سطا مسؤولو التعليم الفني والتدريب المهني على الحاجة إلى الأيدي السعودية في المجالات المهنية والفنية للوطن في كافة المجالات.. من هنا استذكى المخططون على تلك الحاجة التي يتوازى معها الخجل القديم للامتهان للحرف التقنية.. وصال الفكر الذهين لأعلى سلطة في المؤسسة أن يجد ما يؤهل الدافع المعنوي قبل الفني لكثير من الشباب والشابات..
حكى لي هذا الأمر الواقع القريب من المؤسسة حينما تجد فيها شباب ذو حيوية ومنطق في الحس الوطني.. وتوجه البعض منهم إلى قطاعات ذات حساسية كبيرة في المؤسسات التي يعتمد عليها في تأمين سلامة البشر جواً وبحراً وبراً.. وتجاوزت تلك المرحلة من التأمين إلى أبعد من هذا.. حينما امتهن خريجو تلك المؤسسة الواسعة النطاق إلى العمل في مجالات واسعة كنا في زمن نستعيب ممتهنيها؟ لكننا اليوم مع الانفتاح الاجتماعي الخلاق المدارك النامية لكل شرائح المجتمع.. سهل عملية الإقتناع بأن أي عمل شريف يعطي الشاب حقه في العيش دون النظر إلى ذاك وذاك.
واستثارني ذلك الشباب الذي يعمل في أحد المطاعم الشهيرة بالوجبات السريعة وهو يجهز السندوتشات للزبائن.. كنت أنا أحدهم.. إذ هو ابن عم لصيق ومباشر بصاحب الشركة التي تمتلك الأفرع الضخمة.. ولم يأبه من الخجل.. بل بادر بالتعريف بنفسه وذكر لي أنه ابن عم صاحب المطعم.. هؤلاء هم من نرفع القبعة احتراماً لهم.. لكن السؤال: من دفع بهذا الشاب للعمل بافتخار.. إنه الغيرة من زملاء المهنة وغيرهم ممن تخرجوا من المعاهد والكليات التقنية الذي شجعوا أمثاله.. وكانت تلك المهن سبيلاً للعيش الرغيد بعد صبر ومثابرة..
وحينما استعرضت عدداً من الشباب في الحدادة والكهرباء والنجارة في أطهر بقعتين على الأرض (مكة المكرمة والمدينة المنورة) في برنامج تلفزيوني تشرفت بتقديمه وإعداده زاد الشباب توهجاً وهم يشاهدون تلك النخبة في أرقى وأهم المؤسسات الخاصة التي تعنى بالحرمين الشريفين.. أولئك يتقاضون مرتبات عالية نتيجة صبرهم وحماسهم للعمل المهني.. وهم من تخرجوا من المعاهد والكليات التقنية ولا خجل..
الموقف الجميل حينما خرج ثلة من الشباب السعودي قبل أيام هم زائرون محافظ المؤسسة العامة في مكتبه والبهجة تغمرهم.. فجادت قريحتي بسؤالهم عن طبيعة عملهم.. إذ هم مجموعة مهنية كلفوا بالإشراف على متابعة تشغيل المبنى الجديد للمؤسسة الواقع في طريق الملك فهد.. وأنيطت بهم عدد من الأقسام الدقيقة في كل ما يشغل المبنى من كهرباء وتكيف وصيانة وحاسب آلي وغيرها.. هذه الثقة أعطت لأولئك نمطا من السعادة والشعور بالثقة الواسعة النطاق.. أهداها لهم المحافظ الذي تمتد يده لكل شاب وشابة في المؤسسة..والأجمل حينما يتعامل معهم وكأنه جزء من عملهم اليومي.. وهو الذي يرتدي اللباس الكحلي أو الأزرق كعنوان وبصمة شرف للممتهن لمثل هذه المهن الشريفة ولا عيب..
الدكتور علي الغفيص أو كما يطلق عليه (نصير المهنيين) هو نفسه الذي أشاع التقنية وعلومها في المملكة.. وهو الذي نقل التجارب العالمية وأخذها إلى الوطن.. وهو الذي تسبب في أن يحاكي الوطن (دول الجوار) التي تطلب منا نقل التدريس ومناهجه إلى دولهم.. وهو الذي سبب للخجل وئداً طويلاً..
هنا يجب أن نقول الحق.. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله..
الشيء الذي يزعجنا حينما نجد البعض من المسؤولين أن يتخذوا من الإعلام سلوكاً في منهجهم غير الواقعي.. وكان الأجدى أن تكون أعمالهم الرصينة هي التي تتحدث عنهم.. وهي المفترض أن يبحث الإعلام عنها.. لا يجب نصب الصور بطرق مبتذلة تصور لنا عكس المضمون وفيها مبالغة ميدانية؟
تعبنا من الزلق والتزلف.. وإذا ما رأينا نتائج واضحة وصريحة على ارض الواقع.. فأن ذلك مدعاة للتضجر.
وها هي الكليات والمعاهد نجد فعاليتها ونتائجها في كل مكان يديره الشاب السعودي.. إن ميكانيكا أو كهرباء أو في المطاعم أو الشركات أو المشاريع البنائية.. أو الصيانة في أفخم شركات الطيران المدني والعسكري في المملكة.. وفي كل مناحي العمل المهني والتقني.
أليس هذا مفخرة واقعية نرفع قبعاتنا احتراماً لمن أسس في الشباب حس العمل المهني والتقني دون حياء.. أليس هذا وطن يديره أبناء الوطن.
شكراً لكل يد مدت لهم تشجيعاً.. وشكراً (غازي وعلي) على هذا النهج المبيد لكل مهبط للعزم أو مبطن للواقع والمستقبل.
إعلامي