Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/02/2009 G Issue 13281
السبت 12 صفر 1430   العدد  13281
أضواء
عودة حلف وارسو بصيغة جديدة
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

بدأها بوتين ويسير على خطاه ميدفيديف، فالرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين الذي يرأس الحكومة الروسية عمل طوال فترتي رئاسته على إعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي والارتقاء بمكانة الاتحاد الروسي الذي ورث قوة الاتحاد السوفييتي وميراثه من القوة العسكرية والمشاكل الاقتصادية والمكانة الدولية. فبعد تردي وضع روسيا في عهد الرئيس يلتسن اجتهد بوتين على إعادة المكانة لوريث السوفييت (الاتحاد الروسي)، وفعلاً نجح فلاديمير بوتين أيما نجاح في إعادة مكانة بلاده، وأصبحت كلمتها مسموعة، بل حقق الرئيس الروسي نجاحات عديدة، قربت الاتحاد الروسي من موقعه السابق كدولة مشاركة في ثنائية القطب الأول، ساعده في ذلك ارتفاع أسعار البترول التي استثمرها في تحسين الاقتصاد وترميم الانهيارات التي حدثت في عهد يلتسن الذي التف حوله شلة من قناصي الفرص، صائدي الثروات والشركات من المافيا الروسية وصهاينة اليهود الذين ظلوا متوارين طوال عهود الاتحاد السوفييتي، إلا أنهم ظهروا مع ترؤس يلتسن الاتحاد الروسي فنهبوا ثروة البلاد وهربوها للخارج فتراجعت روسيا إلى ما بعد أمريكا بمراحل، وبالكاد سمح لها بالبقاء في مجموعة الثمانية للدول الصناعية.

الهدم الذي تم في عهد يلتسن من قبل شلة المستفيدين الذين قربهم، فانفرد (شاب) ضمه يلتسن في آخر سنوات حكمه إلى دائرة الحكم، الذي سرعان ما خلف الرئيس كسيد للكرملين، فأعاد البناء دون شعارات، فلم يعلن (بروسترويكا) كجروبتشوف بل أعاد بناء روسيا عملياً بإجراءات إصلاحية انطلقت من الكرملين وقادها بوتين فأصلح الاقتصاد والتفت إلى التصنيع العسكري وأعاد الثقة للقوات المسلحة، ثم اهتم بإعادة بناء الفضاء السياسي الخارجي لروسيا، أولاً ب (تنظيف) الفناء الخارجي لروسيا ومظلتها السياسية التي تتمثل في الدول المستقلة التي كانت تشكل منظومة الاتحاد السوفييتي، والتي وإن لم تنضم جميعا إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي، إلا أن إقامة هذه المنظمة واستمرارها يعدان أحد أهم نجاحات روسيا في مضمار السياسة الخارجية، فبعد أن كانت هذه المنظمة قد ولدت ضعيفة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1992 وظلت شكلية حتى تسلم فلاديمير بوتين الحكم، دبت الحياة في جسم هذه المنظمة، فبعد استعادة روسيا نفوذها في آسيا الوسطى بدأت تظهر وتتجسد ملامح هذه المعاهدة التي أخذت تتبلور منذ عام 2000، وفي عام 2002 اكتسبت قوة ميدانية حينما أسبغت عليها صفة (المعاهدة) لتستند المنظمة إلى بنية عاملة على قاعدة المعاهدة، وكان ارتقاء مستواها وفعاليتها متوافقا مع ما كان حاصلا من تنافس بين روسيا وأمريكا على النفوذ في آسيا الوسطى. وزاد من حرج روسيا قبل ذلك عام 2001م حينما بدأت واشنطن بإقامة قواعد عسكرية لدعم وجودها العسكري في أفغانستان.

القواعد الأمريكية مثلما انتشرت بسرعة تقلصت بنفس السرعة، وسوف تغلق آخر هذه القواعد في قرغيزيان حيث ستجري الحكومة بعد أيام تصويتا في البرلمان لإغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية في مطار ماس.

وبما أن الحفاظ على المكانة السياسية والنفوذ الدولي المتقدم لا بد أن يعزز بقوة عسكرية فقد طورت روسيا تعاونها مع دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي وذلك بتحويل هذه المنظمة (تدريجياً) إلى حلف عسكري بكامل خواصه ومكوناته وبتسليح لا يقل عن الموجود لدى نظيره المنافس حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد رصد المتابعون بما يجري في موسكو من بناء النفوذ الروسي، وقرار الرئيس ديمتري ميدفيديف بالبدء في تحويل (منظمة معاهدة الأمن الجماعي) إلى منظومة عسكرية وتشكيل قوات الانتشار السريع الجماعية من خلال تقديم الدول الأعضاء كتائب عسكرية، على أن تقدم روسيا فرقة إنزال جوي ولواء إنزال واقتحام، وأن تقدم كازاخستان لواء لتكون القوة العسكرية الثانية بعد القوة الروسية.هذا القرار اعتبره المراقبون استكمالاً من قبل الرئيس ميدفيديف لمسيرة سلفه ورئيس حكومته بوتين، الذي بدأ مسيرة عودة روسيا لمشاركة أمريكا مقعد القطبية الدولية.. ولتحقيق هذا الهدف يجري بناء ذراع عسكرية تحمي وتعزز هذا التوجه.. وهو ما يعني إعادة حلف (وارسو) من جديد.. وإن حمل اسماً آخر.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد