Al Jazirah NewsPaper Tuesday  17/02/2009 G Issue 13291
الثلاثاء 22 صفر 1430   العدد  13291
في ورقة عمل قدمتها لملتقى المسؤولية الاجتماعية ... د. باعشن:
المسؤولية الاجتماعية تقوم على مفاهيم ومعتقدات وفكر وفلسفة

 

تولي مجموعة دلة البركة اهتماماً خاصاً بالمسؤولية الاجتماعية ، وتخصص لها برامج في شتى المجالات ، وكانت الدكتورة نادية باعشن مدير عام إدارة المسؤولية الاجتماعية بمجموعة دلة البركة قد قدمت ورقة عمل أمام ملتقى المسؤولية الاجتماعية بالرياض الذي انعقد يوم الأحد 1 - 2 - 2009م تحت عنوان ( البنية التحتية للمسؤولية الاجتماعية والدور المأمول من القطاع العام ، تناولت من خلالها أهمية المسؤولية الاجتماعية وتعريفها ، ونماذجها ، ومقوماتها ، وتطرقت إلى دور القطاع العام في الإسهام في دفع مبادرات القطاع الخاص في هذا الاتجاه من خلال البنيات التحتية والجوانب التشريعية وغيرها من الأدوار التي يحتاج فيها القطاع الخاص لمساندة شريكه الحكومي .

واستهلت د. نادية ورقة العمل بقولها :كلنا نتفق في حقيقة مهمة وهي أنه لا يمكن لأي نشاط أعمالي أو استثماري من أي نوع أن يقوم إلا إذا توافرت له عدة مقومات أساسية لنجاحه واستمراره . من تلك المقومات على سبيل المثال لا الحصر : رأس المال،والدراسات الاقتصادية،وجدية ورغبة والتزام المستثمرين وقدراتهم ودرايتهم الإدارية،ومن ثَمَّ المناخ الاقتصادي العام المتمثل في تو فر التشريعات واللوائح المنظمة لهذا العمل،والخدمات والتسهيلات التي تيسر قيامه ونجاحه،والسوق المنظم الذي يستوعب ذلك الاستثمار ويسمح له بتحديد مكانته وموطئ قدمه على خارطة المال والأعمال ورسم معالمه وحفر اسمه في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية. تلك هي مقومات نجاح الأعمال وتلك هي مكونات المناخ العام الذي يسمح بنجاحها ويساهم في استمراريتها . وبدون توافر هذه المقومات لا يمكن لأي نشاط استثماري أن يكتب له النجاح ولا الاستمرارية.

بيئة عمل اقتصادية استثمارية

هكذا هي الحال مع مبادرات برامج المسئولية الاجتماعية في أي منظمة أو شركة أو مؤسسة.فالمسئولية الاجتماعية كما ذكر من سبقوني من الأخوة الأفاضل المتحدثين ليست مجرد ( موضة ) تركض وراءها الشركات لتضمن مكانتها في منظومة مؤقتة بل هي مفاهيم مبنية على أسس ومعتقدات وفكر وفلسفة وتوجه استراتيجي مدروس يهدف أولاً وأخيراً إلى تقنين عمليات العطاء الى استراتيجيات نماء تصب جميعها ليس فقط كما يظن البعض في تنمية المجتمع، بل وتتعداها إلى تنمية الإقتصاد من خلال إحداث نقلة نوعية في حياة الأفراد كشرائح مجتمعية مستهدفة ودفع عجلة التنمية الاجتقصادية

فعلى عكس من يتصور أن مبادرات المسؤولية الاجتماعية ليست إلا صيغة جديدة ومبتكرة للدعاية والإعلان والضجيج الإعلامي من أجل التسويق وزيادة مبيعات وأرباح الشركة ، فإن المسئولية الاجتماعية-وإن تشابهت مع التسويق في حبها للدعاية-إلا أنها لا تسعى للإعلام والإعلان بهدف الربح بقدر ماهو بهدف التوعية والتثقيف وإشعار أفراد المجتمع بما هو متاح لهم من خدمات اجتماعية ليتمكنو ا من الاستفادة منها . كما أن البعض الآخر ( وهم كثر ) لازالوا يخلطون مفهوم العمل الخيري مع مفهوم المسئولية الاجتماعية . ولا غضاضة في ذلك لولا أن الفرق بينهما واضح وضوح الشمس حيث يعتمد العمل الخيري على العطاء الموجه لسد وإشباع احتياجات آنية في حين تتمحور المسؤولية الاجتماعية حول العطاء من أجل تحقيق التنمية المستدامة أي أنها خطط وبرامج طويلة الأمد تهدف مخرجاتها إلى تحقيق تلك النقلة النوعية التي سبق ذكرها بحيث تترك أثراً إيجابياً واضحاً في حياة الفرد والمجتمع .

ونعود للحديث عن مقومات نجاح واستمرارية مبادرات المسئولية الاجتماعية التي تتشابه بشكل كبير مع أي نشاطات استثمارية من حيث ضرورة توفر المناخ العام الاجتماعي والاقتصادي والتنظيمي من خلال المنظومة التالية ( والتي تعد بمثابة البنية التحتية اللازم توفرها لولادة وانطلاقة ونجاح واستمرارية أي مبادرة للمسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة ).

بيئة عمل اقتصادية اجتماعية

فكما يحتاج أي نشاط اقتصادي للجهات المعنية بوضع القوانين وسن التشريعات التي تنظم الحركة الاقتصادية ، كذلك تحتاج الشركات المبادرة ببرامج للمسؤولية الاجتماعية إلى الأنظمة واللوائح التي تنظم تلك البرامج والمبادرات لعدة أسباب منها :

*التحقق من الواقع والمعلن منعاً للادعاءات الإعلانية .

*التأكد من تخصيص موازنة خاصة بتلك المبادرات وعدم استغلال اموال الزكوات والصدقات .

*التأكد من أن الشركات المبادرة في برامج المسؤولية الاجتماعية تراعي في ممارسات نشاطاتها الاقتصادية والتجارية والصناعية بالتحديد على حماية البيئة وحماية المستهلك والممارسات العادله مع عمالها وموظفيها فأي إخلال في تلك المناحي يقلل من شأن مبادراتها الاجتماعية مهما كانت مفيدة .

*المطالبة بالشفافية والإفصاح عما تخصصه الشركات لبرامج المسئولية الاجتماعية .

*توفير التسهيلات والخدمات التي تحتاجها الشركات الخاصة لإطلاق برامجها الإجتماعية بيسر وسهولة مثل : توفير المعلومات والإحصاءات والتراخيص والحصول على الموافقات التي قد تقف عائقاً في كثير من الأحيان أمام تنفيذ مبادرة أوبرنامج .

*تنسيق الجهود وإيجاد التكامل بينها ومنع التكرار وتشجيع المبادرات المبتكرة ومكافأتها معنوياً.

*التأكيد على الشركات بضرورة إشراك شباب المجتمع في مبادراتهم وبرامجهم لتشجيع العمل التطوعي وترسيخ وتوجيه مفهوم التطوع في خدمة المجتمع .

*توعية المجتمع بالمسئولية الاجتماعية وتعديل المفاهيم الخاطئة والخلط الكبير بين العمل الخيريوالعمل الاجتماعيوأعمال مؤسسات المجتمع المدني .

الأعمدة الأساسية

للمسؤولية الاجتماعية

ونظراً لغياب تلك المقومات الأساسية وغيرها من التشريعات المنظمة لمبادرات القطاع الخاص في مجال المسئولية الاجتماعية نجد أن غالبية شركاتنا قد اتجهت نحو ممارسة مجال واحد فقط من أصل سبعة مجالات تعتبر الأعمدة الأساسية لأي مبادرة اجتماعية كما ورد في نظام الأيزو الخاص بالمسئولية الاجتماعية برقم ISO/CD26000 والذي نص على أن الأعمدة الأساسية لأي مبادرة للمسئولية الاجتماعية هي كالتالي :

*الالتزام بنظام حوكمة الشركات.

*التوعية بحقوق الإنسان.

*ممارستها في التعامل مع العمالة التابعة لها.

*مراعاة العدالة في ممارساتها التشغيلية.

*مراعاة حقوق المستهلكين وقضاياهم.

*ممارساتها في الحفاظ على البيئة.

*المشاركة في التنمية الاجتماعية.

ويتضح من الشكل أن أغلبية الشركات الخاصة تعمل جاهدة في تفعيل دورها في المسئولية الاجتماعية في الدائرة الأخيرة وذلك بسبب أن هذه هي الدائرة الوحيدة التي لاتتطلب تنظيماً حكومياً بشكل كبير بل تعتمد كثيراً على التواصل المباشر بين الشركات والفئات أو الشرائح المجتمعية المستهدفة للاستفادة من تلك البرامج والمبادرات مثل :

*البرامج التعليمية والمنح الدراسية .

*البرامج التدريبيه والتأهيلية .

*برامج التوظيف المباشر وغير المباشر .

*برامج تطوير التكنولوجيا .

*برامج التمكين الاقتصادي وتمويل المشاريع .

*برامج دعم القطاع الصحي بالتوعية والتثقيف .

*وأخيراً توجيه قلة ضئيلة من مشاريعها الاستثمارية نحو ما يعرف بالاستثمار الاجتماعي من خلال الاستثمار في مشاريع ثقافية تعليمية صحية بيئية بنى تحتية معلوماتية بحثية وكل ما من شأنه بناء القدرات الاجتماعية للأفراد والمجموعات Social Capacity Building

وحتى يتم تفعيل دور الشركات في المحاور الأخرى بنفس الفعالية وبنفس الكفاءة،لابد أن يتم أولاً إيجاد البنية التحتية التي ينبغي أن يمهدها القطاع العام في شكل أنظمة ولوائح وتشريعات تنظم وتسهل على الشركات إطلاق مبادراتهم في مناخ صحي منظم وشفاف يشجع ويحفز جميع الشركات بكافة فئاتها تفعيل برامجها في المسئولية الاجتماعية وتسخير جهودها وإمكانياتها ولو بأضعف الإيمان .

كما يتوقع من القطاع العام أن يقوم أيضاً بتشجيع الشركات الخاصة لإطلاق مبادراتها في المسئولية الاجتماعية من خلال الإشادة بدور الشركات الفاعلة والناشطة في هذا المجال من خلال خطابات الشكر أو المقالات الصحفية أو مكافأتها بشكل أو بآخر كما هو الحال في تشجيع عملية السعودة . فالشركات الفعالة في مجال المسؤولية الاجتماعية هم بمثابة شركاء للجهات الحكومية في تحقيق عمليات التنمية ، وهم سند ودعم حقيقي لهم في تحقيق أهدافهم التنموية والصحية والتعليمية والتوعوية وغيرها من الأهداف التي تصب أولاً وأخيرا في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز النمو الاقتصادي (The Socioeconomic).




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد