وضع إستراتيجية لتنسيق الجهود وآليات التعاون بين هذه الدول من اجل مكافحة ظاهرة القرصنة فيما تباينت آراء الخبراء حول جدوى تشكيل قوة عسكرية بحرية من بعض الدول المطلة على البحر الأحمر لحماية السفن.

من جانبه أكد السفير حسام زكي المتحدث باسم الخارجية المصرية ضرورة تعزيز قدرات وآليات التنسيق بين الدول العربية المطلة على البحر الأحمر للحيلولة دون اتساع رقعة انتشار ظاهرة القرصنة مشيرا إلى أن التداعيات الأمنية والاقتصادية للقراصنة باتت تفرض على الدول العربية المطلة على البحر الأحمر القريبة جغرافيا من تلك المنطقة أن تكثف من آليات التشاور والتنسيق والتعاون من اجل دراسة تلك الظاهرة ومكافحتها.

وأكد اللواء حاتم القاضي رئيس الاتحاد العربي للغرف الملاحية بمصر أن عمليات القرصنة ستؤثر الدول العربية المطلة إذا تركت هذه العصابات دون مواجهة وتدخل من الجهات المعنية، مطالباً بوضع منظومة أمنية بحرية لحماية حركة الملاحة في البحر الأحمر، خاصة أن هناك سفناً محملة بشحنات أسلحة.

وأوضح أن حماية السفن من القرصنة مسؤولية المنظمة البحرية الدولية IMO التابعة للأمم المتحدة، ومطلوب حالياً تفعيلها وعقد اجتماع يتخذ قرارات حاسمة لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة أنها تؤثر على حركة التجارة العالمية ورفض القاضي فكرة تكوين قوة عسكرية بحرية عربية لمواجهة القرصنة على شواطئ البحر الأحمر، معتبراً أن ذلك غير عملي، وأن المنظومة العالمية ممثلة في الأمم المتحدة هي الأقدر عملياً وقانونياً على مواجهة هذه الظاهرة.

فيما طالب إسماعيل مبارك الخبير الدولي في النقل البحري جامعة الدول العربية بالتدخل الفوري لحل هذه المشكلة، وتكوين قوة مشتركة من الدول العربية والأفريقية لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وفي الممرات الملاحية العربية. ولفت إلى أن عدم مواجهة هذه الظاهرة سيؤدي إلى تفاقمها، وستؤثر على الدول القريبة من الأحداث.

وحذّر السفير الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق للشئون القانونية الدولية من خطورة الوضع في البحر الأحمر مشيراً إلى أن استمرار خطر القرصنة قد يعرض البحر الأحمر للتدويل وهو مكمن الخطورة لأن تدويله يهدد الأمن القومي للدول العربية المشاطئة للبحر الأحمر مشدداً على ضرورة وجود إستراتيجية عربية من أجل السيطرة على الأحمر خاصة أنه كان دائما بحيرة عربية لأن الدول العربية هي التي تطل عليه هي: مصر والسودان والسعودية والصومال وجيبوتي ولا يشذ عن ذلك سوى اريتريا وهي أيضا أقرب إلى الثقافة العربية وإلى الحالة العربية مطالبا بعقد مؤتمر إقليمي لمناقشة أمن البحر الأحمر وأوضح الأشعل أن أثر القرصنة على قناة السويس خطر حقيقي يهدد القناة لأن القناة يمر بها كل عام حوالي 30.000 سفينة وهذه السفن تمر حتما عند السواحل الصومالية وتتعرض للقرصنة وعدم تأمين هذه السفن سوف يدفع دول العالم إلى استبدال قناة السويس برأس الرجاء الصالح وإن كان ذلك سوف يرفع نفقات المرور والنقل والشحن والتأمين والاستمرار في استخدام قناة السويس سوف يرفع رسوم التأمين لأن المخاطر أكبر.

ولفت الأشعل إلى أن عدم الاستقرار في الصومال وعدم حل الأزمة الصومالية يعد سبباً مباشراً لتهديد أمن البحر الأحمر وقال: كانت هناك دعوات في الثمانينات لإنشاء منظمة إقليمية في البحر الأحمر من الدول العربية ولكن للأسف تعثرت لعوامل عديدة.

وشدد الأشعل على أن خسائر العرب من القرصنة لن تكون مادية ولكن ربما تكون الخسائر في المستقبل خسائر أمنية بسبب ارتباط الدول الأوروبية التي تسعى إلى تدويل البحر الأحمر بإسرائيل وذلك قد يمكن تل أبيب من التدخل في شؤون البحر الأحمر خصوصا أنها تدعي أنها من الدول المطلة على البحر الأحمر بحكم وجودها على خليج العقبة من خلال ميناء إيلات.

وشدد الدكتور أحمد شوقي الحفني المحلل السياسي على ضرورة وجود تنسيق عربي لإنهاء هذه الظاهرة وإعادة الأمن والاستقرار وقال: إن وجود تنسيق بين الدول العربية سيكون له تأثيره الواضح، للحد من هذه هجمات القراصنة مشيرا إلى أن القرصنة باتت تهدد الدول العربية بخسائر اقتصادية وسياسية خاصة دول مثل مصر، حيث إن ما يحدث في البحر الأحمر يهدد مباشرة أمن قناة السويس وقال: وجود أي خطر سيؤثر على السفن المارة لآسيا والتي تعد من أهم جهات المرور عبر القناة.

وأوضح الدكتور جمال عبد الجواد الخبير بمركز الأهرام الاستراتيجي أنه إذا حدث تهديد للسفن العابرة لقناة السويس سيسبب خسارة كبيرة لمصر، ولأحد مصادر الدخل الأساسية لها، وهو قناة السويس، فتهديد السفن العابرة سيتسبب في تراجع معدلات العبور بالقناة، فضلا عن ارتفاع قيمة التأمين على السفن المارة، وخاصة أن حالات القرصنة ازدادت بمعدل 3 أضعاف عن العام الماضي وبشكل متواتر، مشيرا إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1816 الذي أعدته الولايات المتحدة وفرنسا بإجماع أعضاء المجلس الخمسة عشرة والذي أجاز دخول سفن حربية إلى المياه الإقليمية للصومال، بموافقة حكومتها لمكافحة أعمال القرصنة قد أنقذ عددا من السفن من القراصنة ولكنه لم يعد كافيا لوقف هجماتهم نهائيا فردع عمليات القراصنة أقوى من قدرة أية دولة منفردة، ويحتاج لتعاون من كل الدول الأطراف في المشكلة، فنحن لا نتحدث عن أزمة مع دولة، ولكن عن قراصنة.

وأكد الدكتور نبيل حلمي العميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة الزقازيق أن خطر القرصنة البحرية تضاعف بشكل غير مسبوق وأدى إلى خسائر فادحة لشركات الملاحة مشددا على ضرورة وضع إستراتيجية عربية للقضاء على القرصنة وإعادة الهدوء والاستقرار إلى البحر الأحمر وقال: إن مصر من أكبر الدول التي تؤثر عليها القرصنة حيث إن دخل قناة السويس والاقتصاد المصري سيتأثر سلباً بأزمة القرصنة الصومالية في حين أنها ستعزز من أهمية طريق رأس الرجاء الصالح كممر بحري حيث إن 30% من سفن الدول العربية البترولية تمر عبر البحر الأحمر وقد تتعرض لخطر القرصنة مما يرفع تكاليف التأمين والانتقال وأسعار الثروة السمكية.

من جانبه أوضح الدكتور محمد عبد المنعم عبدالغني - أستاذ القانون الدولي- أن جريمة القرصنة جريمة دولية وليست وطنية ولو ارتكبت في البحر الإقليمي لدولة ما فإنها تهدد الجماعة الدولية وسلوك من شأنه المساس بمصالحهم.

وأضاف أن قانون الأمم المتحدة لأعالي البحار عام 1982 ينص على أن لأي دولة الحق في ضرب أي سفينة قرصنة إذا وجدت في عرض البحر أما إذا حدثت الجريمة في المياه الإقليمية لدولة ما فعلى هذه الدولة تحمل المسئولية وتولي الحساب والعقاب ويرى عبد الغني أن الحل هو المصالحة الصومالية.

وأرجع الدكتور محمد شوقي مدير مركز القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة أزمة القرصنة إلى غياب العدالة الدولية الغائبة وقال: إنها سبب أصيل لأزمة القراصنة فهشاشة الوضع في الصومال وعدم وجود اتجاه عربي أو أفريقي أو عالمي لحل مشكلة القراصنة سوف يفاقم الأزمة والحل الأن بات ضروريا وعلى الدول المشاطئة للبحر الأحمر التدخل بكل ثقلها لإنهاء هذه الظاهرة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد