Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/01/2009 G Issue 13257
الاربعاء 17 محرم 1430   العدد  13257
تحديات كبيرة أمام القمة الاقتصادية العربية
محمد العنقري

 

تشهد الكويت الأسبوع القادم أول قمة اقتصادية عربية وسط ظروف اقتصادية عربية صعبة نتيجة أزمة الاقتصاد العالمي فالعالم العربي يعني ضعفا تنمويا كبيرا، وكما قيل بالسابق إن التنمية العربية عرجاء لأنها تابع للقوى العظمى في توجهاتها الاقتصادية ومتأثرة بأي أوضاع تكون عليها تلك الاقتصاديات سواء سلبية أو ايجابية، كما أننا ما زلنا بحاجة الغرب والشرق بكل أنواع التكنولوجيا واحتياجات بناء اقتصادياتنا فما زلنا نتأثر ولا نؤثر بالرغم من حجم الثروات الهائلة التي نمتلكها وعدد السكان الكبير الذي يفوق300 مليون نسمة موزعين على أكثر من 14 مليون كم في قارتي آسيا وإفريقيا ممتلكين تنوعا مناخيا وجغرافيا نادرا يجعلنا الأقرب إلى كل القارات والدول الكبرى ولكن بدون أي استفادة من تلك المقومات نتيجة اختلالات بهيكلية الاقتصاديات العربية وتباين كبير بينها وعدم تطبيق لكل الاتفاقيات الاقتصادية العربية كمحصلة طبيعية للتراخي بتطوير الأنظمة والقوانين بشكل عام التي تساعد على تطوير الاقتصاديات العربية بشكل متقارب وبطء توسيع حجم التجارة البينية العربية التي ما زالت تمثل نسبة 10 بالمائة من مجمل حجم التجارة العربية مع العالم فلم نتخطَّ إلى الآن حاجز 60 مليار دولار بأحسن الحالات بالوقت الذي يصل حجم تجارة العرب مع العالم إلى أكثر من 600 مليار دولار نتيجة لتشابه المنتجات وعدم الاهتمام بتنويع قواعد الإنتاج وفق الإمكانيات الطبيعية المتاحة والاحتياجات الأساسية فبالرغم من امتلاك الدول العربية لأراضي زراعية شاسعة لم يستغل ثلثها إلى الآن نجد أن الفجوة الغذائية العربية تفوق 20 مليار دولار بمواد أساسية كالحبوب وغيرها بينما تقف القوانين في العديد من الدول حجر عثرة بتدفق الاستثمارات خصوصا على المستوى العربي ولاحظنا كيف تحركت دول الخليج مؤخرا صوب السودان ومصر للاستثمار بالمجال الزراعي نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية عالميا بشكل كبير جدا مما دلل على حاجتنا لتسهيل تدفق الاستثمارات وخلق تنمية وتبادل تجاري كبير بين الدول العربية هذا بخلاف الطاقات الشبابية العاطلة عن العمل نتيجة قلة الفرص المتاحة وكلها بسبب الأنظمة البيروقراطية الموجودة بالكثير من الدول العربية وجاءت الأزمة المالية العالمية لتؤكد الحاجة لتوحيد الجهود العربية لمواجهتها بشكل جماعي نتيجة صعوبة ذلك على الكثير من الدول، فباستثناء دول الخليج التي تمتلك فوائض مالية ضخمة نتيجة ارتفاع أسعار البترول بالسنوات الخمس الماضية تواجه العديد من الدول مخاطر اقتصادية كبيرة سيظهر أثرها خلال العام الحالي مما يستدعي فعلا نفض الغبار على العمل العربي المشترك وتطبيق الاتفاقيات التي وقعت سابقا كالسوق العربية المشتركة والاتحاد الجمركي ومنظمة التجارة العربية والعديد من الاتفاقيات الأخرى، كما يتطلب الأمر مواجهة الواقع الاقتصادي العالمي بشفافية ووضوح حتى تتمكن الدول العربية من مساعدة بعضها بشكل موسع يخفف من أثار هذه الأزمة الكبيرة بكل المقاييس على العرب جميعا مستفيدين من الخسائر الكبيرة التي واجهها المستثمرون العرب سواء صناديق سيادية أو أفراد بالأسواق الدولية وجذب هذه الأموال مجددا للاستثمار بداخل الوطن العربي بما ينعكس إيجابا على الناتج الكلي الذي إذا استثنينا البترول من أرقامه فمجموعه لكامل الوطن العربي لا يصل إلى الناتج الوطني لاسبانيا على سبيل المثال.

إن التحديات التي نواجهها بعالمنا العربي كبيرة وحتى تباين المواقف السياسية مرده إلى عدم تطور العلاقة العربية على الصعيد الاقتصادي لأنه البناء الحقيقي للمصالح المشتركة وتوحيد المصير بشكل عملي، والأمثلة شاخصة أمامنا بالاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا (أيبك) التي تمثل التجارة البينية بين كل منظمة منها مئات المليارات من الدولارات وتمثل نسبا تفوق 60 بالمائة من هذه التجارة عامة لتلك المنظومات قياسا بتعاملها الدولي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد