Al Jazirah NewsPaper Saturday  31/01/2009 G Issue 13274
السبت 05 صفر 1430   العدد  13274

أما بعد
أما بعد.. وطويت صفحات بوش
عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي

 

خرج بوش من البيت الأبيض، وبعد خروجه بدأت ملامح التغيير والتعقل تترى، فمن إغلاق معتقل غوانتنامو إلى رفض أساليب التعذيب في مجريات التحقيق، إلى فتح صفحة من الاحترام مع العالمين الإسلامي والعربي، وعمليات التغيير التي وعد بها الرئيس أوباما سوف تتسع وتتبلور مع مرور الأيام، وبهذا تعود أمريكا إلى بعض مما يظن بها من رغبة في التزام القوانين والتخلي عن شهوة الإرهاب والتخويف.

لقد أقام بوش الدنيا ولم يقعدها بعد أحداث سبتمبر، ورفع شعار: (أن من لا يكون معه فهو ضد أمريكا)، شعار أفزع به العالم، فهرول المهرولون لتبرئة ساحتهم، وعقدت المؤتمرات والندوات التي تدين الإرهاب والإرهابيين، ولا غرو في ذلك فالإرهاب أياً كانت مسوغاته مرفوض مستنكر، والآن وبعد أن كشف الستار عن مجازر غزة يستنتج المتابع دون عناء أن بوش ومساعديه هم محاضن الإرهاب وصناعه ورعاته.

ومما يؤكد هذا ويدل عليه، تلك المسرحية الهزلية التي أخرجت بشكل ساذج عن تملك العراق لأسلحة ذرية، وبينت حقائق الواقع بعد أن سيطر زبانية بوش على العراق، كذب بوش وتزييفه للمعطيات كي يحقق منها وبها مآربه، وهذا نهجه طوال مدة رئاسة العجاف إلا من القتل والتدمير.

ويشارك بوش في هذا كل من التزم الصمت من دول العالم عن مجازر غزة، فهؤلاء جميعاً استمرأوا تقبل ازدواجية المعايير في التعامل مع الأحداث وتفسيرها، ومن أوضح الشواهد غض الطرف عن الصهاينة اليهود وهم يمارسون أبشع أنواع الإرهاب وأعنفه ضد الإخوة في فلسطين.

إن الإرهاب الذي مورس ضد غزة فاق كل صور الإجرام السابقة، فهو الأبشع والأعنف، وغزة بسببه في وضع إنساني بالغ الخطورة، وحالتها توجب التعامل معها بمعايير أخلاقية عالية، وبتجرد ومسئولية تامة، لا سيما أؤلئك الذين طالما طنطنوا كثيراً عن حقوق الإنسان، حيث عدوها قيمة يجب احترامها وتقديرها، وتحدثوا عن هذه القيمة ورفعوها شعاراً يرددونه متى ما أرادوا، حسب أهوائهم ومصالحهم، وأحياناً يستغلونها سلاحاً يشهرونه في وجه من يغرد خارج السرب الذي يرسمون مساراته، ولطالما أعطوا حقوق الإنسان أولوية ظاهرة في تحركاتهم وخطبهم الرنانة الجوفاء التي سرعان ما تتلاشى وتفشل في مواجهة الأحداث التي تدور خارج اهتماماتهم ومحيطهم الجغرافي والثقافي، وأوضح دليل على هذا تأييدهم المعلن لما يحصل في غزة من قتل وترويع وانتهاك صارخ غير مسبوق لحقوق الإنسان عامة والأطفال والنساء خاصة.

يقول أبو تمام:

إذا لم تخش عاقبة الليالي

ولم تستح فاصنع ما تشاء

وشاعر آخر يقول:

إذا حرم المرء الحياء فإنه

بكل قبيح كان منه جدير

إن الأحداث التي مرت بالأمة الإسلامية عامة، والعربية تحديداً، تحتم وقفة تحدد فيها الخطوط الحمر التي لا يسمح بتجاوزها، وما تتطلبه من اتخاذ مواقف حازمة، وإجراءات عملية للتصدي، تفضي إلى خشية الأعداء، وإلا سوف يمارس الأعداء أقبح ما يستطيعون وهم جديرون بأكثر مما نتصور من صور البغي والعدوان.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد