Al Jazirah NewsPaper Friday  20/02/2009 G Issue 13294
الجمعة 25 صفر 1430   العدد  13294
مركاز
عام الكوارث!
حسين علي حسين

 

كان عام 2008م عاماً سيئاً بامتياز فقد رأينا خلاله الكوارث تتوالى على رؤوسنا مثل حبات المطر، وفيه كنا نتباكى على خيبتنا في سوق الأسهم، لكن الخيبة الآن أصبحت شاملة، تلف العالم كله بغلالة سوداء، وزاد عليها ظهور بعض النصابين الذين لم يضحكوا على زيد أو عبيد ولكنهم ضحكوا على بنوك ومصارف وشركات عملاقة في فرنسا وألمانيا واليابان وبريطانيا وفي المعية بعض رجال المال والأعمال العرب!

عملية النصب الكبرى التي بلغت محفظتها (60) بليون دولار بطلها مواطن أو مصرفي أمريكي يلعب بالبيضة والحجر، ولم تجد الحكومة الأمريكية أمام هكذا نصاب إلا أن تتدارك الأمر بتسييل أصول البنك الذي يديره وتطبيق قسمة الغرماء على الضحايا في الشرق والغرب والشمال والجنوب وكل واحد ونصيبه!

وبدأت كوارث العام الفائت بما عرفت بأزمة الرهن العقاري، بعد تقاعس أو مماطلة الحائزين على قروض من البنوك الأمريكية في تسديد ما عليهم من مستحقات أو أقساط، وقد وجدت البنوك نفسها في ورطة، فقد أصبح أمامها آلاف العقارات التي عرضت للبيع تسديداً لحقوقها لدى الأفراد، وإزاء التشبع العقاري، أصبح كل بنك صرف خمسين دولاراً لا يجد أمامه سوى دولار واحد، وكرت السبحة لتساقط العديد من البنوك الضخمة أبرزها (سيتي غروب) ولم يفد مبلغ الـ 700 بليون دولار في الحد من تدهور البنوك! أما شركات السيارات العملاقة فقد أصبحت في ذلك العام وهذا العام على شفير الهاوية، آلاف السيارات الفارهة والصغيرة تربض في المخازن لا تجد من يشتريها، حتى قيل إن من يقبل بشراء سيارة سيأخذ معها سيارة أخرى مجاناً!!

ومنيت شركات العقار في العديد من الدول الأوروبية بخسائر فادحة خصوصاً في إسبانيا أما غابات المباني في دبي وغيرها من الدول العربية فإنها ستلقى في مقبل الأيام مصيراً غامضاً، بسبب التسهيلات البنكية وتداول أغلبها بشكل مضاربي بحت خصوصاً في الدول التي منحت إقامة مفتوحة لكل وافد يشتري عقاراً أو شقةً، وفي المملكة هبطت أسعار الأراضي والشقق السكنية وإن كان الهبوط محدوداً لكن الطامة الكبرى التي لفت أرجاء العالم كانت آتية من الأسهم، حتى ان بعض المؤشرات نزلت أكثر من قيمتها الدفترية وهناك سهم لأحد أكبر البنوك الأمريكية هبط من 9.5 دولارات إلى 3 دولارات فقط!

في ظل هكذا تدهور اقتصادي ستلجأ العديد من الشركات المحلية والعالمية إلى تسريح أو تسويات أو تطفيش سعياً وراء خفض العمالة لديها، بل إن بعض الشركات بفعل الكساد أوقفت خطوط إنتاج كاملة لكيلا تتحمل المزيد من الخسائر!

لا ينافس الأسهم في النزول، خلال ذلك العام، إلا الحديد، الذي هبط سعره بنسبة وصلت إلى 65% فمن سبعة آلاف ريال للطن، يباع الآن بألفي ريال، أما الحديد المستورد فقد يصل سعره في أسواقنا إلى 1400 ريال للطن، وبعد أن كان معدومو الضمائر من تجارنا يكنزون الحديد في مخازن سرية حتى يزيد سعره، أصبحوا يعرضونه في العراء، لعل أحداً يقبل شراءه.

إن هكذا أزمة تدعونا إلى التريث في العديد من المشاريع الحكومية والأهلية، فالكساد الذي يضرب العالم مثل كرة الثلج، سوف يكتسحنا إذا لم تكن خططنا انتقائية، موجهة بالدرجة الأولى للبرامج التعليمية المكثفة والعالية وللبنى التحتية والبيئية..

حتى تنجلي الغمة التي بدأت سياسية وانتهت اقتصادية.

فاكس: 012054137



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد