Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/02/2009 G Issue 13286
الخميس 17 صفر 1430   العدد  13286
المملكة تحدد 4 شروط لاستقرار أسواق الطاقة... م.النعيمي من هيوستن:
الفهم لقوى السوق لايزال غير دقيق وفكر المجموعة هيمن على أسواق المال

 

هيوستن - «الجزيرة»

قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي: إن التقلبات المثيرة في أسعار البترول خلال العام الماضي أضرت بالمنتجين والمستهلكين والصناعة على حد سواء وأكد أن تحقيق استقرار الطاقة مهمة صعبة في أسواق متقلبة بطبعها كما أن تهيئة الظروف لاستقرار أسعارها يتطلب جهداً جماعياً لفهم العوامل المختلفة التي قادت إلى المأزق الحالي والخطوات الإيجابية

وركز النعيمي خلال كلمته أمس أمام مؤتمر هيوستن على دور الحكومات في دعم استقرار السوق، والديناميكيات المتغيرة لأسواق الطاقة والأسباب التي نشأت حديثا وراء هذا الغموض وتقلبات الأسعار، والحاجة إلى وضع إستراتيجية سليمة للطاقة، وأخيراً، دور المملكة العربية السعودية في المساعدة في استقرار أسواق الطاقة في هذه الأوقات الصعبة.

ومضي م.النعيمي: لقد أدت اضطرابات السنة الماضية إلى زعزعة أركان النظام العالمي لاقتصاد السوق. وجاءت هذه التقلبات غير المسبوقة إلى جانب تعقيدات الانهيار في النظام المالي وتسارع وتيرته كما لو كانت تسونامي اقتصادي أطاح بثوابتنا الفكرية والتجريبية وترك الكثير منا في لجاج الخلط والاضطراب وعدم اليقين حول كيفية المضي قدما.

وتابع: أدى الخوف وعدم اليقين الذي أحدثته الأزمة المالية إلى إعادة تحديد دور الحكومات في الأسواق. ففيما كانت العولمة وحرية الأسواق تعتقد بأفضلية الحد من تدخل الحكومات في الأسواق، نجد أن الاضطراب الاقتصادي الحالي يدفع باتجاه رأي عام يدعو للعودة إلى مزيد من التدخلات الحكومية في الأسواق وفي حين كان الماضي القريب يدور كله حول المخاطر العالية والعوائد العالية، يركز الحاضر على مجرد الاستقرار وإمكانية البقاء. ونتيجة لذلك، تزايدت دعوات الناس للحكومات بالتدخل من أجل استقرار الأسواق.

وأضاف النعيمي: من المرجح أن تمثل الأزمة الاقتصادية الحالية نقطة تحول كبرى في الطريقة التي تنظر بها الحكومات إلى دورها في الاقتصاد العالمي وتأثيرها في استقرار الأسواق العالمية، الأمر الذي سيكون له في حد ذاته آثاره الكبيرة على مستقبل الاقتصاد والطاقة.

4 شروط لدعم استقرار أسواق الطاقة

وعن سياسة المملكة عن استقرار السوق البترولية قال م.النعيمي: نرى من خلال المحافظة على طاقة احتياطية والاستثمار طويل الأجل، أن سياساتنا قد أسهمت بشكل إيجابي في استقرار الأسواق. ولكننا ندرك أيضا أن قوى السوق تتغير بسرعة وأن هناك تحديات جديدة يجب التصدي لها إذا أردنا لجهودنا أن تنجح من أجل استقرار أسواق الطاقة.

وحدد النعيمي 4 شروط لدعم استقرار أسواق الطاقة وهي أن تكون أسعار البترول من الانخفاض بما يكفي لتسهيل النمو الاقتصادي، لاسيما في البلدان النامية ذات الدخل المنخفض. وأن تكون هذه الأسعار من الارتفاع بما يكفي لتوفير عائد ملائم للمنتجين يكفل قيامها ببذل استثمارات مناسبة في الوقت المناسب. كما ينبغي أن تكون الأسعار بالمستوى الذي يكفي لتوفير حافز للمستهلكين لاستخدام البترول بكفاءة. والشرط الرابع بأن تكون الأسعار بالمستوى الذي يشجع على الإنتاج من الحقول الهامشية والمصادر غير التقليدية والمتجددة.

وأبان م.النعيمي أن خطر تقلب الأسعار يكمن في قدرتها على حجب مؤشرات السوق اللازمة لضمان استثمار كاف لتلبية الطلب المستقبلي على الطاقة. وبدون المزيد من الاستقرار في أسواق الطاقة، ستكون مهمة تحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي أكثر صعوبة.

لا مفر من الركود

ومضي النعيمي: فهمنا لقوى السوق لا يزال غير دقيق في أحسن الأحوال. فقبل عام، توقع عدد قليل من الناس حدوث المأزق الذي نعيشه حاليا. وخلال الفترة الأخيرة التي شهدت توسع الاقتصاد العالمي على نحو سريع كثيراً ما كنا نسمع عن (تحولات عملية) وتصريحات حول (نهاية دورات الاقتصاد والأعمال). وتحدث البعض عن حالة من (الانفصال) في الاقتصاد العالمي.

وأصر البعض على أن أسعار البترول تمضى على نحو طريق لا نهاية لها، حيث توقع محللون بارزون أن تبلغ أسعار البترول بسهولة مستوى 200 دولار للبرميل أو أكثر في المستقبل القريب.

وأكد م النعيمي أن (فكر المجموعة قد هيمن على أسواق المال مع معارضة نفر قليل من المحللين للفكرة السائدة بأن الأسواق لا يمكن أن تزدهر إلا في ظل (اقتصاد عالمي جديد). أما ما نسيه الكثيرون أو تناسوه أو لم يرغبوا فيه هو حقيقة أن الأسواق ذات طبيعة دورية وأن حالات الركود الاقتصادي لا مفر منها، وهي حقيقة لا يمكن أن نخفيها أو ننفصل عنها. وقد أثبتت الأحداث على نحو واضح أن الاعتمادية المتبادلة تجلب منافع مشتركة في أوقات الرخاء بقدر ما تجلب آلاما مشتركة في أوقات الشدة.

وتابع م.النعيمي: أعتقد بأن لدينا الكثير مما نتعلمه من التطورات الأخيرة. فكلنا يعرف الأسباب التقليدية للتقلبات، سواء كانت جيوسياسية أو مناخية أو كوارث طبيعية. غير أن التقلبات الحادة التي شهدناها في العام الماضي لا يمكن تفسيرها من خلال هذه الأسباب وحدها، فهناك عوامل جديدة يمكن تسميتها (بالتحديات الناشئة حديثا) والتي أرى أنها ستسهم إلى حد كبير في استمرار التقلبات في أسواق الطاقة في المستقبل.

وتتمثل هذه التحديات الناشئة حديثا والتي تستحق منا اهتماما خاصا في عولمة أسواق رأس المال، وظهور الطاقة باعتبارها إحدى فئات الأصول، والتغير المناخي.

مصادر جديدة للطاقة

وقال م.النعيمي: إن البحث عن مصادر جديدة للطاقة ضروري لتحقيق الهدف المزدوج المتمثل في تلبية الطلب على الطاقة وحماية البيئة، كما أن البحث عن تقنيات تساعد في استخدام مصادر الطاقة الحالية بصورة أكثر كفاءة ونظافة لا يقل ضرورة، فكلا الأمرين على نفس القدر من الأهمية والحيوية لازدهار البشرية على المدى البعيد ولصحة البيئة.

ومضي: مع أن الدفع باتجاه البدائل يعد مهما، علينا أن نعي كذلك أن الجهود الرامية إلى تشجيع بدائل سريعة يمكن أن يكون لها تأثير مثبط على الاستثمار في قطاع البترول. فتزايد غموض الطلب يزيد من تصورات المنتجين لمخاطر الاستثمار. وفي حال لم تحقق إمدادات الطاقة البديلة ما كان مخططا لها، وتقلصت الاستثمارات في مجال الطاقة التقليدية بسبب توقعات انخفاض الطلب عليها، فسوف تزداد احتمالات شح المعروض مع احتمال ارتفاع الأسعار وانخفاض النمو الاقتصادي.

التعلم من الاضطرابات الأخيرة

واختتم م.النعيمي كلمته قائلا: علينا جميعا أن نتعلم الكثير من الاضطرابات الأخيرة في الأسواق العالمية. وعلينا أن نتعلم أيضا من أخطاء الماضي وأن نمضي حذرين مدركين أكثر من أي وقت مضى لأهمية استقرار أسواق الطاقة من أجل ازدهار الاقتصاد العالمي.

وتابع: على الحكومات أن تفكر مليا في كيفية الاستجابة للتحديات البيئية والاقتصادية الحالية، وعليها أن تضع في اعتبارها أن عودة ظهور النزعة الحمائية من خلال الإفراط في فرض القيود وإقامة الحواجز في وجه التجارة سيكون لها آثارها المدمرة على الاقتصاد العالمي. ولعل خير شاهد على ذلك هو بلدان العالم الفقيرة التي ازدادت آمالها في حياة أفضل بسبب ما أنجزته على صعيد الحد من الفقر في ظل العولمة.

وقال: إن المملكة ملتزمة بتعزيز الطاقة على المدى الطويل، وهي مهمة لن تكون سهلة بالنظر إلى تعقيدات الاقتصاد العالمي والديناميكيات المتغيرة لأسواق الطاقة والحاجة إلى معالجة قضايا التغير المناخي. ولكن، بالعمل معا يمكننا وضع إستراتيجية عملية ومرنة توفر فرصا متكافئة لجميع أنواع الوقود والتقنيات. ومن خلال سياسات واقعية وفعالة، يمكننا أن نحقق منتجين ومستهلكين، هدفنا المشترك في الحصول على طاقة مستقرة ومستدامة بأسعار معقولة من أجل بيئة أنظف ومستقبل أكثر ازدهاراً.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد