Al Jazirah NewsPaper Monday  05/01/2009 G Issue 13248
الأثنين 08 محرم 1430   العدد  13248
في غزة.. قوة الحق وحق القوة

 

وفعلتها إسرائيل.. وأقدمت على اجتياح قطاع غزة بذريعة السيطرة على مناطق منصات إطلاق الصواريخ من قبل حركة حماس، وقد عودت تل أبيب العالم على توقع ما ليس متوقعاً منها، بما في ذلك اتباعها إستراتيجية التدمير الكامل كما يحدث في غزة, وكأن لسان حال عسكر الكيان الإسرائيلي يقول: كل من يقترب من إسرائيل ولو بالنزر القليل سوف يواجه بهجمة تدميرية تتعدى حدود العقل والمنطق الإنساني، وهذا ما حدث في لبنان صيف 2006 م، وما يجري الآن في القطاع الصامد الذي هرول منه شارون هرباً، وقال عنه رئيس الوزراء إسحاق رابين (أتمنى لو أن غزة يبتلعها البحر يوماً ما).

تخوض إسرائيل عدوانها الآن في القطاع وهي تتمتع بقوة ردع هائلة وتفوق عسكري رهيب، هو بنفس الوقت أصبح عبئاً عليها أمام الرأي العام الداخلي لديها وأمام العالم أجمع، ذلك أن هذه الترسانة الرهيبة التي كشرت عن أنيابها ضد المقاتلين الفلسطينيين هي بمثابة المصارع ضخم الجثة الذي يواجه نظيراً له أقل منه ضخامة في الجسد وأسرع منه في الحركة، فلا يستطيع الإمساك به، بينما يتلقى منه الضربات السريعة والمهينة، فلا يجد بداً من الهجوم على الجمهور وتوجيه الضربات له، ونعني بذاك الجمهور المدنيين الأبرياء الذين تقتلهم الطائرات والدبابات بدم بارد وتوحش رهيب.

ولعل المتتبع لتصريحات الساسة والعسكريين الإسرائيليين يلاحظ الانتقال بالخطاب تجاه حماس من التأكيد على أن العملية البرية من أجل القضاء عليها إلى إضعافها, مع التصريح أيضا بأن العملية ليست برحلة مدرسية وبها ما بها من الخسائر المتوقعة، وفرض الرقابة العسكرية على الأنباء العسكرية قبل إذاعتها، كل ذلك يعكس مدى مأزق إسرائيل وورطتها التي سوف تترجم بمزيد من الضحايا والقتلى وإطلاق يد آلة القتل في كل ما هو فلسطيني سواء كان مقاوماً أو أعزل.

قوة الحق وحق القوة هي أساس طبيعة وكينونة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وعناوين الملحمة في غزة الآن، فالإسرائيليون يمتلكون حق القوة بما لديهم من تفوق عسكري وضوء أخضر ومحاباة من دول صنع القرار، وخنوع من الهيئات الأممية، بما فيها فشل مجلس الأمن الأخير، أما الفلسطينيون -وليس قولنا بقاصر على حركة حماس فقط- فيمتلكون قوة الحق في الدفاع عن أراضيهم وتاريخهم الإنساني أمام الاستيطان التاريخي والسياسي قبل السكاني، وهو الأمر الذي تعرفه إسرائيل حتى وإن أطلقت وحوش الجو عليهم وباغتتهم بدبابات القتل والتدمير، وهو الحق الذي يجب أن يرفع علمه ورايته بمزيد من اللحمة الوطنية، والتوحد خلف الواقع الجديد بعيداً عن مزايدات الفئوية الحزبية والانقلابات الأيديولوجية.










 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد