Al Jazirah NewsPaper Thursday  18/12/2008 G Issue 13230
الخميس 20 ذو الحجة 1429   العدد  13230
للرسم.. معنى
هكذا قتلت بهجة الجمال
محمد المنيف

أرجو ألا يفهم العنوان بشكل آخر ويعتقد القارئ أنني أنقل خبر مقتل سيدة أو سيد يحمل أحدهم اسم (بهجة) أو أن يصادف العنوان اسما حقيقيا على الواقع فاتهم بنقل خبر كاذب، لذا أوضح أن ما أعنيه يتعلق بالجمال المتمثل فيما أنعم الله به من اخضرار في العديد من المواقع الربيعية المشهورة عند أهل المنطقة الوسطى ومنها ما يحيط بالرياض وما لبسها من وشاح يسر الناظرين الذين توافدوا عليها من كل حدب وصوب، إلا أن (الكثير) منهم وليس البعض لم يقدر هذه المنحة الإلهية العظيمة بعد سنوات من الجفاف وانعدام هطول المطر أجدبت بسببها الأرض وافتقد عشاق (الكشتات) أجمل هواياتهم فلم يقابل هؤلاء المتنعمين بجمال المشهد إلا بتشويهه والإساءة إليه.

لقد كنت قبل رحلتي (السياحية) كما تحب أن نسميها وتسعد بتسميتها هيئة السياحة إلى عدد من (الرياض) جمع روضة المحيطة بالرياض العاصمة، أحلم بالكثير إضافة إلى ما جمعته من معلومات تؤكد ما فيها من مشاهد رائعة، دفعتني إلى أن أحمل عدتي وعتادي من أدوات الرسم لأسجل بها جمال الطبيعة الفطري على اللوحة مباشرة بالألوان المائية التي تستجيب لانفعالات من يستخدمها وتشاركه اقتناص اللحظة، واعتبارها منافسا للكاميرات التي حملها أبنائي إذ استطعت أن ألتقط الزوايا الأجمل من بين المشاهد (السيئة) التي صدمتنا جميعا وصدمت من يشاركنا الإحساس بالحرص على الحفاظ على الطبيعة، حيث وجدنا في تلك الرياض التي من أبرزها روضة خريم والتنهات وروضة نورة والحقاقة والشوكي، ما أدمى القلب، ذكرت وقتها القول (إن البعرة تدل على البعير.. والأثر يدل على المسير) ففي كل موقع في تلك الرياض يكشف ما يحمله من سبقنا إليه من تدني وفقدان للذوق العام نتيجة ما خلفوه من بقايا الطعام وملحقاته من أكياس البلاستيك والأكواب الورقية حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم إطفاء نارهم لئلا تلحق الأضرار على المكان أو المارة، ناهيك عما أبقته السيدات من مخلفات نظافة أطفالهن أجل القارئ عن تسميتها.

أعود للمنافسة التشكيلية والفوتوغرافية التي حققت فيها الفوز بتجاهلي تلك المشاهد في لوحاتي ونقل جمال المكان في وقت لم تستطع الكاميرا أن تتجاوز التشويه.

وأبدي أسفي وألمي أن يكون هؤلاء البشر بهذا المستوى من التخلف والجهل بأن النظافة مطلب ديني ووطني ودليل قاطع على ما يتمتع به المجتمع من حضارة إضافة إلى أن تلك الأماكن ليست لهؤلاء وحدهم، كما أن تركهم المكان نظيفا بإماطة الأذى عنه يعد صدقة، ومن المؤسف أن تتحول تلك الرياض الجميلة من قبل المتخلفين حضاريا. إلى ساحة لنفايات لم يعد لعمال نظافة البلديات التي تدخل تلك الرياض ضمن خدماتها قدرة على احتوائها.

إن ما يشاهد من سلوكيات الكثير من رواد تلك المناطق السياحية يعد تشويها لجمال البيئة وقتلا لبهجة الجمال.

MONIF@HOT MAIL.COM



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد