Al Jazirah NewsPaper Thursday  15/01/2009 G Issue 13258
الخميس 18 محرم 1430   العدد  13258
غرفة الشرقية تكرم رئيس أرامكو السابق عبدالله جمعة في ليلة الوفاء للمتميزين
جمعة يتذكر: حجم أرامكو تضاعف كثيراً بعد خروج الأجنبي منها

 

الدمام - حسين بالحارث تصوير - محمد درويش

في ليلة امتزجت فيها مشاعر الوفاء بحديث الذكريات وحضر فيها الشعر والرياضة على غير موعد أقامت غرفة الشرقية مساء أمس الثلاثاء حفلا تكريميا لرئيس شركة أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين عبدالله صالح جمعة حضره جمع من الشخصيات تقدمها عدد من أصحاب السمو والمعالي وأعضاء مجلس الغرفة والمسئولين والسفراء الأجانب ورجال الأعمال والمثقفين والإعلاميين من جميع مناطق المملكة، حيث استهل الحفل الذي قدمه المذيع جاسم العثمان وشاركه الإعلامي تركي الدخيل بآيات من الذكر الحكيم ثم تحدث رئيس الغرفة عبدالرحمن بن راشد الراشد وقال: إننا في لحظة فريدة، بما تنطوي عليه من دلالات في سجل الوفاء بالمنطقة الشرقية، وبقدر ما تعنيه من ترسيخ لقيمة العطاء في مجتمعنا عامة. ووصف جمعه بأنه رمز من رموز العمل والإنتاج في بلادنا. إنه عبد الله صالح جمعة الذي نجتمع اليوم على تكريمه، رائدا من رواد البناء والتنمية والعمل الاجتماعي، خادما لبيئته ومجتمعه ووطنه، حيث أعطى كل ما يتسع له جهده وما تقدر عليه طاقته، لم يدخر جهدا في ميادين الخير والخدمة العامة.

وأضاف الراشد بأن الغرفة تدرك أن ترسيخ مبدأ التكريم في حياتنا اليومية يمثل واجبا دينيا ووطنيا، حيث يؤكد على مبدأ من مبادئ ديننا الحنيف، يتجلى في قوله سبحانه وتعالى {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}، وقوله تعالى {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، وفي قول رسولنا الكريم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).. ولقد قدم عبد الله جمعة، ولا يزال، نموذجا للمثقف المنتمي والملتزم بقضايا وطنه، حيث تنطوي مسيرته في العمل والحياة على مسلك يشجع بالسير على نهجه وخطاه. وقد رشحته صفاته وسجاياه لكي يكون محل كل ثقة، احتراما لتجاربه وخبراته، وتقديرا لعلمه ومؤهلاته، حيث شغل منصب الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لواحدة من أكبر الشركات العملاقة في العالم، كما حاز ثقة قائد هذا الوطن، إذ اختاره للعديد من المسئوليات على الصعيد الوطني والمحلي، حيث أدرك دائما أهمية الإنسان في بناء هذا الوطن، وأعطى الأولوية لتطوير الكوادر والكفاءات التي ستضطلع بحمل راية أرامكو السعودية في المستقبل.

ومضى الراشد يقول إننا في هذه اللحظة التاريخية من أيام الشرقية، لابد أن نتوقف بكل التقدير والامتنان أمام اختيار الأستاذ خالد الفالح رئيسا لأرامكو السعودية، وكبيرا لإدارييها التنفيذيين، بما يمثله هذا الاختيار من ثقة القيادة الحكيمة في الرجل، تقديرا لمسيرته في خدمة الوطن ومسيرته التنموية.

وخلص إلى القول إن اختيار الرجل المناسب، في اللحظة المناسبة، يعكس أهمية الموقع الاستراتيجي لأرامكو السعودية ضمن أولويات القيادة الحكيمة، وعمق نظرتها لطبيعة التحديات التي تطرحها المتغيرات الدولية على شركة عملاقة، بحجم وموقع أرامكو السعودية في اقتصادنا الوطني، وأهميتها العالمية. ولاشك في أن اختيار الفالح، بما يمتلكه من رؤية إستراتيجية ومستقبلية لحاجات التطور والنمو، في ضوء اللحظة الاقتصادية الدولية الراهنة وما تفرضه من تحديات، إنما يمثل وعدا بما تستطيع أن تحققه أرامكو السعودية من طموحات في قادم الأيام.

عقب ذلك شاهد الحضور فيلما وثائقيا عن عبدالله صالح جمعة منذ التحاقه بأرامكو السعودية عام 1968م وتحدث من خلال الفيلم الوثائقي عدد من رجال الأعمال المعروفين بالمنطقة الشرقية والقريبين منه حيث كشفوا في شهاداتهم بعض مما يجهله الكثيرون عن جمعه حيث تحدثوا عن اهتماماته بالأدب وعشقه للشعر على وجه الخصوص بشقيه العربي والشعبي.

كما توقفوا أمام خصلة التواضع لدى عبدالله صالح جمعة من بين الخصال العديدة التي يتمتع بها وثقافته الموسوعية، وعقب الفيلم أجرى الإعلامي تركي الدخيل حوارا مباشرا مع رئيس أرامكو السابق وكبير إدارييها التنفيذيين السابق غلبت عليه الابتسامة والصراحة والبعد عن (الرسميات) والتكلف وتناول العديد من الجوانب الشخصية والعملية لدى عبدالله بن صالح جمعة الذي كان واضحا وصريحا في إجاباته، إذ تطرق إلى ثقافة الفرصة، التي يتبناها والتي تتيح لكل موظف أن يصبح يوما ما رئيسا للشركة وأضاف: (إنها كلمة حقيقية، كنت أتبناها، واعتقد أن كل موظف بالشركة يمكن أن يحقق ذلك)، معربا عن خوفه من الطموح الذي لا يتناسب مع الفرصة والإمكانيات الذاتية، فالشركة تراقب الموظف وإذا أنجز استطاع الوصول، ولا يمكن تحقيق النجاح بعمليات القفز، فمن يقفز سوف يسقط!

وقال جمعة إن أرامكو تضم 53 ألف عامل وموظف وتوفر فرص التدريب والتطوير، وفي سؤال حول كيف يتم نقل تجربة أرامكو إلى المواقع والمؤسسات الأخرى، قال جمعة إن العملية منظومة كاملة تبدأ من القمة، أي أن الإدارة قدوة، فلا يمكن أن أدعو إلى الالتزام بمبدأ معين، ثم أخالفه.

وأثار الدخيل سؤالا: (متى توقعت أن تكون رئيسا لشركة أرامكو السعودية وأنت عملت بها عام 1968).. أجاب جمعة: ربما في البدايات لم أكن أتوقع ذلك، بحكم كوني لا احمل مؤهلا هندسيا في شركة هندسية بالكامل، وأدارها مهندسون، وأنا توظفت في البداية كمترجم من اللغة الانجليزية إلى العربية وبالعكس، وكانت لي تجربة في إدارة شركة الكهرباء بالمنطقة الشرقية وعملت على تنظيمها، وعملت بها سبع سنوات، ولكن القناعة ترسخت حينما حصل حريق في معمل الغاز بالجعيمة في 1989 ولم يكن أحد من المديرين موجودا بحكم أن الجميع في إجازاتهم السنوية، وكنت نائبا للرئيس للعلاقات الحكومية، وفي ذلك الوقت كانت أرامكو تواجه تحدي توفير الغاز لشركة سابك وأخذت على عاتقي تحمل المسؤولية حيث تمكنت من تجاوز الأزمة، وكان هذا مؤشر لترشيحي لرئاسة الشركة.

وعن خلاصة تجربته الإدارية قال جمعة إن الإخلاص في العمل هو الفيصل مشيراً إلى أن الثقافة العامة بالنسبة له كانت مهمة جدا، فمن خلال قراءته للآداب العالمية جعلته يبدع في التواصل خلال فترة عمله حين كان مسئولا عن العلاقات الدولية في الشركة، مشيراً إلى أن الثقافة العامة تساعد في اتخاذ القرار، وفي معرفة النفس البشرية، وفي تقييم الأشخاص.

وتحدث جمعة عن ثقافة العمل في أرامكو قال إنها ثقافة الانضباط، بالإضافة إلى ذلك هناك ثقافة التدريب والتطوير والسعودة والقدرة على تنفيذ المشاريع.

وعن السعودة في أرامكو السعودية قال يجب أن نهتم بشبابنا، ونوفر لهم ظروفا للتطور الذاتي، وتقديم البرامج التي تسهم في تطوير ثقافتهم العامة، فلا نوظف السعودي لمجرد كونه سعوديا، وإنما نوظفه لأنه يستحق تلك الوظيفة، وفي حال خرج من الشركة فهذه حالة طبيعية، وهو لم يذهب بعيدا، وإنما بقي في الوطن.

وحول الدور الاجتماعي لأرامكو ذكر جمعة أن الشركة لم تتراجع عن دورها الاجتماعي فهناك البرامج الصحية والبرامج البيئية والسياقة الوقائية، فالشركة تعمل لأن تصل ثقافة العمل الاجتماعي التطوعي مثلما هو قائم في الدول الغربية، وأضاف: نحن الآن بصدد إنشاء مركز الملك عبد العزيز للثقافة (إثراء)، الذي نأمل أن يكون اكبر مكتبة في المملكة تتواصل مع الثقافة العالمية، وتنقلها إلى المواطنين، خصوصا الجيل الناشئ، وهي هدية من أرامكو إلى المجتمع، وقد وضع خادم الحرمين الشريفين حجر الأساس لهذا المشروع المتميز.

وعن لقائه الأخير مع خادم الحرمين الشريفين قال جمعة إن أرامكو السعودية تحتل موقعا في قلب خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، الذي يبدي فخرا واعتزازا بما يراه من أبناء الوطن.

بعد ذلك قدم جمعة مقطوعات شعرية شعبية، من إنتاجه، وأخرى من الشعر الفصيح من محفوظاته.

وتواصلت الأمسية بعد ذلك تخللها تقديم درع تذكاري للمكرم من غرفة الشرقية ليستدرج جاسم العثمان عبدالله جمعة إلى ذكرياته مع الرياضة حيث كان عبدالله جمعه يعد أفضل حارس مرمى في المنطقة الشرقية وكان لاعبا في صفوف نادي القادسية بالخبر كحارس مرمى لفريق النادي ولمنتخب المنطقة الشرقية وتذكر جمعة العديد من الرياضيين الذين عاصرهم في ذلك الوقت وكانوا نجوما.

وبعد حديثه عن الرياضة ارتجل جمعه كلمة تطرق فيها إلى الأزمة المالية العالمية وأثرها على السعودية وذلك بناء على طلب من الحضور وقال إن الفترة الحالية قد تكون صعبة جدا، من الناحية الاقتصادية والاستثمارية ولكن المستقبل سيكون مشرقا ومزدهرا، وعلينا جميعا كرجال أعمال التفكير بطريقة إستراتيجية للاستفادة من النمو القادم مستقبلا.

وأكد أن هذا الانكماش الاقتصادي لم يسبق له مثيل في حياتنا المعاصرة، وذلك بالنظر إلى حدته واتساع نطاقه. فما بدا أنه مشكلة تتعلق بمسألة الرهن العقاري في الولايات المتحدة سرعان ما تحول إلى أزمة مالية عالمية عاصفة، ضربت العديد من الاقتصاديات فقادت بعضها إلى الركود والبعض الآخر إلى حالة من التباطؤ في معدلات النمو القوية التي كانت تشهدها. كما ضربت بعنف أسواق المال والقدرة الاستهلاكية والشرائية وزعزعت ثقة المستهلكين والمستثمرين. ولقد أثر هذا الانكماش الاقتصادي علينا وعلى مؤسساتنا إلى حد ما. وأعتقد أنه من السابق لأوانه، للأسف، أن نتكهن بأن الأزمة قد بلغت ذروتها، فقد تكون هناك أيام أخرى أكثر صعوبة تنتظرنا.

مع ذلك، - والكلام لعبدالله صالح جمعة - أود أن أعرب عن اعتقادي بأن التوقعات على المدى البعيد تحمل مؤشرات ممتازة في حقيقة الأمر، وأننا يمكن أن نتطلع للمستقبل بقدر من التفاؤل والثقة يناقض المناخ الاقتصادي الحالي. فالمستقبل بالنسبة لأرامكو السعودية هو بإذن الله مستقبل مشرق حيث توطد الشركة مكانتها الرائدة في الصناعة، بوصفها المصدر الأكثر موثوقية للطاقة إلى العالم وأحد دوافع التنمية والتنوع الاقتصادي المستمر في المملكة. وبرغم الانكماش الاقتصادي وما نجم عنه من انخفاض الطلب على النفط، ستواصل الشركة استثماراتها بحكمة وروية في مجال البنية الأساسية والتقنية، وقبل كل ذلك في العنصر البشري، الذي يعد في رأيي أكبر ميزة تنافسية تتمتع بها الشركة.

وأعرب عن ثقته التامةٌ في الرئيس الجديد للشركة خالد الفالح وسائر فريق الإدارة في أرامكو السعودية وأنهم سيواصلون قيادة الشركة إلى قمم أعلى مما سبق بإذن الله، وستستمر شراكة أرامكو السعودية مع القطاع الخاص وسترتقي إلى أفضل مستوياتها. وكما أخبرت زملائي في الصناعة، فإن هذا الفريق المتميز، إنما يعكس أرفع المستويات في جودة أدائه ودقة تكامله، مع علمي بأنه سيعول كثيراً على دعمكم ودعم شركاتكم ومؤسساتكم، تماما كما كان الحال أثناء قيادتي لأرامكو السعودية.

وأضاف جمعة انه في خضم التقلبات الحالية، وهذه الغيوم القاتمة التي نراها في المدى القصير، علينا ألا ننسى أن سكان العالم في ازدياد مستمر، وأن مستويات المعيشة في العالم النامي آخذة في الارتفاع وأن الانتعاش الاقتصادي وعودة النمو العالمي سيتحققان لا محالة في نهاية المطاف. المستقبل يحمل الكثير من البشائر ليس فقط لأرامكو السعودية بل لصناعة الطاقة ككل هنا في المملكة وحول العالم، وسيكون له نتائج خير على الدخل الوطني ونمو الاقتصاد السعودي وتوسع أعمال القطاع الخاص. ولسوف تشهد العقود القادمة نمواً هائلا في معدلات الاستهلاك العالمي للطاقة وسوف يزداد الطلب على البترول والصناعات المرتبطة به لتلبية هذه الزيادة في الاستهلاك، كما ستشهد كذلك تحديات تتمثل في تلبية هذه الاحتياجات من الطاقة بطريقة موائمة للبيئة في ظل مناخ تشغيلي يتسم بالمزيد من التعقيدات.

وخاطب الحضور قائلا: (ولكم أن تكونوا على يقين من أن الطاقة ستكون أحد العناصر الرئيسة في دفع الاقتصاد العالمي، وبالنظر إلى المزايا الكبيرة التي تتمتع بها المملكة في مجال الطاقة، أعتقد أنها ستكون مهيأة بصورة أفضل للاستفادة من الانتعاش الاقتصادي بمجرد تحققه. ومن المؤكد أن استثمارات المملكة في مجالات التعليم والبنية الأساسية الحيوية والبحوث والتكنولوجيا إضافة إلى المدن الصناعية والمعرفية والتجمعات الصناعية المرتبطة بالبترول والصناعة البتروكيميائية ستسهم في شحذ هذه القدرة التنافسية. وعليه، فأنا متفائل بمستقبل بلدنا الحبيب، وتفاؤلي مطلق لما لمسته عبر تعاملي معكم وأثناء عملي في أرامكو السعودية وبقدرات شبابها على الإبداع والتطور والمنافسة وتحقيق مستويات قيادية في مجالات التنمية الاقتصادية والإنسانية والمعرفية التي هي محور النجاح في القرن الحادي والعشرين).

ومضى يقول: (دعونا نبحث عن الفرص المستقبلية في ثنايا التحديات الخطيرة التي ألقتها الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية على كاهلنا. علينا أن لا نسمح لأنواء هذه الظروف الصعبة على المدى القصير أن تغمرنا فتحجب عن أعيننا الإمكانيات الهائلة التي ينطوي عليها المستقبل. علينا أن نصنع خياراتنا بحكمة وأن نتخذ إجراءات حاسمة اليوم حتى يتسنى لنا تهيئة شركاتنا ومؤسساتنا واقتصادنا الوطني لجني الثمرات الوفيرة التي سيأتي بها الغد).

وفي ختام كلمته قال جمعة: (أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكركم جميعا على ما قدمتموه من دعم كبير لي شخصيا ولأرامكو السعودية كشركة خلال فترة عملي فيها. إن احتفال الليلة يعني لي الكثير، كما أن وجودكم هنا هذا المساء يمنحني عظيم الشرف. غير أن النجاح الحقيقي والدائم في العمل إنما يحققه البشر والشركات والمؤسسات التي تعمل معا وليس الأفراد. فلتكن هذه الأمسية أيضا بمثابة احتفال بالإنجازات التي حققناها معا، ونقطة انطلاق لمزيد من الإنجازات المستقبلية لخدمة مجتمعاتنا ومملكتنا الحبيبة. شكراً لكم).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد