Al Jazirah NewsPaper Friday  12/12/2008 G Issue 13224
الجمعة 14 ذو الحجة 1429   العدد  13224
وقفات مع دور الحج في تصحيح المفاهيم المثيرة للفتن
د. إبراهيم بن ناصر الحمود(*)

الحج مدرسة إيمانية وأخلاقية، يتعلم فيها المسلم عدداً من المفاهيم الصحيحة ومن أهم الوسائل التي يمكن من خلالها تصحيح تلك المفاهيم التعرف على مقاصد الحج الشرعية، فالحج ليس أداء فريضة فحسب بل له من الحكم والمقاصد ما يعالج كثيراً من أسباب الخلاف والشقاق بين المسلحين ومن تلك الوسائل والمقاصد ما يلي:

1- عالمية الحج: فهو مؤتمر عالمي يستقبل المسلمين من كافة أنحاء العالم وهم فيه سواء مهما اختلفت بلادهم وجنسياتهم ولغاتهم فهو يعمل على توحيد المسلمين نحو هدف واحد، وحدة الشكل في اللباس ووحدة المضمون في الهدف والمقاصد، وهذا يجسد معنى الأخوة في الله بين أبناء المسلمين، ويدعو إلى الألفة والائتلاف ونبذ الفرقة والخلاف، فكل حاج يكون سفيراً إلى بلده لينقل لأهله وذويه ما شاهده وسمعه من ترابط المسلمين وتآلفهم في تلك المشاعر المقدسة ويعطي صورة واضحة من صور سماحة الإسلام، وأن الخير كل الخير في التمسك بتعاليم هذا الدين واجتماع الكلمة.

2- تحقيق مبدأ النصيحة في الدين: فإن الحاج قد يجهل بعض أحكام الحج ويقع في الخطأ مما يستوجب على أخيه المسلم النصح له وتصحيح خطئه ورده إلى الصواب وهذا له دور كبير في تصحيح الدين في أقوال وأفعال كثير من الحجاج خصوصاً القادمين من خارج المملكة الذين هم أحوج ما يكونوا إلى التعريف بأحكام الحج، فيكون النصح لكل مسلم رسالة عاجلة من المسلم لأخيه من أجل تصحيح مفاهيمه الخاطئة.

3- البعد عن مواطن الرفث والفسق والجدال: وهذا بحد ذاته يحقق أواصر الألفة بين الحجاج، ويقطع دابر الفتنة لأن الفتن إنما تنشأ غالباً من النزاع والشقاق، وهذا أمر مرفوض تماماً في موسم الحج لأنه ينقص من الأجر، والله تعالى يقول: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ومتى خلي الحج من هذه الأمور فهو الحج المبرور.

4- الإيثار: وهذه وسيلة عالية المنال غالية الثمن {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}, ومتى تحققت هذه الوسيلة بين الحجاج كان لها أثر في صفاء النفوس وسلامة الصدور هذا من أهم الوسائل الكفيلة بإغلاق باب الفتنة بين المسلمين أو إشاعة الخلاف بينهم.

5- المنافع المادية والمعنوية: فالحج عامر بالمنافع التي تعود على الحاج بالمصلحة في دينه ودنياه من خلال تنظيم شعائر الله التي هي من تقوى القلوب. ومن تعظيم شعائر الله، الإخلاص لله وإقامة ذكر الله في تلك المشاعر وهذا يشغل النفوس عن سفاسف الأمور، ويطهر القلوب من الغل والحق والحسد مما يقطع دابر الفتنة ويوحد الكلمة ويحقق الألفة والمحبة. وهذا ما ذكره الله في قوله: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ...} الآية.

هذه المقاصد والمعاني السامية التي يعيشها الحجاج في موسم الحج: هي من أهم الوسائل لوحدة المسلمين وترابطهم، وأهم ما يمكن تصديره من بلاد الحرمين إلى دول العالم الإسلامي فلله الحمد والمنة.

(*) أستاذ مشارك في المعهد العالي للقضاء



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد