Al Jazirah NewsPaper Monday  02/02/2009 G Issue 13276
الأثنين 07 صفر 1430   العدد  13276
أوباما وعملية السلام في الشرق الأوسط
عبد الله بن راشد السنيدي

 

وعد أثناء حملته الانتخابية بأنه سيعمل لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وأثنى على المبادرة التي طرحها العرب للسلام مع إسرائيل وقد بدأ الرئيس الأمريكي الجديد (باراك أوباما) فور تسلمه مقاليد الرئاسة في العشرين.....

... من يناير (2009م) بتنفيذ ما وعد به حيث عين مبعوثاً للسلام في الشرق الأوسط هو (ريتشارد هولبروك) وقام بإجراء محادثات هاتفية حول هذا الموضوع مع زعماء الدول الفاعلة وهي المملكة ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل.

وهذه البداية المبكرة من قبل الرئيس أوباما للدخول في عملية السلام بين العرب وإسرائيل تدل بالفعل على طموحات هذا الرئيس في إحداث التغيير ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم بأسره كما تدل على اهتمامه بالصراع المزمن في الشرق الأوسط، بخلاف الرئيس السابق (بوش) الذي لم يعر اهتماما بهذا الموضوع ولم يكمل الجهود التي بذلها سلفه (بيل كلينتون) في سبيل إحلال السلام في هذه المنطقة المشتعلة منذ ما يزيد عن (60) عاما، بل ركز جهوده على قضية بدون أهداف وهي غزو العراق وإسقاط نظام الحكم فيه، والذي أدى إلى الفوضى والقتل والطائفية والتهجير بين العراقيين، كما أن القوات الأمريكية الغازية تكبدت خسائر كبيرة في القيادة والأفراد والمال، كما أدى هذا الغزو غير المشروع لدولة مستقلة إلى حصول مشكلة اقتصادية في الولايات المتحدة وبقية دول العالم، إضافة إلى أن ذلك أعطى إسرائيل الضوء الأخضر في زيادة مستوطناتها وبناء الجدار العازل في الأراضي الفلسطينية مع أن هذه الأعمال من قبل إسرائيل غير مشروعة وتتعارض مع القانون الدولي الذي يحظر إحداث أي تغيير في الأراضي المحتلة من قبل أي دولة، ومع ذلك فإن إدارة بوش قابلت هذه التصرفات غير المشروعة بالرضا والسكوت وعدم المبالاة.

وأمام هذا الاندفاع من الرئيس الأمريكي الجديد نحو إحلال السلام في الشرق الأوسط ماذا يجب أن يقابله من الفلسطينيين والعرب وإسرائيل.

* فبالنسبة للفلسطينيين فقد بذلوا جهداً واضحاً وتفاعلاً مع عملية السلام والدليل على ذلك اتفاق أسلو الذي تم بينهم وبين إسرائيل والذي ترتب عليه قيامهم بتعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية بما يتمشى مع ذلك، وقد ترتب على هذا الموقف أيضاً عودة قيادي منظمة التحرير وفي مقدمتهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلى فلسطين المحتلة ومن ثم قيام السلطة الفلسطينية وقيام إسرائيل بالانسحاب من عدد من المدن الفلسطينية إلا أن عدم مسايرة بعض الفصائل الفلسطينية للواقع والتفاعل مع عملية السلام والتمسك بمبدأ المقاومة المسلحة والمطالبة بفلسطين من البحر إلى النهر كان له تأثيره البالغ على عملية السلام وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث شرخ كبير في الواقع الفلسطيني عندما تم انفصال قطاع غزة.

ولذا يجب على الفلسطينيين في الضفة والقطاع من أجل إنجاح جهود أوباما والظهور أمام العالم بأنهم طرف يدعو للسلام تصفية الخلافات بينهم والعودة للوحدة الوطنية والتفاعل مع عملية السلام ومسايرة الواقع وتأييد المبادرة العربية وعدم التمسك بمطالب مستحيلة وغير واقعية كمن يطالب منهم بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر.

* أما بالنسبة للدول العربية فقد أجمعت في قمة بيروت سنة (2003م) على التفاعل مع عملية السلام عندما تبنت مبادرة السلام المعروفة والتي دعوا إلى الاعتراف بإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة سنة (1967م) بما فيها القدس الشرقية التي يوجد فيها أحد مقدسات المسلمين وهو المسجد الأقصى وقد تبين فيما بعد أن من طالب من العرب بإلغاء هذه المبادرة في الاجتماع التشاوري لبعض القادة العرب في قطر بسبب عدوان إسرائيل الأخير على غزة لم يحالفه الصواب في هذا المطلب بدليل أن الرئيس أوباما امتدح هذه المبادرة أثناء حملته الانتخابية وبعد تسلم منصب الرئاسة عند تكليفه مبعوثه للسلام في الشرق الأوسط.

فنتصور الموقف العربي أمام الرئيس الأمريكي الجديد لو تم إلغاء مبادرة السلام في القمة التي عقدت مؤخراً في الكويت، أنه سيكون بالطبع موقف محرج أمام رئيس أمريكي يرغب بجدية في إحلال السلام.

* أما بالنسبة لإسرائيل فيجب عليها النظر لنزاعها مع العرب بواقعية وأن تضع في حسبانها أن العرب لن يتنازلوا عن حقوقهم مهما كانت خسائرهم ويأتي في مقدمة هذه الحقوق إقامة الدولة الفلسطينية، ولذلك فإن على إسرائيل إبداء الاستعداد للانسحاب من الأراضي المحتلة سنة 1967م وإزالة المستوطنات في تلك الأراضي وهدم الجدار العازل الذي شيد في عمق تلك الأراضي باعتبار ذلك أهم متطلبات قيام الدولة الفلسطينية، فإسرائيل عند قيامها بذلك تكون بالفعل مهيأة لإقامة السلام معها والتعايش معها وسوف يلام من لم يتفاعل حينئذ مع ذلك من العرب في حالة قيام إسرائيل بهذه المتطلبات.

Asunaidi@mcs.gov.sa



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد