Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/02/2009 G Issue 13291
الثلاثاء 22 صفر 1430   العدد  13291
دماء جديدة في عروق الدولة
د. خالد محمد الخضر

 

أتناول هذا المقال وكان في جعبتي مقال آخر حول المسئولية الاجتماعية، ولكن أجدني هنا مدفوعاً دفعاً لكتابة مقالي هذا بناء على هذه التعديلات الحكومية الواسعة التي ما زلت أنتشي بها مثلي مثل

..غيري من المواطنين الذين عمتهم السعادة بمثل هذه التغييرات، وسأكتب مقالي هذه المرة على شكل وقفات. الوقفة الأولى، أنني أجد نفسي هنا مضطراً إلى أن أقف على نفسية هذا الملك الرائع الذي أشعر وغيري كثير بأنه ومنذ اليوم الأول الذي تسلم فيه مقاليد الحكم وهو لديه الإصرار والمثابرة حول التغيير للأفضل بل والشفافية في معالجة الأمور وسعيه الدؤوب حول كل ما فيه نفع للوطن والمواطن، أسلوب التسامح والتوسط وحوار الأديان هي دائماً شغله الشاغل، هو رجل غير عادي ومن نوع يحدث فرقاً في كل مساعيه، هو من قماشة تتمازج بها الأنفة وتحديد الهدف ووضوح الرؤية، وقد أكد أكثر من مرة للعاملين معه من وزراء ومسئولين أنه ليس (لكم عذر بعد اليوم)، ويبدو أنه يراقب عن كثب كل ما يدور حوله لذلك هو يريد الشخص المسئول المرن المثابر المجدد والمنجز الذي يصل إلى الهدف بالطرق الحقيقية والفاعلة. الوقفة الثانية، في تقديري أن سنن الكون تقول إن صاحب القرار إذا قام بتغيير معين وبالذات على المستوى الهرمي الأعلى فهذا يعني أن هناك نية جادة للتغير حول الأفضل وأن صاحب القرار يتلمس الاحتياجات لتحقيق الأهداف من خلال فريقه الذي يوصله لتلك الأهداف بشكل واضح ومحدد. الوقفة الثالثة، أعتقد امتداداً لسنن الكون أن النفس البشرية إذا استمرت في عمل ما ولمدة زمنية تتجاوز المدد المقبولة فإن تلك النفس تركن إلى الدعة وعدم التجديد والابتكار وتميل تلك النفس إلى اللامبالاة شيئاً فشيئاً وكذلك تأمن العقوبة كل ما امتد الزمن وطال الأمد، أقول هذا حكم ينطوي على الغالب، والنادر لا حكم له، وأن عكس ذلك يخلق الإبداع والتجديد والرقي وتحقيق الآمال. الوقفة الرابعة، الأشخاص المستحدثون والمعينون حديثاً عادة ما يحملون في جعبتهم الكثير، ومن نواميس الكون المسلم بها أن الشخص المستحدث على عمل ما يحمل معه الكثير من الإبداع والتغيير والنظر للأمور بشكل أفضل وبنفسيه وهمة أعلى وبذهنية أوسع وأشمل ويكون غالباً محققاً الأهداف التي يطمح صاحب القرار لها. الوقفة الخامسة، أن يؤتى بالشيخ صالح بن حميد رئيساً للقضاء وبالشيخ محمد العيسى وزيراً للعدل (وهو من الدماء الشابة التي ينتظر منها الكثير بمشيئة الله)، هذا يعني أن هناك تطويراً شاملاً يمتد لما ينادي فيه خادم الحرمين الشريفين حول تطوير نظام القضاء بكافة مفاصله التي أعتقد أنها أصابها كثير من التكلس والجمود الذي كان يجب أن يتم التغيير قبلاً، وخاصة أن مثل هذا الجهاز هو من أهم أجهزة الدولة المناعية، وما انبثاق المحاكم الإدارية والجزئية وتغيير رئيس ديوان المظالم ونائبة إلا امتداداً لهذا التغيير المنتظر. الوقفة السادسة، تغيير رأس هرم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإتيان بالشيخ عبد العزيز الحمين، أعتقد وبقراءة عين الكاتب أن هناك اعتدالاً سوف يشمل كافة عناصر الهيئة وموظفيها. ونحن هنا لا ننادي أو نزايد على ثوابتنا الدينية والإسلامية، بل إننا هنا نؤكدها ونبقي عليها، ولكننا نرجو من الشيخ عبد العزيز ورفاقه أن يكونوا رفقاء بالمجتمع وأن لا تتحول الهيئة -وكما هي الآن- شبحاً على المسيء والمحسن يتوجس منه الجميع، وأن لا يكون تغليب سوء الظن وآلية التجسس وعدم الستر هي الشريعة والمنهج لها. نريدها هنا أيها الشيخ الفاضل أن تكون الهيئة ورجالها صديقة مخلصة للجميع وأن ترفع شعاراً جميلاً كأن يكون شعار الهيئة أنها (صديقة للجميع)، لا نريد المزايدة كما قلت في هذا الأمر. نريد أن تطبق المنهجية الإسلامية في الدعوة كما نادى بها القرآن والسنة أن تكون الدعوة بالتي هي أحسن وأن لا يكون الإنسان فظاً غليظاً على أخيه المسلم بل يجب أن ينقل صورة مشرفة لإسلامنا وبالذات الداخلين علينا في بلدنا من غير ديننا. الوقفة السابعة، أطربني كثيراً المناداة بالتعددية المذهبية، هذه هي شخصية الملك -حفظه الله- فهو منذ أن أتى وهو ينادي بالتسامح والحوار دون إقصاء لرأي دون آخر، بل إنه جعل الحوار والمزج بين الثقافات ديدنه الذي لا يحيد عنه، المناداة بالتعددية المذهبية هي زيادة في اتساع الأفق وكذلك هي تثري الحوار والنقاش وتكفل حرية الآخر وبشكل مرن وفاعل. الوقفة الثامنة، الأمير فيصل بن عبد الله مهمته صعبة، فهو يدير دفة التعليم في بلدنا وهي دفة شائكة ولن يرضى عنها أحد، والتعليم أيها السادة هو عماد ونهضة الأمم ومنه تنطلق الحضارات ونجاحات الشعوب، هناك جدل في تغيير المناهج وكأننا إذا غيرنا مناهجنا غيرنا ديننا، التغيير والتطور في المناهج استناداً للتغيرات والتطورات التي تحصل في العالم هو أمر حتمي، إذا لم نتطور سوف نتقهقر ليس فقط ستصبح في مكانك بل كذلك ستتراجع إلى الوراء، الثوابت في ديننا ومجتمعنا وأخلاقنا هي أمور ليست قابلة للمزايدة أو المساومة، للتغيير أيها السادة أشكال كثيرة، الجامدون هم الذين يصبحون في الصفوف الخلفية. عليك أيها الوزير مسئولية كبرى ابتداء من تطوير المعلمين والمعلمات وإعطائهم الدورات الكفيلة لخوضهم معترك التعليم وهم مسلحون بالتعليم والتدريب. وأقول هنا التدريب مهم جداً، مروراً بمشكلات المدارس الحكومية، وانتهاء بمشكلات المدرسات وتنقلاتهن وعملهن خارج مدنهن وقراهن، المسئولية كبيرة. الوقفة التاسعة، إلى وزيرنا المثقف والأديب والسفير عبد العزيز خوجة، أنت تدخل الوزارة في الوقت الأصعب، في الوقت الذي تكثر فيه التحديات ويملأ الوعي والثقافة كافة عناصر المجتمع، وكذلك تواجه عصراً فضائياً ومعلوماتياً رهيب، إعلامنا أيها الوزير وبالذات الإعلام المرئي ما زال يحبو، وأتمنى أن تواجه تلك المشكلة ومشكلات أخرى كثيرة كالثقافة وإصدار مطبوعات وصحف مقروءة جديدة وكذلك الانفتاح على العالم والتعامل مع الجهات الأخرى باحترافية ومهنية، كل تلك المشكلات ومشكلات أخرى سيواجهها الوزير الجديد، أتمنى لك الخير والتوفيق. الوقفة العاشرة، أتمنى على أصحاب القرار أن يضعوا هيئة عليا أو وزارة هدفها رقابي تقوم بتقييم عمل كل وزير ومنهجيته وخطته وتحاسبه على الإخفاق وتشكره على الإنجاز، وتكون تلك الهيئة مرتبطة بالملك مباشرة، وأن يكون تقريرها شهرياً إن لم تكن أسبوعياً، أتوقع بذلك أن نكون قَرُبْنا من تحقيق الأهداف والأحلام. ستكون لي عودة حول بعض التغييرات وبشكل مفصل.

كاتب سعودي


Kmkfax2197005@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد