Al Jazirah NewsPaper Friday  30/01/2009 G Issue 13273
الجمعة 4 صفر 1430   العدد  13273

لغتنا حياتنا وعزنا
سليمان الثنيان

 

إذا نظرت إلى حياتنا، وواقع لغتنا، رأيت عجباً عجاباً، وصراعاً غير معقول ولا مقبول، وتصرفات غير مسؤولة.

فبينما نحن نملك أعظم، وأقدر، وأعز، وأجمل لغة في العالم بشهادة أعدائها قبل أصدقائها، تجدنا رغم ذلك نتهافت على لغة أعدائنا تهافت الفراش على النار، لنقيم لغة العدو، ونرفع رؤوس أهلها، وندمر لغتنا ونحبط أهلها ديناً، ودنيا، وعزاً، واستقلالاً.

إنّ فرض اللغة الإنجليزية على جميع المتعلمين في مختلف مراحل التعليم، يؤدي إلى تجهيل الأجيال بعد الأجيال بلغتهم الأم، وإبعادهم عنها، وهذا يؤدي يقيناً إلى احتقارها وعداوتها، والاستخفاف بها وبأهلها، وبكل ما تحمله هذه اللغة المغلوبة المقهورة، من قرآن، وسنّة، وفكر، وعقل، وحكمة سطّرها سلف هذه الأمة ليتربّى عليها خلفها.

وإنّ أبناءنا لن يروا الفلاح بتقنية، أو هندسة، أو صناعة، أو خبرة علمية أياً كان نوعها وهم عبيد للغة أعدائهم يصارعونها بالليل والنهار، وهي صارعتهم، وموهنتهم، ومانعتهم من كل خير، وحاجبتهم من الخبرة، والتقنية والتصنيع، ومضيعة لممتلكاتهم وخيرات بلادهم.

فها هي مثلاً الشركات العاملة في بلادنا تطرد أبناءنا من العمل لديها، وتحرمهم من الخبرة، والدراية، والقدرة على ممارسة الأعمال الصناعية والفنية، والإدارية، والاقتصادية، بحجة عدم إتقانهم اللغة الإنجليزية، وتأتي بدلاً منهم مَن هم غير سعوديين.

أحرام على بلابله الدوح

حلال للطير من كل جنس

وحقاً ما كان لهذه الشركات، أو المصانع أن تعمل في بلادنا إلاّ بلغتنا، ولا قبول لأي عذر، فجميع بلاد العالم ذات السيادة تجبر جميع الشركات العاملة لديها وطنية كانت، أو أجنبية على أن لا يتعاملوا إلا بلغة البلاد.

كما تجبرهم على توظيف أبناء البلد في كل الوظائف، وتدريبهم عليها، ليقوموا بأعمال الشركات أو المصانع أو المؤسسات دون الاعتماد على أي أجنبي.

وبذلك يقوم الاقتصاد الوطني، ويكتسب أبناء البلد الخبرة، والقدرة على بناء حياة كريمة، واقتصاد صاعد، يحقق مصالح الأجيال الحاضرة، ويبني القواعد المتينة للأجيال القادمة.

وأقول لا عزّة لنا ولا كرامة، ولغتنا مذلة مهانة، وهي أكرم، وأعز لغة تحدث بها إنسان، وما أذلها إلاّ بعض أهلها، الذين أبعدوها، واحتقروها، ونصروا عليها لغة أعدائهم وماصي دمائهم، يقول الرافعي - رحمه الله -: (ما أعز الله قوماً أذلّوا لغتهم).

ولذا نجد جميع الأمم ذات الطموح والأهداف تتنافس في إقامة لغتها في كل الميادين لتحمي وجودها، وفكرها، وحضارتها واعتبارها.

(لا حياة لأمة من غير فكر، ولا فكر من غير لغة، ولا لغة من غير قوامة).


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد