Al Jazirah NewsPaper Thursday  11/12/2008 G Issue 13223
الخميس 13 ذو الحجة 1429   العدد  13223
حوار الأمة مع نفسها

(الفرقة والجهل والغلو عقبات تهدد آمال المسلمين).. هذه العبارة أوردها خادم الحرمين الشريفين في خطابه في حفل الاستقبال السنوي للشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام.

وهي عبارة تلخص بوضوح ودقة أزمة الأمة الإسلامية اليوم. وفي مقابل هذه العقبات الثلاث يضع المليك أمام ضيوفه وأمام المسلمين عامة الحل الأنسب لهذه الأزمة بقوله: (وهذا ما يجعل حوار الأمة مع نفسها ضرورة لوحدة المواقف وتعزيز الاعتدال والوسطية وإزالة أسباب النزاع والقضاء على التطرف).

وعند النظر إلى هذه العقبات فإنه يتجلى للناظر المتمعن أنها عقبات متداخلة، وتسفر كل واحدة منها عن الأخرى. فالجهل طريق إلى الغلو، كما إن الغلو يتسبب في الفرقة، في حين أن الفرقة مناخ ملائم للغلو، وهكذا نجد أنفسنا أمام أمراض متداخلة ومتشابكة لا يمكن علاج أحدها دون الآخر.

فلا يمكن علاج الغلو على سبيل المثال دون القضاء على الجهل، ولا يمكن علاج الفرقة وتحقيق الوحدة بين المسلمين دون اقتلاع الغلو من جذوره أو الحد منه على أقل تقدير.

إذن نحن أمام مشكلة مركبة، وهي بحاجة إلى حل جذري، وليس إلى مهدئات مؤقتة.

وهذا الحل يتمثل كما قال المليك في فتح أبواب الحوار بين المسلمين وعلى مختلف المستويات. فكثير من النزاعات بين الدول الإسلامية أو بين الطوائف والفرق داخل الدول ينتج عن القطيعة وسوء الظن وتبادل الاتهامات، في حين أن الحوار البناء سيقطع كل سبيل نحو النزاع، وسيبني جسور التفاهم وتصحيح كثير من التعميمات الخاطئة.

كما أن الحوار سيجعل مساحة الجهل تنكفئ، لأن الناس أعداء ما جهلوا. وكلما صححت المفاهيم المغلوطة غلبت الوسطية على الغلو، لأن الغلو نابع من الفهم الخاطئ للإسلام، الدين الذي يدعو إلى السماحة.

إن هذا الحل المتمثل في حوار الأمة مع نفسها لا يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها، وإنما هو بحاجة إلى إشاعة ثقافة الحوار بين المسلمين في مختلف دول العالم الإسلامي، وهذا أمر يحتاج إلى تكاتف قطاعات عديدة تبدأ من قمة الهرم السياسي وبمشاركة مؤسسات التعليم والإعلام والمؤسسات الدينية.

وإن كانت نتائج هذه الجهود ستتطلب سنوات لتؤتي أكلها، فإن ثمارها ستعود بإذن الله على الأمة الإسلامية بالخير الكثير، كما أن الأمة الإسلامية لن تنهض من كبوتها وأزمتها حتى تتغير من الداخل نحو الأفضل ووفق ما أمر الله تعالى.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد