Al Jazirah NewsPaper Wednesday  14/01/2009 G Issue 13257
الاربعاء 17 محرم 1430   العدد  13257
حفظ التوازن في العرض والطلب واستقرار الأسعار أبرز إستراتيجياته الائتمانية للصناعة الوطنية
الصندوق الصناعي يقدم أكثر من 24.3 بليون ريال لقطاع البناء والتشييد بنسبة 32% من إجمالي قروضه

 

الجزيرة - الرياض:

اعتمد صندوق التنمية الصناعية استراتيجية ائتمانية لقطاع البناء والتشييد بمختلف أنشطته لأهميته في الاقتصاد الوطني، حيث يشكل ركيزة أساسية لقيام مختلف الصناعات والأنشطة التنموية. وقد عكف منذ أكثر من ثلاثة عقود على دعم جهود تنمية وتطوير هذا القطاع، بما يتوافق مع خطط التنمية، ومع احتياجات السوق في كل مرحلة من مراحل تطور الاقتصاد الوطني. مع ضمان تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وبين متطلبات هذا القطاع وطاقته الإنتاجية واحتياجات المستفيدين من مخرجاته. ليكون الهدف النهائي من هذه السياسة هو ضمان استقرار أسعار منتجات هذا القطاع بما يضمن استمرار مسيرة التنمية.

وانطلاقاً من دوره كمؤسسة تنموية، يقوم الصندوق بدراسة وتقييم وضع القطاعات الصناعية المختلفة بشكل دوري، كما يقوم بمراجعة السياسات المنظمة لإقراضها، ويعتمد معايير جديدة للإقراض بما يتوافق مع متطلبات وأوضاع كل قطاع، حيث يتم ترشيد أو حجب التمويل عن مشروعات القطاعات التي تشبع بها السوق المحلي والعكس صحيح.

ومن هذا المنطلق، وفيما يختص بسوق وقطاع البناء والتشييد، فقد حظيت الصناعات المساندة بصورة مباشرة لقطاع البناء والتشييد في المملكة كصناعات الأسمنت ومواد البناء والحديد باهتمام ودعم الصندوق منذ بدايته، مما جعله يضطلع بدور محوري في النهضة العمرانية التي شهدتها وتشهدها المملكة. وبناءً عليه، بلغ إجمالي قروض الصندوق المقدمة لأنشطة البناء والتشييد أكثر من 24.3 بليون ريال بنهاية 2008م، وهو ما يمثل 32% من إجمالي قروض الصندوق. قُدمت هذه القروض لما يزيد على 577 مشروعاً تمثل 27% من إجمالي عدد المشروعات التي أقرضها الصندوق.

وتأكيداً على دور الصندوق في حفظ التوازن بين العرض والطلب في سوق قطاع البناء ومن ثم توازن الأسعار، ابتداءً من السنوات الأولى التي أعقبت إنشاء الصندوق وهي الفترة التي توافقت مع خطة التنمية الثانية (1975م - 1979م)، وحيث كانت هناك حاجة واضحة لإنشاء العديد من مصانع مواد البناء والتشييد، إذ إن تلك الفترة شهدت عملية تأسيس البنية التحتية للبلاد، لذا فقد وجه الصندوق أكثر من 63% من قروضه في تلك الفترة للمصانع العاملة في الصناعات الإنشائية، وهي الجهود التي ضمنت استقرار سوق وأسعار مواد البناء خلال تلك المرحلة الحاسمة. وخلال خطة التنمية الثالثة (1980م-1984م)، وبعد تصاعد اهتمام الدولة بقطاعات تنموية أخرى إلى جانب البنية الأساسية، حظي قطاع الإنشاء بحوالي 45% من إجمالي قروض الصندوق. ومع اكتمال معظم مشروعات البنية التحتية خلال خطة التنمية الرابعة (1985م - 1989م) وتراجع أسعار النفط، بدأ الطلب المحلي على خدمات ومنتجات قطاع البناء بالتراجع. ومواكبة لتلك التطورات، رشد الصندوق خدماته لهذا القطاع، خاصة بالنسبة للأنشطة التي شهد السوق اكتفاء ذاتياً منها وذلك للمحافظة على توازن السوق، لذا انخفضت حصة مصانع البناء والتشييد إلى 19% من إجمالي قروض الصندوق خلال خطة التنمية الرابعة (شكل 1). وعندما عاد الطلب للنشاط مرة أخرى خلال خطة التنمية الخامسة (1990م - 1994م)، كانت المصانع القائمة قادرة على تلبية جانب كبير من احتياجات السوق. وإدراكاً من الصندوق لتطور تقنية الإنتاج في هذا القطاع وكذلك تنوع احتياجات المستهلك السعودي، قام الصندوق بضخ المزيد من القروض في هذا القطاع لإنشاء مصانع أكثر تطوراً، كما دعم زيادة طاقات بعض المشروعات القائمة، ولهذا عادت حصة هذه الصناعة للارتفاع مرة أخرى إلى 25% من إجمالي قروض الصندوق خلال خطة التنمية الخامسة، ثم إلى 26% في خطة التنمية السادسة (1995- 1999م).

