إنّ المصائب التي تمر بالمسلم في الحياة الدنيا تذكره بسرعة الأجل وسرعة انقضاء الحياة الدنيا فما أقرب الدنيا من الآخرة وإن أعظم المصائب وأشدها وقعاً على القلب موت الفجأة خاصة إن كان المتوفى أخاً محباً في ريعان شبابه قد تحلى بصفات عزيزة أمثال الشاب الصالح بدر بن محمد المحمود - رحمه الله - الذي وافته المنية في حادث سير وهو راجع إلى أهله في مدينة الرياض ليلة عيد الفطر المبارك بعد قضائه العشر الأواخر في مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم فوفاة شخص مثل هذا الشاب مصاب جلل وفجيعة لما يتمتع به هذا الشاب الصالح من سمات فريدة قلّ أن توجد عند شابٍ كهذا الشاب رحمه الله فهو قدوة ومثلا للشاب الصالح الذي لم يُعرف له صبوة وميل للباطل منذ صغره فالملاءة العلمية والذكاء المتوقع حيث زاملت هذا الشاب الصالح على مقاعد الدراسة في المعهد العالي للقضاء فكان متميزاً في طرحه وحديثه إذا تحدث فإنه لا ينطق إلا بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

كثيراً ما تسمعه ينقل عن العلماء الربانيين الراسخين في العلم لكثرة مجالسته وثنيه الركب ورحلته في الطلب واقتدائه بأولئك العلماء حتى تميز في كثير من الفنون الشرعية.

كان رحمه الله عالياً في أخلاقه قد اكتسب من الأخلاق أنفسها وأحسنها، طلق الوجه دائم البشاشة تراه دائماً مبتسماً لا تعرف العبوسة إلى وجهه طريقاً، طيب السريرة قد نقى سريرة قلبه من الأحقاد والضغائن لا يحمل في قلبه حسداً ولا حقداً على أحدٍ من إخوانه المسلمين فعند مجالستك له لا تمل حديثه رحمه الله لما ينطق به من الدرر والحكم، ودائماً ما تجد أقرانه وزملاءه حوله يتدارسون معه الحديث والعلم، وكثيراً ما يُكلف من قبل الأساتذة ببحث المسائل العلمية لما حباه الله من الاطلاع الواسع.

لذلك كان يُتسم فيه مستقبلا زاهراً بالعلم والدعوة لكن قضاء الله وقدره فوق كل شيء، وقد منحه الله محبة في قلوب عباده فمن سمع عنه ونظر في سيرته أحبه ولو لم يره رحمه الله وإن مما يخفف مصابنا ويقوي عزاءنا بوفاة هذا الشاب الصالح أن وفاته كانت وهو خارج في سبيل الله ونحسبه والله حسيبه أن الله قد وفقه لعملٍ صالحٍ قبل موته، والمؤمن يستريح من نصب الدنيا وعناها وما أعد الله له خير وأبقى، لكنّ القلب يحزن والعين تدمع وإنا على فراقك يا بدر لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا.

نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله الصبر ويعوضهم خيراً.