مؤتمرات تتلو مؤتمرات، وندوات تعقبها ندوات، وورش عمل وملفات على كل الأصعدة، ومختلف المستويات، تقوم بتنفيذها واستضافتها العديد من المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية، أو هما معاً، وفي سائر المجالات والتخصصات، وتستضيف مدينة الرياض - على سبيل المثال - منها العشرات شهرياً، ولكن ما الفائدة، وما رجع الصدى لهذه المؤتمرات والندوات والحلقات وورش العمل!

من المعلوم أن معظم المؤتمرات تخرج دائماً بتوصيات يوصي بها المجتمعون، وكذلك الحال بالنسبة للندوات والملتقيات، والآن أضيف إليها المنتديات كصيغة جديدة لم تكن معروفة قبل خمس سنوات، ولكن السؤال أيضاً: من المسؤول عن تنفيذ التوصيات وتفعيلها؟

هناك مؤتمرات دورية، بمعنى أنها تنعقد كل عام تقريباً، ومضى على تنظيم بعضها ما يزيد على عشرين عاماً أو تزيد، تنظمها على المستوى المحلي وزارات وهيئات حكومية، وهذه الجهات خدماتها تلتصق بالمواطن وحياته، ولم تنفذ توصيات المؤتمرات الثلاثة الأولى، في حين أن الاجتماع العشرين قد عقد، وسيعقد ما يليه دونما تنفيذ للتوصيات، ولا أعتقد أن هذا سوف ينفذ، فهناك ما هو أهم من التوصيات والمؤتمرات ونتائجها، وهي خطط التنمية الخمسية لم تفعلها بعض الجهات الحكومية، وما زلت أتذكر تصريحاً لمسؤول (طوارئ) على وزارة الصحة في 1403-1404هـ، صرح في ذلك الوقت بأن الوزارة سوف تنفذ (2000) مركز صحي داخل المملكة، وها نحن طوينا ربع قرن من ذلك التصريح، ولم نشاهد هذا العدد قد اكتمل، وإذا كان هذا التصريح (خيالياً) في حينه، فيجب محاسبة من صرّح به على أوهامه، وخيالاته، وإذا كان واقعياً فيجب معرفة الأسباب التي حالت دون التنفيذ.

أعود لموضوع المؤتمرات والندوات، وأتذكر شرحاً لأحد أصحاب المعالي الوزراء (المعمرين)، ممن اشتهر بالدقة والانضباط، وقد تولى مهام إحدى الوزارات في أثناء إجازة الوزير (الأساس)، وكان هناك عرض لحضور خمسة مسؤولين لدورة تدريبية في إحدى الدول، ولم ير فائدة تذكر من حضورهم، خصوصا وأن البلد المستضيف لهذه الدورة عليه علامة (!)، فذيل العرض بشرح (بقاؤهم في عملهم خير لهم).

وأنا أقول - وخاصة في بعض المؤتمرات والندوات المحلية -: بقاؤكم في أعمالكم خير لكم، ما لم تفعل التوصيات والمقترحات، ولم يطرأ على الخدمات التي تقدمونها، والأنظمة التي تقرونها أي شيء، فعلام تجتمعون؟ ولماذا تكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة للفنادق والانتدابات والحفلات؟ بل وإرهاق الأهالي في المدن التي تستضيف هذه الندوات بدعوة الوزير والمسؤولين، وإقامة الحفلات لهم.

وإذا كان ولا بد من عقد مؤتمرات، فأتمنى أن يوكل لمكتب أو إدارة تابعة للجهة العليا تتابع تنفيذ التوصيات والمقترحات.. والله المستعان.