إلا أنه، ومنذ مطلع الألفية، وتحديداً منذ عام 2003م، كان قطاع البناء والتشييد أكثر القطاعات تفاعلاً مع الفورة التي شهدها الاقتصاد الوطني، على أثر تحسن أسعار النفط، مما ضاعف الطلب على خدمات ومنتجات قطاع البناء والتشييد. وقاد ذلك إلى ارتفاع مفاجئ في أسعار مواد البناء نتيجة لضعف قدرة المشروعات الوطنية على تلبية الزيادة في الطلب، وكذلك ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج (في السوق العالمي) التي تدخل في تصنيع الكثير من منتجات هذا القطاع. وتفاعلاً مع تلك التحولات، وكما هو موضح بالرسم البياني كان الصندوق سباقاً ومواكباً للحدث، من خلال مضاعفة تمويله لصناعات مواد البناء والتشييد. ففي خلال الفترة من 2001م وحتى 2007م، ارتفع حجم القروض المعتمدة لهذه الصناعات من 98 مليون ريال عام 2001م إلى 3.5 بليون ريال عام 2007م. حيث أشارت دراسات الصندوق إلى أن استباق الصندوق لتمويل مشروعات القطاع في السنوات الثلاث الماضية أدى إلى نتائج إيجابية، وأصبحت مشروعات مواد البناء والتشييد القائمة التي هي قيد الإنشاء قادرة على تلبية الطلب المحلي بالشكل المطلوب، لذا تراجع الاستثمار في مشروعات جديدة في هذا القطاع وبالتالي تقلص جزئياً حجم قروض الصندوق لهذه الصناعة إلى 1.6 بليون ريال في عام 2008م. وعليه فقد شكل إجمالي حجم قروض الصندوق لصناعات مواد البناء والتشييد خلال هذه الفترة الوجيزة (2001-2008م) حوالي 47% من إجمالي القروض التي قدمها الصندوق لهذه الصناعات منذ بداية نشاطه.

وقد كان لمواكبة الصندوق واستجابته السريعة لمتطلبات هذا القطاع طوال هذه السنوات أثراً واضحاً في الحفاظ على توازن أسعار منتجات هذا القطاع بما يضمن مواصلة مسيرة التنمية. وبتحليل العلاقة بين حجم قروض الصندوق لصناعات مواد البناء والتشييد مع حجم الاستثمارات الفعلية في قطاع الإنشاء (الرسم البياني)، نجد أنها علاقة إيجابية، إذ إن قوة الارتباط تبلغ 84% بين الاثنين. وهو ما يؤكد الأثر الإيجابي لدور الصندوق في تنشيط الاستثمار في المباني والمنشآت من خلال تلبية متطلبات السوق والحفاظ على توزانه، ومن ثم تطور قطاع البناء والتشييد الذي يعتبر من أهم القطاعات لأي اقتصاد.

ورغم تعدد الأنشطة التي تندرج ضمن قطاع البناء والتشييد، فهناك أنشطة أكثر أهمية تحظى بوزن استراتيجي داخل هذا القطاع، أعطى الصندوق أولوية خاصة لها، ومنها الأسمنت والجبس وحديد التسليح والسيراميك والزجاج والخرسانة الجاهزة والخرسانة مسبقة الصنع.. الخ. وقد حظي نشاط إنتاج الحديد والمعادن الإنشائية (ومنها حديد التسليح وهياكل المباني المعدنية والأنابيب والأبواب والشبابيك المعدنية) بالحصة الأكبر من إقراض الصندوق لقطاع الإنشاء، حيث خصص له حوالي 37% من إجمالي حجم القروض المقدمة للقطاع منذ إنشاء الصندوق، وحل نشاط إنتاج الأسمنت ومشتقاته (ومنها الأسمنت البورتلاندي والأبيض والجبس) في المرتبة الثانية وحصل على 35% من إجمالي القروض. وكل من نشاطي إنتاج الأسمنت والحديد يصنفا على أنهما كثيفا الاستخدام لرأس المال. في حين حلت أنشطة إنتاج مواد البناء الأخرى (ومنها منتجات الخزف والزجاج والفخار) في المرتبة الثالثة بنسبة 20% من إجمالي إقراض الصندوق لهذا القطاع، ثم حلت في المرتبة الرابعة مشروعات إنتاج مواد البناء من المواد غير المعدنية (ومنها الخرسانة الجاهزة والخرسانة مسبقة الصنع وبعض منتجات البلوك) بحصة بلغت حوالي 8% من إجمالي إقراض الصندوق.

وإذا ما ركزنا أكثر على أنشطة إنتاج الأسمنت والحديد في السوق الوطني، نلاحظ أن هذين القطاعين شهدا نمواً كبيراً في الطلب والأسعار خلال السنوات القليلة الماضية، الذي يُعزَى لأسباب كثيرة كما ذكرنا، وفي مقدمتها نمو الطلب العالمي والإقليمي والمحلي، وهو ما قاد إلى ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج في هذه الصناعات، وخاصة صناعات الحديد، كما أغرى أيضاً بعض المنتجين المحليين لزيادة حجم صادراتهم، كما أنه ونتيجة للطفرة المفاجئة في احتياجات السوق التي نتجت بشكل أساسي عن طفرة أسعار النفط والإيرادات العامة، لم تكن الكثير من المصانع المحلية قد بدأت بعد في تنفيذ عمليات توسعة طاقاتها الإنتاجية، كل هذا قاد إلى موجة الصعود في أسعار منتجات هذين القطاعين في السوق المحلي.

وفي دلالة واضحة على تفاعل الصندوق مع التحولات التي يشهدها الاقتصاد الوطني، وفيما يتعلق بصناعة الأسمنت على سبيل المثال وهو النشاط الرئيسي في قطاع صناعة الأسمنت ومشتقاته، كانت الطاقة الإنتاجية المركبة لمشروعات الأسمنت حوالي 23 مليون طن فقط في عام 2001م، ثم ارتفعت إلى 46 مليون طن في منتصف عام 2008م. وهنا كان تفاعل الصندوق واضحاً للغاية حيث بلغ إقراض الصندوق لهذه الصناعة أكثر من 3 بلايين ريال خلال الفترة من 2005م وحتى 2008م، بل إن إقراض الصندوق لهذا القطاع خلال الفترة المشار إليها يعادل 36% من إجمالي إقراضه لصناعة الأسمنت منذ إنشائه، كل ذلك بهدف ضمان توفير متطلبات السوق من هذه المنتجات والحفاظ على أسعار مناسبة للمستهلك.

وما قيل بالنسبة لمشروعات الأسمنت ينطبق تماماً على صناعة حديد التسليح وهي جزء من قطاع صناعة الحديد والمعادن الإنشائية، حيث يتجلي تفاعل الصندوق مع متطلبات القطاع التي هي انعكاس لمتطلبات السوق. ولذا، فقد بلغ إجمالي قروض الصندوق لمشروعات حديد التسليح التي أنشئت خلال الفترة (2005-2008م) أكثر من 600 مليون ريال، وهو ما يعادل حوالي 59% من إجمالي قروض الصندوق لهذه الصناعة منذ إنشائه. علماً بأن طاقة مشروعات هذه الصناعة ارتفعت من 2.4 مليون طن عام 2001م إلى 4.5 مليون طن عام 2007م، ويتوقع وصولها إلى 5.7 مليون طن بنهاية عام 2009م.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد