بمزيد من الرويّة والحكمة وقفت مع طرح بلا حكمة ولا ترو، ففي جريدة الجزيرة يوم الثلاثاء 2 من محرم 1430هـ العدد 13242 نشرت مقالات تتحدث في موضوع العدوان الإسرائيلي على فلسطين وتحديداً في غزَّة، وتكاد بعض الطروحات أن تلتمس العذر لإسرائيل في شن الهجوم.. وتكرّر اللوم والعتب على حزب أو آخر في فلسطين، فقد ورد في أحد المقالات (ماذا سيقول التاريخ حول الجماعة التي تختطف غزة وتنحرها على مذبح عنترياتها وشعاراتها وقراءتها السياسية الرعناء للواقع).
ماذا يعني هذا الطرح الآن أكثر وأكبر من التماس العذر للهجمات الإسرائيلية؟! نحن لا نبرئ أحداً براءة تامة، والفلسطينيون في حماس وفتح وغيرهما بشر خطاؤون، ولكن مهما وصل الأمر بينهم ومهما اختلفوا في وجهات النظر - وهو شيء يسؤونا - فهل هو مُسوِّغٌ مقبول أن نقول إنّ الحرب الظالمة التي تحرق الأخضر واليابس الآن شيءٌ له ما (يُبرره) وهو جزاء!! ومنطقي، ثم متى يُقال ذلك؟!
من المقرَّر شرعاً أنَّه (لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، فهل ننقم على حزب أو منظمة بسبب أقوال منسوبة لأحد أفرادها؟!
إنَّ المملكة العربية السعودية بذلت جهوداً كبيرة ماديَّة ومعنوية في خدمة القضية الفلسطينية في تاريخها الطويل ولا يجحد ذلك إلا جاهل أو أحمق وكل جاحد لذلك فهو يُعبِّر عن نفسه ولا يتحدث عن غيره، والمملكة التي هي مركز العالم الإسلامي وحاضنة مقدساته ستبذل كل ما تستطيع بذله مادياً ومعنوياً الآن ومستقبلاً بإذن الله تعالى.. ولن يضرها ما تطرحه وسائل إعلام أو بعض المتحدثين فيها، وبعض الكُتَّاب والكاتبات كان الأجدر بهم ألا يثيروا الشكوك والجراح ويصرفوا حديثهم عن الحدث إلى (التشفي) من أفراد هنا أو هناك وتحميلهم مسؤولية ما يحدث، وكأن أفراد حماس أو غيرها كانوا يخطّطون أو يعلمون أو حتى يتوقّعون حصول هذا العدوان الهمجي الظالم.. كان الأجدر بهم أن يدعوا إلى وحدة الصف والدعوة للثبات وعدم الاستسلام للعدو بما يطلب.. كان الأجدر بهم أن يدعوا قادة العالم ومنظماته لإيقاف الهجوم العدواني وكبح جماح الآلة الإسرائيلية التي لا تفرِّق بين كبير وصغير، وذكر وأنثى ومحارب ومسالم، كان المطلوب منا جميعاً أن ندعو لتطبيق النظام العالمي في عدم الاعتداء على أماكن العبادة لأننا نرى أنه قد هُدِّم في غزة خمسة مساجد سُوّيت بالأرض وضربت المستشفيات والجامعات.
بقي أن نقول إنه من الخطأ أن يُحاسب الفلسطينيين والآن بالذَّات على مواقف قبل سنين حدثت من أناس بعضهم تحت الأرض الآن.
نحن الآن بحاجة ماسَّة إلى وحدة الكلمة ووحدة الرأي ووحدة الجهود والبذل لوجه الله تعالى.. فقد تبرعنا فيما مضى لوجه الله وقدَّمنا دماءً وأموالاً لوجه الله تعالى أداء لواجب وتلبية لداعي الله تعالى، وهذا ما نأمل أن يستمر وهو ما عليه ولاة أمرنا في هذا البلد الكريم المملكة العربية السعودية، فقد سررنا بعلاج الجرحى من إخواننا في مستشفيات المملكة وبقوافل المساعدات التي تقدم وغير ذلك كثير، جزى الله قادة هذا البلد خير الجزاء ونفع بهم.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى أن يتقبل مَن مات في فلسطين شهداء في سبيله، وأن يشفي مرضاهم وأن يكف عنهم كل شر وعدوان وسوء إنه جواد كريم.
عبد العزيز بن صالح العسكر ص.ب 190 - الدلم 11992