Al Jazirah NewsPaper Friday  06/02/2009 G Issue 13280
الجمعة 11 صفر 1430   العدد  13280
تدخين الفتيات موضة أم تمرد؟
منيف خضير

 

(تحذير رسمي: التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين ننصحك بالامتناع عنه)، من المؤكّد أن هذه العبارة المكتوبة على علب السجائر غير فاعلة في التوعية بأضرار التدخين، بدليل أن المدخنين في ارتفاع سواء في محيط الشباب أو البنات على مستوى العالم.

ومع إيماننا التام بخطر التدخين ألا أنني لن أكرّر ذات التحذير الرسمي وتلك العبارة الغبية التي تُكتب على علب السجائر، فالأمر بات معلوماً للصغير قبل الكبير، وتدخين المعسّل أو الشيشة هو الآخر لا يقل خطراً، بل ربما يفوق خطر السجائر بحسب الأرقام الطبية المعلنة، وظاهرة تدخين الفتيات للشيشة بدأت بالانتشار، وعلى سبيل الحكاية فقط، فبعض المصادر تشير إلى أن عادة تدخين الشيشة وصلت للعالم العربي من تركيا التي ظهرت بها منذ 500 سنة، قادمة إليها من الهند، وكانت مصنوعة من جوز الهند، ولذلك يطلق عليها في بعض المجتمعات العربية تسمية (الجوزة). ويقال إنه من الهند انتشرت الشيشة بسرعة في إيران وتركيا، وتوسعت لتشمل العالم العربي، إلى أن صار لها زبائن في عواصم أوروبية وأمريكية كنوع من التقليد للشرق.

ويقدّر عدد مدخني الشيشة من الرجال في العالم بمائة مليون رجل، في الوقت الذي لا تتوافر فيه إحصائيات حول أعداد النساء المتزايد من مدخنات الشيشة، ولكن النسبة متساوية بحسب تقديرات منظمات الصحة العالمية؛ فالنساء شقائق الرجال حتى في التدخين، وفي المملكة قد ارتفعت نسبة المدخنات؛ حيث ذكرت إحدى الصحف أن نسبة المدخنات تصل من 3% إلى 27% من طالبات المرحلة المتوسطة و35% من طالبات المرحلة الثانوية و51% من المعلمات والإداريات والعاملات، رغم معرفة الكثيرات منهن بمضاره الدينية والصحية والاقتصادية والاجتماعية. فما هو السبب في تزايد هذه الظاهرة يا ترى؟

كثيراً ما أتساءل وأنا أقرأ أن عدد المدخنات في تركيا - مثلاً - يتساوى مع عدد المدخنين، هل سيكون مصيرنا مشابهاً لتركيا التي كان ينتشر فيها التشدد الاجتماعي والديني حتى وقت ليس ببعيد؟

لمَ لا والظروف تكاد تلغي الفوارق بين الشعوب، والفضاء الذي رأينا تأثيره بعد عرض المسلسلات التركية لا يتوانى هو الآخر في تشجيع هذه الظاهرة التي لا نجد مبرراً لانتشارها إلا الفراغ من جهة والتباهي أمام الأقران من جهة أخرى، وضعف التربية، والتمرد الذي تجنح إليه بعض فتياتنا. ولي الحق أن أتساءل أيضاً إذا استطعنا أن نخرج بناتنا من وحل التدخين، هل نستطيع إخراج الوحل من بناتنا؟

ووسط تنامي رفض كثير من الدول الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وحتى تركيا لظاهرة التدخين في الأماكن العامة يبقى الوضع العربي يأخذ طابع الجهود الفردية، على سبيل المثال ثمة فتوى أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط النسائية في العالم العربي، وبخاصة المشاهير والفنانات والمطربات منهن واللاتي اعتدن التدخين بشكل مستمر، صدرت عن دار الإفتاء المصرية إثر سؤال تقدَّم به رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية الدولية لمكافحة الإدمان حول مشروعية التدخين، وهل يحق للرجل تطليق زوجته المدخنة إذا نصحها بالإقلاع ولم تلتزم بنصيحته، حيث تقول الفتوى بأنه يحق للزوج، إذا أدمنت زوجته الخمور والمخدرات والتدخين وأصرت على ذلك بعد نصحها وهجرها في المضاجع وكان التدخين سبباً في وقوع الضرر على زوجها وأولادها، طلاقها والانفصال عنها لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تطلقوا النساء إلا من ريبة) وهذا بشرط ألا يؤدي هذا الطلاق إلى ضرر أشد، سواء كان ذلك يتعلّق بها أو بأولادها أو بالزوج أو بهم جميعاً، والله أعلم. وتؤكّد الفتوى أيضاً أنه يحق للزوجة أن تطلب الطلاق للضرر الذي يقع عليها من زوجها إذا ثبت وقوع الضرر عليها من إدمانه التدخين. وأنا أقول: هل ثمة ضرر أكبر من سرطان الثدي ومن ضحايا التدخين السلبي؟

أما الدكتور هشام عباس، رئيس الجمعية المصرية الدولية لمكافحة الإدمان التي تقدّمت بطلب للحصول على تلك الفتوى، فيقول وفقاً للشرق الأوسط (الجمعة 14 ذو الحجة 1424 هـ 6 فبراير 2004 العدد 9201):

(على الرغم من أن الفتوى صدرت في سنة 2000 إلا أنها لم تستطع أن ترى النور طوال تلك الفترة الماضية بسبب ما يمكن أن نطلق عليه - مافيا شركات التدخين - التي حالت بكل سبل الإغراء والتهديد أيضاً دون نشر الفتوى).

انتهى كلامه، فمن نلوم إذن في انتشار هذه الظاهرة؟

هل نلوم شركات التبغ؟ أم نلوم منتجي المسلسلات العربية؟ أم نلوم مؤسساتنا التربوية؟ أم نحن بحاجة إلى قرار يحمي غير المدخن من المدخن؟

ولكن يبقى السؤال الأهم الذي أوجهه للشباب: هل تقبل بالزواج من فتاة مدخنة؟



Mk4004@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد