Al Jazirah NewsPaper Friday  12/12/2008 G Issue 13224
الجمعة 14 ذو الحجة 1429   العدد  13224
رياض الفكر
NEW LOOK
سلمان بن محمد العُمري

منذ مدة ليست يسيرة اعتدت أن أصحب معي إلى صالون الحلاقة كتاباً لقراءته، أو مجلة، واتعمد أن أتركها فيما بعد في الصالون ليستفيد منها غيري بدلاً من رميها، وسبب أخذي للكتاب أو المجلة لتمضية الوقت الذي أنتظر فيه دوري، وكان وقت الانتظار في بعض الأحيان لا يزيد على نصف ساعة، وأما في الأوقات الأخيرة فقد يزيد على الساعة والنصف، والسبب بعض الزبائن الذين لم تعد تكفيهم النصف ساعة ولا الساعة بين يدي الحلاق، عفواً (المزين)، فهم لم يقتصروا على حلاقة الوجه أو الرأس، بل شمل ذلك أموراً أخرى ك(الفرد)، و(الميك أب)، و(الصبغ)... الخ، مما لا يمكن حصره!!

وكنت أعتقد أن هذا الأمر قاصر على الشباب فقط، حتى استمعت إلى حديث لاستشاري متخصص يقول: إن نسبة المراجعين من الرجال لعيادات التجميل قد زادت على (35%)، ولم يترك لي مجالاً للسؤال عن نوعية المراجعين، وطبيعة ما يرغبون في إضافته أو إزالته، فقال لي: كان المراجعون في السابق تقتصر مراجعتهم على زراعة الشعر، ولكن الأمر تعدى إلى أمور أخرى، كالتحديد بالليزر، وإزالة الشعر، وكذلك حقن البوتكس، وشد الوجه، وتحديد الذقن، وغيرها.

عندها تذكرت شيخنا الفاضل عبد العزيز السلمان - رحمه الله - المدرس في معهد إمام الدعوة العلمي، وصاحب المؤلفات المشهورة، ومنها الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية، أقول تذكرته وتذكرت نقده اللاذع الساخر الظريف لبعض الطلاب حينما يرى بعض الشباب وقد ظهرت منهم بعض التصرفات غير المعهودة، فقد قال مرة لشاب حلق وجهه بالكامل: (ما الذي جاء برئتك إلى وجهك)، وقال لآخر قد أسبل ثيابه: (ما المبلغ الذي تصرفه البلدية لك جراء تنظيفك للشارع بثوبك)!

وليته اليوم يرى الشباب وهم يزاحمون النساء لدى عيادات التجميل في الداخل والخارج، ويعتنون بمظهرهم وليس بمخبرهم!! وأما لو رأى غيرهم من كبار السن، فلا أظن أنه سيقول شيئاً، ولن يحوقل أو يستغفر، بل ستقوده الصدمة إلى السكوت، وإلا من يتصور أن نرى أو نسمع عن لجوء الرجال في يوم من الأيام إلى استخدام ملمع الوجه، وزيوت وبخاخات مثبت الشعر، والأصباغ المشقرة والملونة لخصلات الشعر، ولذا فلا تعجب عندما تشاهد كريمات خاصة بالرجال كما هو الحال للنساء، وعلى غرار العطورات، ولا يقتصر الأمر على الأشياء الكمالية في العطورات والمزينات، بل تعدى الأمر إلى الملبس، فالثياب أصبحت تفصل بطريقة (المخصر) للرجال، كحال الثوب النسائي، ودخلت الألوان المزركشة للثوب السعودي، بل إنني فوجئت أن المشلح رمز التراث والأصالة قد طالته يد الموضة، فهناك (دقة) تسمى (دقة فيرزاتشي) التي عهدناها في القلائد والأساور، ها هي اليوم تطل على المشالح، وأما الملابس الجاهزة من القمصان و(البنطال) فحدث ولا حرج، ففيها العجب العجاب من الألوان والكتابات والأشكال ما يمكن أن تستحي المرأة العاقلة عن لبسه، فضلاً عن الرجال!

لست ضد الجمال، ولست ضد التزين، فديننا دين النظافة والتطيب، ونهينا عن التشبه باليهود والنصارى، وسن لنا الاغتسال والتطيب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء)، وقال ابن عباس: (إنني أحب أن أتزين إلى زوجتي كما تتزين لي)، ولكن أن يتجاوز الأمر حده ويصل لكبار السن، ويخرج عن نطاق المعقول، إلى أن تتحول صالونات الحلاقة وكأنها محلات تصفيف الشعر النسائية (الكوافير) فليس على الشباب (شرهة) أو ملامة حينما نراهم يتابعون الموضات والاهتمام بال(فاشن) وال(نيولوك).. ولا حول ولا قوة إلا بالله.



alomari1420@yahoo.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5891 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد