Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/01/2009 G Issue 13272
الخميس 03 صفر 1430   العدد  13272

إيقاعات
مسيار، مسفار، مؤانسة..وماذا بعد؟!
تركي العسيري

 

تستهويني التحقيقات والاستبيانات والموضوعات التي تتحدث عن الزواج، وبالذات حين يكون الحديث عن زواج (المسيار) وأخويه من الرضاع (المسفار) و(المؤانسة)، لا لشيء إلا لرغبة قديمة وأدتها رحى السنين العاتية، والظروف الموحلة، وتكشيرة (الرفيق!) الذي ينقلب من حمل وديع طيب المعشر إلى (ذئب) شرس لا يتورع في الانقضاض عليك عند الحديث عن فائدة الزواج بأخرى!

وكنت من أوائل من كتب عن زواج المسيار (في أوج عظمته)، وعن فوائده الجمّة التي لا تخفى على ذي بصيرة. وطالبت وقتها بتغيير التسمية إلى (زواج الوفاق)، باعتباره في النهاية وفاقا بين الرجل والمرأة لإبعاد شبهة التسلل في الليل البهيم إلى (خدر) الزوجة المصون.

وقلت: إن الفعل (سَارَ) ومشتقاته هو لا غيره المسؤول عن تخوف بعض النساء، ورفضهن لهذا النوع من الزيجات ففيه كما قلنا شبهة السير والمسيار في جنح الليل.. وقد تحملت الكثير من الهجوم الشرس.. خاصة من فئة النساء الغيورات و(المغتربات)، حتى أن إحداهن قالت:

هل ترضى هذا الزواج لأختك أو ابنتك؟ ورغم صمودي ومحاولتي الإجابة الفورية برباطة جأش أحسد عليها.. (بأن الأمر عائد لها)! إلا أن ذلك لم يقنعهن. ولسوء حظ الغيورات أولئك فقد ظهر فيما بعد نوعان آخران من الزواج (فاتح الشهية): (زواج المسفار)، و(زواج المؤانسة). ولم يبق أمامهن إلا الاستسلام للقضاء المحتوم. فالمسفار - كما أفهم- لا يكلف أكثر من تذكرة سفر، وعقد مكتمل، ورغبة من الطرفين في قضاء إجازة سعيدة، وبما أنني رجل كثير الأسفار فقد أبديت تعاطفي وتأييدي لهذا النوع، ووجدت فيه فرصة للإفلات من قبضة (البعض) وممن أوصد الأبواب في وجهي بدعاوى كثيرة أحترم بعضها، وأرفض بعضها! أما زواج (المؤانسة) فهو زواج عذري بامتياز، يقترن فيه الرجل بالمرأة لا لهدف إلا (المؤانسة) و(السوالف) و(شرب أقداح القهوة المهيّلة).. ووضع سريرين متقابلين حتى ولو كانت البطون خاوية. يقول (الأصمعي):

مررت ذات يوم بعجوزين متقابلين أمام خيمتيهما.. فسمعت الرجل يقول بصوت مؤثر:

يا رب إني قاعد كما ترى

وامرأتي قاعد كما ترى

والبطن منا خاويا كما ترى

فما ترى يا ربنا فيما ترى

المهم. هذه (الميمات) الثلاثة فيها فرج وفسحة لمن كانت له مشاعر تنبض بالاخضرار والرغبة، ولكنه يملك قلب (نعامة) فتخاء تجفل من صفير الصافر!

وفي ظني.. أنه لو قدّر (لمؤسسة نوبل) التي تمنح الجائزة المعروفة باسمها أن تضيف جائزة لمن يبتكر أسماء جديدة لجمع رأسين بالحلال لما استحقها غيرنا نحن العرب فلغتنا ثرية بالاشتقاقات المذهلة التي تستطيع من خلالها أن تبتكر دلالة لفظية لكل حالة مستجدة. نعرف أن الأمم تتبارى في الاكتشافات العلمية، والعرب يتبارون في الاكتشافات اللفظية.

فلا فرق بيننا! أليس الهدف الأسمى لأي ابتكار هو إسعاد (بني البشر)؟!

آه.. (وكم ذا (بيعرب) من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء!!).

alassery@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد