Al Jazirah NewsPaper Friday  30/01/2009 G Issue 13273
الجمعة 4 صفر 1430   العدد  13273

تعقيباً على الدغيشم:
قتلة الحسين يستحقون اللعن

 

اطلعت على ما كتبه الأخ عبدالرحمن بن صالح الدغيشم، في الجزيرة يوم الخميس 18 محرم 1430هـ بعد مضي أسبوع من نشره، مستدركاً على لعن قتلة الحسين رضي الله عنه في مقالي المنشور بهذه الجريدة يوم الثلاثاء 9-1- 1430هـ بعنوان (مقتل الحسين في العاشر من محرم) وقال لعله زلة قلم.. إلخ.

فأقول الحسين هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم وهو ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ابن رسول الله صحابي جليل، من أهل الجنة، شهيد.. الخ. قتلوه ظلماً وعدواناً، فإذا اتفقنا أنهم فعلوا فعلاً عظيماً، وارتكبوا جرماً كبيراً، قُرن بالإشراك بالله، فهل يستحقون اللعن أم لا؟

فإن قلت يا أخي عبدالرحمن لا يستحقون فهم في نظرك ارتكبوا ذنباً يسيراً، ودم الحسين رضي الله عنه رخيص في نظرك وللأسف الشديد. وإن قلت كما أقول إنهم ارتكبوا ذنباً عظيماً، ويستحقون لعنة الله فقد اتفقنا، وقد قرن الله قتل النفس المؤمنة بالإشراك به في عدة مواضيع من كتابه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} (68) سورة الفرقان. وقد قال تعالى: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93) سورة النساء، وثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل: ما ترى في رجل قتل مؤمناً متعمداً؟ فقال: { فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} الآية.

فقال: أفرأيت إن تاب وعمل صالحاً ثم اهتدى، فقال بن عباس: ثكلته أمه، وأنى له التوبة والهدى..) وجمهور العلماء أن له توبة وهو الصواب، وقول ابن عباس وإن كان مرجوحاً، إلا أنه يدل على شناعة قتل المؤمن، فكيف إذا كان ذلك المؤمن ابن رسول الله..!!

وقد قال الناظم:

ويل لمن قتل الحسين فإنه

قد باء من مولاه بخسران

تأمل كيف حكم الناظم بأن قاتل الحسين قد باء من الرب بالخسران، مع أنه رحمه الله لا يكفر قتلته، ولكنهم مستحقون لغضب الله ولعنته التي ذكرها في كتابه، ثم قل لي بربك ماذا تقول في قتلة عثمان بن عفان مثلا, وهم أحسن مكانة من قتلة الحسين وقد لعنهم علي بن أبي طالب وغيره من الصحابة، ثم ماذا تقول في قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

إن الإمساك عنهم بحجة أنها أمة مضت وخلت، معناه الارتياب في أفكارهم وضلالهم وأعمالهم ولا أحب إدخالك والقراء في موضوع يصعب الخروج منه، والعافية في تركه.

أخي لو أن أحداً من الناس نال منك وذريتك بلسانه دون يده، لوقعت فيه ولعنته الدهر كله، وتلك ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما إيرادك لما أوردته من أدلة ونصوص، فإن هذا ليس محلها، وإنما تنصرف هذه النصوص والأدلة إلى من لا يستحق اللعن من المسلمين أو الإكثار من اللعن حتى يكون اللعن ديدنه وعادته، ولذلك جاءت بصيغة المبالغة (اللعان) أي المكثر من اللعن ومثله (اللعانون) واللعن بالوصف جائز، لا بالشخص ففيه خلاف. وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما مسلم سببته أو لعنته فجعل ذلك كفارة له..) أي إذا كان لا يستحق اللعن، ولعلها قد خفيت عليك مكانة الإمام الشهيد ابن رسول الله وصاحبه، فظننت أن دمه كدماء المسلمين، ونحن وسط في آل البيت بين الروافض والنواصب، لا نكفر قتلة الحسين، ولكننا نبغضهم ونسبهم، ونتقرب إلى الله بذلك، فنحن وسط بين من أحبهم أو كفرهم، وعلى المرء أن يحذر من ردود الأفعال حتى لا يقع في الفكر المعاكس (النواصب) نعوذ بالله من الرفض والنصب، ومرحباً بالسنة وأهلها.

الله أسأل أن يحشرنا معه، وأن ينتقم له في الآخرة، يقول ابن كثير: (.. سوى شرذمة من أهل الكوفة قبحهم الله كانوا قد كاتبوه ليتوصلوا به إلى أغراضهم ومقاصدهم الفاسدة).

كتبت هذه الأحرف على عجل والموضوع يحتاج لأكثر من ذلك.

فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري

مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد