Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/12/2008 G Issue 13230
الخميس 20 ذو الحجة 1429   العدد  13230
افعل كما يفعل القمر!!
نادر بن سالم الكلباني

القمر كوكب جامد لا حياة فيه ولا ماء ولا خضرة، يسكنه الصمت، وتستوطنه الوحدة، ووجه القمر ما هو إلا مجموعة حجارة لا جمال فيها ولا روح، لكنه على الرغم من هذا استطاع أن ينقش في نفوسنا مكانته الخاصة جداً، ويفرض علينا ألا نرى فيه غير الجمال وهو يمس بما يرسله لنا من نور شغاف قلوبنا وراحة أرواحنا ليبقى دائماً عنواناً تستثار به مشاعرنا، ووصفاً معبراً عن كل ما هو جميل تقف عنده عباراتنا وكلماتنا، هذا القمر الجامد، غرس في عقولنا رسمه كأحد أهم أصول الجمال في حياتنا، واستطاع أن يقنعنا بأن نراه حياً يشاطرنا مشاعرنا ويرجع صداها لنا، نبتهج بهلول هلاله ونسمر على اكتمال بدره وترنو إليه أبصارنا عندما تهيم نفوسنا في فضاء مشاعرها.

ما الذي يجعلنا نضع القمر في نفوسنا في هذه المكانة ونحن نعلم عنه ما نعلم بأنه ليس إلا عاكسا لضوء غيره، ولولا هذا لما رأينا القمر أصلاً ولما تكلمنا عن جماله ووصفنا من نحب به؟

سؤال جوابه أن القمر أفطن من كثيرين منا، فقد استلهم حقيقته، وفهم أنه إن بقي دون نور شمس يصاحبه ويعكسه لغيره لن يكون شيئاً مذكوراً، وستظهر قسوة وجهه، وسيفضح الظلام ما خفي من عيوبه، فصاحب نور الشمس ليضيء نفسه وليخفي به كل عيوبه وليكون لكل من يراه جميلاً.

وهذا ما علينا فعله، أن نبحث عن نور نصاحبه ونلزمه، ونعيشه لنعكسه لمن يرانا فنفرض عليه ألا يرى فينا غير الجمال وإن بعدت صورنا عنه، ولا أبين من نور جاءنا من ربنا فيه كل الهدى، لا نعكسه أن لزمناه فقط فنخفي به كل عيوبنا، لكنه يبقى ليكون أصلا في أرواحنا تشع به أنوار قيم كثيرة كنور المحبة والعطاء ونور التسامح، ونور الرحمة، ونور التعايش والتواضع وغيرها، فلا يظهر فينا غير الجمال.

إن كنت حكيماً فافعل كما يفعل القمر، وصاحب النور الحق لتكتسب روحك جمالا حقيقيا يظهر على محياك يفوق جمال نور القمر.. والله المستعان.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد