Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/02/2009 G Issue 13281
السبت 12 صفر 1430   العدد  13281
سحاب
الطالب بين الأمس واليوم
د. عبدالإله المشرف

 

ونحن على مشارف اختبارات الفصل الدراسي الأول لهذا العام، نتساءل كحالنا كل عام عن مجمل ما نريد من العملية التربوية والتعليمية..؟ وما النتائج التي يؤمل أن تخرج بها العملية التربوية والتعليمية وما الصورة النهائية لمخرجاتها؟.. فهل نريد من طلابنا تحصيلاً علمياً وافراً وطالباً يحصل على أعلى الدرجات والعلامات الكاملة مثلاً ؟.. أم هل نريد طالباً متسلحاً بأكبر قدر ممكن من المعارف والمهارات الحياتية الحديثة والتي تفتح له الدروب والآفاق؟.. أم نريد بناء طالبٍ ذي شخصية مؤثرة متزنة وقادرة على أن تتفاعل بنجاح مع مختلف الظروف والبيئات المحلية والعالمية..؟.

هل نريد كل ما سبق..؟ أم نريد بعضه..؟ وهل يمكن تحقيق كل هذه الرغبات في مزيج متوازن يكوّن لنا الطالب الذي نريد..؟ وهل تتغير احتياجاتنا بحسب طبيعة ظروفنا ومجتمعاتنا؟. بالأمس كان الطالب الذي يتخرج بتقدير امتياز تستقبله جميع الجامعات والتخصصات وتتهيأ له الفرص دون أدنى مفاضلات، واليوم لم تعد الدرجات هي المفتاح السحري الذي به تفتح أبواب الرغبات.

وبالأمس كان المتخرج الجامعي من أي تخصص كان يجد له مكاناً في مؤسسات الدولة وفي سوق العمل فهو مطلوب حتى قبل أن يتخرج، واليوم أصبحت الخبرة والشخصية ذات دور محدد لطبيعة العمل الذي يحصل عليه الباحث عنه، بل وفي طبيعة نموه المهني.. بالأمس كان الحصول على الترقيات والمميزات والمناصب القيادية ممكناً ويسيراً بناء على سنوات الخبرة أو طبيعة التخصص، واليوم أصبحت هناك عوامل أخرى جلها يرتبط بشخصية الموظف وكفاءته ومهاراته القيادية والحياتية.

إن متغيرات العصر، والعولمة التي نشهدها، والثورة التقنية والاقتصادية التي يعيشها المجتمع السعودي بشكل خاص والمجتمعات العربية والعالمية تتطلب منّا إعادة النظر في طبيعة الطالب الذي نريد، فلم يُعدّ البناء الأكاديمي المعرفي هو السلاح الأمضى في تحقيق رغبات وتطلعات أبنائنا الطلاب، ولم تعد المعلومات وحدها تكفي لبناء مستقبل متميز، لقد أصبح الطالب ذو الشخصية القيادية، الناجح في إدارة ذاته وتحديد احتياجاته، الواعي بطبيعة بيئته ومحيطة، القادر على تسويق مهاراته وقدراته بكفاءة ومهنية، المتمكن من توظيف كل الإمكانات المتاحة حوله في تحقيق أهدافه هو الطالب الأنموذج لهذا العصر المتطوّر.

إننا ندعو طلابنا إلى بذل كل الجهد في دراستهم الأكاديمية وإلى الحصول على أعلى الدرجات، فالتفوق هو سمة الجادين، غير أننا نؤكد على أن هذا ليس كل شيء، بل لا بد من بناء الشخصية، ولا بد من تطوير مهارات طلابنا الحياتية، وعليه يجب أن يخوض طلابنا تجارب حياتية واقعية قبل أن تقذف بهم الجامعات وهم لا يزالون يعيشون في عالم النظرية والأكاديمية.

ولعل نظرة سريعة لعالم التقنية والاقتصاد والسياسة اليوم تؤكد على أن الناجحين في عالمنا المعاصر هم من خبر الواقع وأحسن التوقيت وأتقن توظيف الإمكانات لتحقيق أهدافه، إن الناجحين اليوم هم أولئك الأفراد القادرون على التأثير على الآخرين وتسويق أفكارهم وأهدافهم بكفاءة واقتدار، وبالتالي فيجب أن نعيد النظر في مناهجنا التي تعتمد في أحسن حالها على البناء الأكاديمي للطالب لتمكينه من مواصلة دراسته الجامعية دون عناية كما ينبغي ببناء الشخصية المؤثرة القادرة على التفاعل الإيجابي مع المجتمع في مختلف الظروف والأحوال.



amusharrarf1@Riyadhschools.sa.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد