Al Jazirah NewsPaper Monday  26/01/2009 G Issue 13269
الأثنين 29 محرم 1430   العدد  13269
بين الكلمات
ضد المتاجرة بالنساء
عبد العزيز السماري

 

من الصعب إحصاء عدد القنوات الفضائية التي يملكها رأس المال العربي، فالأرقام تجاوزت الحد المعقول، وأصبح بث قناة فضائية جديدة أمراً ممكناً وفي سهولة فتح محل تجاري على أحد الشوارع الرئيسية، لكن وجه الاختلاف بينهما هو في الحرية التي تتمتع بها القنوات الفضائية، بينما قد يعاني صاحب المحل التجاري الأمرين إذا حدث وتأخر يوماً ما عن إغلاق المحل وقت الصلاة، أو إذا خالف الأنظمة المحلية، مما جعل المشاهد يستغل هذا الفارق في إدمان متعة التجول في الفضاء بحرية وبلا قيود، ويطلع على وجهات نظر لمختلف التيارات السياسية والدينية والثقافية، وأن يمارس فضوله في مشاهدة القنوات التي لا تلتزم بالقيود والأخلاق.. خصوصاً تلك التي تعتمد على إثارة غرائز المشاهد وأطياف ذاكرة الحرمان لديه..

فحسب العالم الشهير سيغمويد فرويد لا يوجد أيضاً جسد بريء، وإن الإنسان منذ الصغر ينمو وتتطور معه الشهوة الجنسية، وربما لهذا السبب كان حضور الجسد الأنثوي في كثير من القنوات الفضائية طاغياً ومستغلاً تاريخ الانحراف الجنسي عند البشر عندما يخرج بكامل زينته وبجرأة غير معهودة، وربما لهذا السبب استمرت تحليلات فرويد مصدراً دائماً للجدل العلمي، وظلت إيماءات الجسد منجماًَ لا ينضب للجذب الإعلامي وللاستثمار التجاري المتنوع في عصر الإعلام المعاصر..

لم تقتصر حركة الجسد وجاذبيته في القنوات المتخصصة في هذا الشأن، لكنها انتقلت أيضاً إلى القنوات الإخبارية العربية، فالملاحظ أن معظمها تستخدم المرأة فقط لأنها أنثى، وليس كإنسان متخصص، وعلى سبيل المثال برامج تغطية أخبار المعركة، وبرامج الأحوال الجوية، وبرامج المسابقات والشعر والبث المباشر لأسواق الأسهم، وهذا لا يجب أن يفهم أنني ضد عمل المرأة المتخصصة، لكن أجده أمراً غير مهني أن تستغل قناة إخبارية متخصصة جمال امرأة في تغطية الحروب أو في أسواق الأسهم أو تقديم مسابقات الشعر الشعبي من أجل جذب المشاهد.

ولكي ندرك هذا الاستغلال الخاطئ علينا مشاهدة القنوات الغربية الشهيرة والمتخصصة في الأخبار مثل ال بي بي سي، وال سن ان ان، والأي بي سي، والسي بي أس... قنوات تحرص على مخاطبة عقول المشاهدين وليس غرائزهم، وتلتزم بالخبرة العملية والعلمية في تقديم برامجها المتخصصة..

تناولت الأبحاث العلمية السلوك البشري وتأثره بمشاهد الإثارة الجنسية، وكان ميدان الدراسة صالات القمار في لاس فيغاس، إذ لاحظ الباحث عبر سلسلة من الفحوصات الوظيفية أن وجود النادلات المثيرات للغرائز الجنسية يزيد من روح المقامرة عند رواد صالات القمار، وهو ما ينطبق لحد ما على المسابقات التي أشبه بالقمار في بعض القنوات العربية، والتي لا تتجاوز إمكانياتها أكثر من استوديو صغير ومذيعة فاتنة وأغنية وسؤال ساذج،... خلاصة الأمر إن استغلال الجسد ومفاتنه يزيد من روح المقامرة في المجتمع المحافظ..، وقد يؤدي إلى كوارث اقتصادية خصوصاً في صالات الاتجار بالأسهم..

الجدير بالذكر أن حملة (ضد المتاجرة بالنساء) انطلقت من سويسرا وليس من مقر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في (معكال)، فقد اتفقت أكثر من 25 منظمة نسائية ورجالية، ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، ومكاتب للمساواة، ومراكز استشارية، وجمعيات تعاون، ومؤسسات كنائسية، ونقابات للعمل سوياً من أجل مناهضة استغلال النساء والمتاجرة بأجسادهن قانونياً...

ختاماً أجد أفضل الطرق المتبعة للحد من ظاهرة انتشار القنوات التي تستغل جسد المرأة للكسب المادي تطبيق نظام وزارة التجارة في المملكة، والذي يفرض كتابة اسم مالك المحل التجاري بجانب اسم المحل سواء كان بقالة أو صالون حلاقة أو معرض ملابس نسائية، وذلك لكشف ظاهرة التستر، لذلك أطالب أن يتم كتابة اسم المالك بجانب اسم القناة الفضائية أسوة بما تم تطبيقه على المحلات التجارية محلياً، وذلك لكشف المتاجرين بجسد المرأة في الفضاء ثم ملاحقتهم قضائياً.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد