Al Jazirah NewsPaper Monday  02/02/2009 G Issue 13276
الأثنين 07 صفر 1430   العدد  13276
رؤية اقتصادية
هل نقتل التاجر أم نتركه يقتل أطفالنا؟!
د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

 

وكالات الأنباء العالمية مؤخراً أن أحكاماً بالإعدام وبالسجن مدى الحياة قد اتخذتها الصين ضد (21 شخصا) تمت إدانتهم بإنتاج وتسويق الحليب الملوث بمادة الميلامين، حيث أدى ذلك إلى وفاة العديد من الأطفال وإصابة مئات الآلاف منهم.

الجدير بالذكر أن الصحافة لدينا نشرت خلال الأيام الماضية أن وزارة الشؤون البلدية وجهت جميع الأمانات والبلديات بمختلف مناطق المملكة وبناء على ما ورد من هيئة الدواء والغذاء بسحب بعض أنواع الحليب المستورد التي ثبت أنها تحتوي على مستويات من الميلامين الضار بالصحة (الميلامين هو منتج كيميائي يستخدم في صنع أنواع من البلاستيك والمبيدات الحشرية ويستخدم من قبل بعض عديمي الذمم من التجار حيث تتم إضافته للحليب وبالتالي يبدو الحليب وكأنه ذا نسبة مرتفعة من البروتين لغرض الدعم المادي).

كما نشرت الصحف أيضاً أن أعضاء هيئة ضبط الغش التجاري بوزارة التجارة قد قاموا بمصادرة وإتلاف (3550) كيس حليب وزن 25 كيلوجراما لاحتوائها على مادة الميلامين القاتلة.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف تكتفي وزارة التجارة والأمانات البلدية بسحب أنواع الحليب الصينية الملغمة بالميلامين دون توجيه بتطبيق أقصى العقوبات بحق من يستمر بتسويقها وترويجها في أسواقنا المحلية؟ وكيف نكتفي بسحب ذلك الحليب القاتل من أسواقنا في الوقت الذي نشهد فيه قيام الصين بإعدام (21) شخصاً أسهموا في ترويج وتسويق هذا الحليب في أسواق الصين، ثم إذا كانت وزارة التجارة قد ضبطت (3550) كيساً من هذا الحليب القاتل في أسواقنا المحلية، ألا تعتقدون أن ما تم ضبطه لا يتجاوز إلا جزءاً يسيراً من كميات الحليب الملغمة بمادة الميلامين في أسواقنا خاصة إذا ما علمنا بقلة أعداد المفتشين في إدارات الغش التجاري وحماية المستهلك التابعين لوزارة التجارة في كافة مناطق المملكة؟

لن أطالب بإعدام التاجر الذي يستمر في تسويق هذا الحليب القاتل لأطفالنا بعد صدور توجيهات الجهات المختصة بسحبه من الأسواق على الرغم من منطقية تلك المطالبة، ولكنني أتساءل عن العقوبة التي ستطبق بحقه وهل ستصل إلى سجن التاجر نفسه فترة طويلة والتشهير باسمه في أجهزة الإعلام وإغلاق متجره وسحب الترخيص منه؟ أم أننا سنشهد وكالعادة عقوبات أقل ما يقال عنها أنها عقوبات مشجعة على الاستمرار في ارتكاب تلك الجرائم الإنسانية وقتل الأطفال الأبرياء من خلال تسويق حليب لا يصلح للاستخدام الآدمي.

إنني والله لاستغرب من استمرار تلك السياسات والإجراءات غير الموفقة في التصدي للكثير من الأدوية الفاسدة والسلع الغذائية التي لا تصلح للاستخدام الآدمي، والتي تعج بها العديد من الصيدليات والأسواق لدينا، فلا يمكن أن نقبل بأي حال أن يتم تسويق تلك السموم في أسواقنا في الوقت الذي لا نسمع فيه من وزارة التجارة سوى التعذر بقلة المراقبين والمشرفين في الإدارات المعنية بحماية المستهلك، وفي ظني لو أن الوزارة أعلنت عن مكافأة توازي 50% من قيمة السلع المغشوشة والفاسدة لكل مواطن أو مقيم يخبر الوزارة عن تلك السلع لأدركت الوزارة أن غالبية المواطنين والمقيمين قد انضموا للعمل في إدارة حماية المستهلك، وعندها لن يتبق في أسواقنا أي علاج مغشوش أو سلع فاسدة أو منتهية الصلاحية.

كلمة أخيرة: ما لم نبادر بإقرار عقوبة الإعدام بحق التاجر الذي يستمر في تسويق الأدوية والأغذية غير الصالحة للاستخدام الآدمي، فهذا يعني سكوتنا على من يقتل أطفالنا أمام أعيننا.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد