Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/12/2008 G Issue 13230
الخميس 20 ذو الحجة 1429   العدد  13230

مسألة فيها نظر!
منيف خضير

 

نكتة تقول: إن أحد الزعماء النافذين في العالم دعا زعيما آخر على الغداء، وبعد الغداء خرجا للصحفيين للإدلاء بتصريح صحفي سألهم أحد الصحفيين:

ما هي القرارات التي اتخذتموها أثناء اجتماعكم..؟؟

قال الزعيم: قررنا أن نقتل 20 مليون (مسلم) ودكتور أسنان واحد.

اندهش الصحفيون طبعاً ونظروا إلى بعضهم بعضا، فقال أحد الصحفيين للزعيم:

ولماذا طبيب أسنان واحد؟

تبسم الزعيم ثم مال على ضيفه وهمس في أذنه:

ألم أقل لك أن أحداً لن يهتم للـ20 مليون مسلم؟

من المؤكد أنكم - مثلي - انشغلتم بالطبيب الواحد ونسيتم الـ20 مليون مسلم عند قراءتكم لهذه الحقيقة (قصدي النكتة)!

لا تنزعجوا هذا هو حال الكثير منا، أصبح يستمع إلى خبر مقتل الملايين من الأطفال والنساء والشيوخ هنا وهناك دون أن يحرك هذا الخبر في نفوسنا شيئاً، أتساءل وأنا أطالع صورة لجنود أمريكيين يتخذون جامعاً مكاناً لاستراحتهم من إحدى الغارات الحربية على بغداد (وهذه الصورة نشرتها معظم صحفنا المحلية)، أتساءل:

ماذا لو نشرت ذات الصورة قبل عشرين عاماً، كيف سيكون شعورنا؟

لا أدري من نزع الشفقة من صدورنا؟

لماذا أصبحنا متبلدين؟

لماذا لا نشعر بمن حولنا؟

فعلاً:

عيد بأي حال عدت يا عيد

بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟

ورغم قدم هذا البيت تماماً كقدم النكتة التي أوردتها في بداية المقال (وهي مقتبسة من أحد مواقع الانترنت) إلا إن القديم يتجدد، والحال كما هي وقد أبدع قائل هذا البيت الشعري (المتنبي) في البقاء بيننا بعرض قضايانا منذ مئات السنين، والتاريخ يعيد نفسه للأسف دون أن تلوح في الأفق بوادر حراك!

هل سمعتم بأطفال المايقوما بالسودان، وهل نفكر بأطفال غزة أم بأطفال العراق؟

تقول أكثر التقارير العربية تفاؤلاً أن ثمة 25مليون طفل عربي ضحية للاحتلال والنزاعات، وفي تقرير مشترك لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) والجامعة العربية - صدر مؤخراً - أن أكثر من عشرة ملايين طفل خارج المدرسة في العالم العربي...

في الوقت الذي تنهال فيه ملايين الأسر العربية والخليجية تحديداً على محلات المكتبات والقرطاسيات لشراء مستلزمات المدرسة، فيما لم نسمع مثلاً أن رجل أعمال عربيا تكفل بمستلزمات أطفال المسلمين المشردين، وهم بالمناسبة لا يبحثون عن الدفاتر الفاخرة والمساطر والأقلام الملونة، هم في أحسن حالاتهم يبحثون عن الحليب المجفف والدواء!

والقائمة - بالطبع - تطول وتطال الجوانب الصحية والأمنية والاجتماعية، ولا أريد أن أكدر عليكم فرحة ما بقي من العيد فقط أردت أن أذكركم بما قاله الشاعر الفرنسي فيكتور هوجو:

قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر

وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

mk4004@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد