Al Jazirah NewsPaper Friday  06/02/2009 G Issue 13280
الجمعة 11 صفر 1430   العدد  13280
ميزان واحد
شاكر بن أحمد إمام *

 

تأمل أخي المسلم وأختي المسلمة في قوله تعالى (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)، آيات يحفظها أكثرنا، وقد نقع في مخالفتها من حيث نشعر أو لا نشعر، وقد نفهم معناها بالمعنى الخاص أو نجعلها بالمعنى العام، فإن كثيراً منا قد يتخيل أن المسألة فقط في التطفيف وعدم العدل في الميزان، فيكون لنا ميزانان أحدهما في البيع والآخر للشراء، وهذا هو المعنى الواضح فيه، لكن يقال عليه جميع الأمور أن نزنها بميزان واحد، في كلامنا وسماعنا، في تصرفاتنا مع نفسنا وما نطلبه من الآخرين، في انتقادنا للآخرين وتقبلنا انتقادهم، قال الشنقيطي (الميزان هنا مراد به العدل والإنصاف)، وقال القرطبي وقال آخرون (التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة والحديث)، في الموطأ قال مالك (ويقال لكل شيء وفاء وتطفيف)، وروي عن سالم بن أبي الجعد قال (الصلاة بمكيال فمن أوفى له ومن طفف فقد علمتم ما قال الله عز وجل في ذلك)، قال السعدي (ودلت الآية الكريمة على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له يجب أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات، بل يدخل في عموم هذا الحجج والمقالات، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد منهما يحرص على ما له من الحجج، فيجب عليه أيضاً أن يبين ما لخصمه من الحجة التي لا يعلمها، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه وتواضعه من كبره وعقله من سفهه). وجاء عن سلمان الفارسي أنه قال (الصلاة مكيال فمن أوفى أوفى الله وقد علمتم ما قال الله في الكيل ويل للمطففين) رواه ابن أبي شيبه، وقال أبو حامد الغزالي: (قوله تعالى (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ).. الآيات، فإن تحريم ذلك في المكيل ليس لكونه مكيلاً بل لكونه أمراً مقصوداً ترك العدل والنصفة فيه، فهو جار في جميع الأعمال، فصاحب الميزان في خطر الويل، وكل مكلف فهو صاحب موازين في أفعاله وأقواله وخطراته، فالويل له إن عدل عن العدل ومال عن الاستقامة، ولولا تعذر هذا واستحالته لما ورد قوله تعالى (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا)، فلا ينفك عبد ليس معصوماً عن الميل عن الاستقامة، إلا أن درجات الميل تتفاوت تفاوتاً عظيماً، فلذلك تتفاوت مدة مقامهم في النار إلى أوان الخلاص حتى لا يبقى بعضهم إلا بقدر تحلة القسم ويبقى بعضهم ألفاً وألوف سنين. فنسأل الله تعالى أن يقربنا من الاستقامة والعدل). فما أجمل أن يكون لنا ميزان واحد مع الجميع وهو ميزان العدل والإنصاف.. والله أعلم.

*تبوك



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد