Al Jazirah NewsPaper Friday  30/01/2009 G Issue 13273
الجمعة 4 صفر 1430   العدد  13273
الشيخ الزبن.... في عيون محبيه
د. زيد المحيميد

 

(وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ)، هذا هو عزاؤنا وعزاء العلماء والقضاة والدعاة والمحبين في وفاة الشيخ محمد بن عبدالله الزبن رئيس فرع (ديوان المظالم - سابقاً- والمحكمة الإدارية حالياً) في المنطقة الشرقية. ففي يوم الثلاثاء الموافق 24-1-1430هـ انتقل إلى رحمة الله تعالى أثر سكتة قلبية مفاجئة، وحيث إن فضيلته من تشرفت بصحبته وملازمته طيلة خمس عشرة سنة، فقد كان رحمه الله قاضياً مهيباً لا يخاف في الله لوم لائم محبوباً من مجتمعه، مخلصاً في عمله، واصلاً لرحمه، فقد كانت معالم شخصية طالب العلم مرتسمة عليه منذ نعومة أظفاره، منصفاً لأهل العلم محبباً في طلبه, مسهلاً لهم الطرائق للحصول عليه عبر ما يستشار به من خلال بعض زملائه من القضاة أو طلاب العلم الذين يأتون إليه للحصول على بعض الأجوبة الشافية لهم.

أنهى المرحلة الابتدائية والمتوسطة في وقت مبكر ثم التحق بمعهد إعداد المعلمين وعمل بعد تخرجه مدرساً بالمرحلة الابتدائية في أول حياته العلمية إلا أن طموحه وحبه للعلم والنهل من مناهله جعله ينتسب للمعهد العلمي ببريدة فحصل على الشهادة الثانوية عام 1389 - 1390هـ، ثم التحق بكلية الشريعة بمدينة الرياض منتسباً وتخرج منها عام 1393 - 1394هـ، فعمل مدرساً بالمرحلة المتوسطة بمدينة الدمام بعد تخرجه ثم انتقل إلى الرياض مدرساً في المرحلة المتوسطة كذلك. وقد حانت لفضيلة الشيخ فرصة التفرغ للدراسات العليا بالمعهد العالي للقضاء بمدينة الرياض فدرس بالمعهد منتظماً بقسم السياسة الشرعية وحصل على درجه الماجستير في رسالته (أحكام أهل الذمة) عام 1399هـ، فعين بعدها عضواً بديوان المظالم بالمنطقة الشرقية وتدرج في مناصبه حتى وصل إلى قاضي تمييز رئيساً للديوان نفسه حتى توفي - رحمه الله - وهو على رأس العمل.

من خلال هذه المقالة سوف أرصد كلام بعض من محبيه ممن طرح في وسائل الإعلام في الأيام القليلة الماضية؛ فقد قال عنه رئيس محكمة القطيف الشيخ فؤاد الماجد: (كان الشيخ رحمه الله من المشهود لهم بالعلم والخير والصلاح وكان إماماً وخطيباً ومحبوباً عند الجميع.. ويهتم بالعلاقات الإنسانية خصوصاً مع مرؤوسيه في العمل ولذلك كان يأخذ بآرائهم- متى ما رأى المصلحة في ذلك- كان قيادياً ناجحاً محباً للعمل الجماعي..)، وقال عنه رئيس محكمة الجبيل الشيخ رياض المهيدب: (أن الشيخ الزبن ذو حجة بينة وذو رأي سديد قلما تجده في غيره وكان -رحمه الله- ذا علم ودراية وأخلاق رفيعة متأدبة ومتخلقاً بدينه وخطيباً مفوهاً). أما القاضي بالمحكمة العامة بالدمام الشيخ عبدالله آل داوود فقد قال عنه: (رحل وقد امتلأت سيرته بسمات له فيها صفة التفرد الفذ حتى تكاد تصل إلى حد التبادر الذهني عندما يذكر أو يخطر بالبال). وقال الأستاذ عبد السلام الجراد سكرتير الدائرة القضائية والذي عمل مع الشيخ الزبن في الدائرة التجارية الخامسة عشرة والدائرة التأديبية الحادية عشرة حيث قال: (خلال عملي مع الشيخ سنوات عديدة لم أر منه ما كدرني وكان يعاملنا أحسن ما تكون المعاملة ويساعد الجميع ويقدم شفاعته للمحتاج سواء من الديوان أو خارجه، ومن صفاته بسط اليد ويساعد المحتاج. فقد كان والدنا جميعاً ويسأل عن أحوالنا). (جريدة اليوم، الجمعة، 26-1- 1430هـ، العدد 13006).

وقال عنه صديقه المخلص الأستاذ عبدا لله الضالع في مقالة له في جريدة الجزيرة ومما قاله: (وقد تولى الصلاة والخطبة في جامع الخليل بمدينة الدمام عدة سنوات كان فيها يلقي الخطب الهادفة لمعالجة الكثير من قضايا أمته ووطنه مورداً لها الحلول المناسبة مشدداً على الالتزام بالوسطية وملازمة الجماعة داعياً إلى عدم الفرقة والسمع والطاعة لولاة الأمر - حفظهم الله- فكسب احترام الناس وتقديرهم كما كان له مشاركات متعددة ومختلفة في وسائل الإعلام وفي مناسبات مختلفة باذلاً نفسه للفتيا والرد على أسئلة السائلين في أي وقت وفي أي زمن). (جريدة الجزيرة، 29-1-1430هـ، العدد 13269).

نتيجة لمآثر الشيخ ومعالجته لكثير من القضايا الصعبة والتي أجاد - رحمه الله- بحلها سواء القضايا المعقدة التي تحال إليه داخل المنطقة أو من مناطق أخرى، أرى توثيق هذه القضايا وتحليلها وتبسيطها من قبل مختصين، وكذلك القضايا المشابهة التي تم الحكم عليها من قضاة آخرين متميزين في المملكة في كتاب يدرس لطلاب المعهد العالي للقضاء لينتفع بها وتكون نماذج يقتدى بها لكون هؤلاء الطلاب سيصبحون قريباً قضاة في مناطق المملكة العربية السعودية، وهذه منهجية علمية معروفة حيث توضع عمليات (تطبيقية) مع توضيح الخطوات المنهجية للتعامل مع كل حالة لتكون معينة للطلاب على الفهم.

أسأل الله أن يجعل منزله الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجعل قبره روضة من رياضها وأن يخلف على أهله وعلينا فيه بخير.

كاتب وأكاديمي سعودي


zeidlolo@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد