Al Jazirah NewsPaper Saturday  07/02/2009 G Issue 13281
السبت 12 صفر 1430   العدد  13281
عاقون متطرفون خانوا الأمانة
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

 

أعلنت وزارة الداخلية عن أسماء خمسة وثمانين ضالاً مطلوباً للعدالة الإسلامية في المملكة تسللوا إلى خارج وطنهم وتنكروا له ولأسرهم ومجتمعهم من أجل غاية سياسية أو عقدية مشبوهة تستهدف الإفساد في الأرض ومحاولة الانطلاق إلى مواقع مجهولة للنيل من وطنهم وإمكاناته وقدراته وإشعال نيران الفتنة في العالم الإسلامي ووضعه في مواجهات عقيمة مع دول وشعوب العالم كلها.

هؤلاء وغيرهم ممن ضلوا طريق الحق والصواب خرجوا على الحاكم ولي الأمر وعلى المجتمع الإسلامي لأسباب مختلفة لا تقل أو تكثر عن العقوق وخيانة الأمانة والتنكر لوطن معطاء ومجتمع إسلامي خير تسطع مساعدات أياديه البيضاء في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

هؤلاء الخونة يأسوا من إيجاد موطئ قدم لهم في هذا الوطن فتسللوا إلى خارجه ليعيثوا فساداً في المجتمعات التي يخترقونها ظلماً وعدواناً وليسيئوا إلى الإسلام والمسلمين بارتكابهم لأفعال عنف متطرف وعمليات إرهابية دموية تمعن في تعميق حدة الخلافات والصراعات الإقليمية والعالمية وتنمي من مشاعر خوف وقلق وهلع الشعوب من تلك العمليات التي لا تفرق بين البشر ولا المعتقدات.

معضلة هؤلاء الخونة وغيرهم ممن تشبثوا بموج الوهم واعتنقوا منطق العنف والإرهاب انهم وقعوا فريسة سهلة ولقمة سائغة لفكرٍ ضال لا يرحم وتأثروا بخطابه ومنطقه المشبوه على الرغم من أنه لا يسمن أو يغني عن جوع، وعلى الرغم من وجود قناعة لديهم بأن هذا الفكر المارق فكر مشبوه تحوم حوله الشبهات وتمتد جذوره لقوى دول وتنظيمات متطرفة هدفها الوحيد إشعال نيران الصراعات والحروب في العالم.

التاريخ والحاضر يؤكدان أن كل من خرج على مبادئ وقيم وسنة الجماعة الإسلامية كان مصيرهم الفشل الزريع والقتل والدمار والدخول في سجلات التاريخ السوداء بعد أن تبرأ منهم الجميع حتى أسرهم التي شقت وتعبت من أجل تنشئتهم والعناية بهم سنين طوال. هذا الفعل الضال وتلكم الأفعال المشينة هي كل ما تيسر لهؤلاء الخونة لرد جميل الأيادي البيضاء التي ترعرعوا في أحضانها.

مشكلة هؤلاء الخونة ضعف وازعهم الديني وتدني مستوى وعيهم الإنساني بسلوك طريق الحق والصواب بعد أن فشلوا في القدرة على التمييز بين منطق الحق وبغي الباطل. لذلك وقعوا فريسة سهلة لسماسرة التطرف والإرهاب والعنف ليلقوا حتفهم البشع بعد أن يقدموا قرابين نكرة على مذابح العمليات الإرهابية أو ليعتقلوا ويزج بهم في غياهب المعتقلات والسجون.

لم يدرك هؤلاء أن تنظيم القاعدة بقيادة الظواهري وابن لادن وغيرهم من زعامات الإرهاب كأبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري، فشل التنظيم في تحقيق غاياتهم وأهدافه في العراق واليمن وبلاد المغرب بل وفي جميع أنحاء العالم الإسلامي بعد أن ظهرت حقيقة التنظيم وغداً في موضع اليأس وموطن القنوط وتوريط في متاهات الضياع الفكري والعقدي.

ألم يعِ هؤلاء وغيرهم ممن سلكوا دروب البغي والعدوان والتطرف الأعمى مصير كل من تبنى منطق العنف والإرهاب من أحداث العراق الأليمة إلى أحداث أفغانستان والباكستان والهند الدموية خصوصاً في مدينة مومباي التي ذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء من دون وجه حق؟

هل يمكن أن يخطر على عقل إنسان عاقل أن منطق التطرف والعنف والعدوان يمكن أن يعلو ويسود على منطق الحق منطق السلم والأمن والاستقرار الذي تنشده الدول والشعوب الإسلامية كي تنفض عنها غبار التخلف وتمضي في مسيرة التقدم والنمو والتطور أسوة بدول وشعوب العالم كله؟

لماذا يتنكر هؤلاء الخونة لأسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم؟ لماذا يرتمي هؤلاء المارقون عن طريق الحق في أحضان كل من يصور لهم الباطل حقاً والظلم عدلاً والعنف سلماً؟ لماذا يضع هؤلاء أنفسهم تحت تصرف بعض الدول والتنظيمات المشبوهة التي تستخدمهم كوسيلة لتحقيق غاية أو غايات ذاتية دنيئة أو أهداف ضالة لا يدعمها منطق ولا يواكبها حق أو عدل؟

لقد فعلت المملكة الشيء الكثير وقدمت الأكثر لمواطنيها حتى من عق منهم وخرج عن مسار الوطن والمواطنين بعد أن تاب عن انحرافه وعاد إلى صوابه، فأفرجت عنهم واحتضنتهم من جديد وقدمت لهم كل ما ييسر لهم سبل الحياة من رفاهية وأمن واستقرار. بيد أن العفو عند المقدرة يجب ألا يترجمه بعضهم إلى ضعف أو تخاذل، فمنطق الحق وسيف العدالة وإن تغاضى عن بعض العثرات أو الهفوات أو الزلل، إلا أن ذلك قطعا لا يعني بقاءه بعيداً عن ضرب أعناق كل من يروم شراً بالوطن والمواطنين.



drwahid@email.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد