Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/01/2009 G Issue 13272
الخميس 03 صفر 1430   العدد  13272

رحم الله أباك يا حكيمة
بدرية بنت صالح القناص

 

إلى مساعدتي الغالية.. حكيمة بنت عبد الله بن عبد العزيز الربدي.. إلى من أرجو لها السعادة الأبدية.. والحياة الهنية.. إلى الإنسانة التي أثق أن لها من معاني اسمها الشيء الكثير.. استسمحك يا عزيزتي بأن أخاطبك على الملأ.. وأن أنثر حروفي هذه لك على مرأى من الناس.. فكم من مرة يا حبيبتي دخلت عليَّ في مكتبي تقولين لي يا أم محمد أرجوك اكتبي عن المشكلة الفلانية وعن الموضوع الفلاني في الصحف.. لكنني للأسف كانت الظروف تبعدني عن القلم كثيراً فإذا بي اليوم آتي إلى قلمي لأكتب لك ولأجلك أنت أيتها الإنسانة العزيزة على قلبي فلا أدري بأي الكلمات أواسيك وأعزيك وقد فقدتِ أعز إنسان لديك والدك الشيخ (عبد الله بن عبد العزيز الربدي) الذي فقدته مدينة بريدة.. يوم الخميس ليلة الجمعة الموافق 25-1-1430هـ ففقدت بريدة برحيله أحد الرجال النبلاء، ذلك الإنسان الذي أحب الناس فأحبوه فحزنوا لرحيله، وكيف لا يحزن عليه الجميع وقد تواضع -رحمه الله- للصغير قبل الكبير وللفقير قبل الغني.. محب للخير مع القريب والبعيد، رغم أنه -رحمه الله- كان لديه من الدواعي والأسباب التي لو كانت عند غيره لدعتهم للكبر والمفاخرة.. كيف ووالدك يجمعه النسب مع الأسرة الحاكمة.. فكم في مجتمعنا من أناس تلبَّسهم الكبر والتعالي على الناس لمجرد مناصب ومراكز أولاهم إياها قادة هذه البلاد فإذا بهم إذا تركتهم هذه المناصب نسيهم الناس ولم يذكروهم، والدك يا غاليتي لن ينساه الناس حيث لم ينسهم هو في حياته فترك من ورائه ذكراً جميلاً. يقول الشاعر:

الذكر يبقى زمانا بعد صاحبه

وصاحب الذكر تحت الأرض مدفونا

عاش والدك حياته في (المطار القديم) ومات فيه ولم يفارق جيرانه ومسجده إلا إلى قبره.. وإن كنت أنسى فلن أنسى ذلك الموقف الذي ذكرتِه لي عن والدك عندما لم يقبل أحد أبنائكم في المدرسة الموجودة في حيكم لكثرة الطلاب في تلك المدرسة.. وكيف كان رد والدك وموقفه عندما علم وكيف بُرر لكم رفضهم فيا ترى لو كان أحد غيره سواء من بريدة أو غيرها ممن لهم مراكز أو نحوه ماذا سيكون ردهم لو حدث مثل هذا الموقف، يربطه النسب مع ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين فينظر للأمور بهذا التواضع وهذه القناعة.

كنت أدرك أيتها الغالية قربك من والدك وتعلُّقك به وكيف كان يدفعك للعمل والإخلاص فيه فلم يكن مفاجئاً لي أن علمت أنك من حمله إلى المستشفى عندما داهمته النوبة القلبية.. لكنه بلا شك هو البر والحب الذي جمعك به حتى آخر لحظة من لحظات حياته.. فهنيئاً لك يا عزيزتي ذلك ولينزل الله على قلبك وقلب والدتك وأخواتك وإخوانك الصبر والسلوان.. قد كان بالإمكان أن أوجه لك هذه الكلمات دون أن يسمعها الآخرون لكن والدك لم تكونوا أنتم وحدكم من فقده بل فقدته بريدة كلها ولا أدل على ذلك من أولئك المصلين والمشيعين الذين تزاحموا في جنازته من جميع الفئات والطبقات والأمراء الذين سابقوا الناس على دفنه وتقبُّل العزاء فيه.

وأخيراً أيتها الغالية أُذكِّرك بأن اسمك الذي اختراه والدك - رحمه الله- كان جميلاً ورائعاً كروعتك فلتكوني حكيمة وصابرة ومسيطرة على مشاعرك وحزنك لأجل والدتك ومن حولك ومن أجل أن يرتاح والدك في قبره.. أسكنه الله فسيح جناته.. ولا أقول لك في ختام كلامي إلا كلاماً للإمام علي كرَّم الله وجه:

لا تجزعنَ إذا نابتك نائبةٌ

واصبر ففي الصبر عند الضيق مُتسع

إن الكريم إذا نابتهُ نائبةٌ

لم يبدُ منه على علاتهِ الهلعُ

بريدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد