Al Jazirah NewsPaper Friday  20/02/2009 G Issue 13294
الجمعة 25 صفر 1430   العدد  13294
التقية السياسية لنظام طهران

 

العرب عموماً، وأهل الخليج منهم خاصة، أكثر الأقوام فهماً ومعرفة بتفكير أهل فارس، ليس فقط بسبب الجيرة، وتماس أراضي القوميتين، بل أيضاً لتداخل ثقافاتهم والفهم الكامل لينابيع التفكير والاطلاع المستمر على التوجهات الفكرية والثقافية والمذهبية والسياسية للذين يقيمون على هذه المنطقة، وبالذات في منطقة الخليج العربي الذي لا يفصل بين شعوبها سوى خليج بحري لا يتجاوز الكيلومترات، وهو ما يجعل الأقوام تفهم بعضها البعض وبكثير من الوضوح.

ولهذا فعرب الخليج على بيّنة تماماً ويفهمون ما تريده طهران من وراء ترديد التصريحات العدائية المتكررة من قبل المسؤولين الإيرانيين والرموز السياسية والإعلامية التي ما فتئت تردد المزاعم والادعاءات الإيرانية في أراضي البحرين الشقيقة.

فأهل الخليج خاصة والعرب عامة يرون في معاودة إطلاق هذه التصريحات بين الفَيْنة والأخرى - وإن أُريد توظيفها من حيث التوقيت لخدمة أهداف تكتيكية لتعزيز الموقف التفاوضي للنظام الإيراني الذي فتحت له الإدارة الأمريكية انفراجة لإعادته إلى قنوات التفاوض فأراد من خلال (تشغيل أسطوانة) أطماعه بأرض مملكة البحرين ابتزاز دول الخليج وتقوية موقفه التفاوضي، من خلال استعراض لقوى فارغة، تستهدف أولاً تحويل اهتمام الرأي العام الإيراني بدغدغة مشاعره العنصرية، وإضافة ورقة إلى ملف التفاوض مع الإدارة الأمريكية، من خلال الإيحاء بقوة النفوذ الإيراني في الخليج والعراق ولبنان وفلسطين - أسلوباً كلاسيكياً في العلوم السياسية وفن التفاوض.. من خلال توظيف القوى الخارجية وإثارة الاضطراب والفوضى خارج الدولة التي يديرها النظام لتعزيز موقعه وإعطائه جرعات بقاء.

وهذا الأسلوب الذي قد يصلح مع الأمريكيين والغربيين عموماً من خلال التعامل مع الواقع، إلا أنه لا ينفع مع أهل الخليج الذين يفهمون تماماً ما يسعى إليه نظام طهران من وراء تشغيل هذه الأسطوانة بين الحين الآخر ومن خلال أفواه وأقلام مستشارين في مكتب مرشد الثورة الإيرانية الذين يشكلون ما يمكن تسميتهم بعيون وآذان المرشد الآمر الناهي في إيران اليوم.. فهو عمل يُعدّ في فهمنا كخليجيين وحتى الإيرانيين تأكيداً لموقف إيراني لا يتزحزح، وثباتاً لأطماع تمتد من جزر الإمارات العربية حتى الأحواز مروراً بمملكة البحرين، وأن تجنب أعضاء الحكومة الإيرانية تناول مثل هذا الطرح، بالوضوح الذي يمارسه مستشارو مرشد الثورة الإيرانية، لهو تجسيد للتقية السياسية التي يمارسها نظام طهران في علاقاته الدولية، وخاصة في تعامله مع الدول العربية التي يدعي أنه يتحالف معها في مواجهة إسرائيل لتحرير الأرض الفلسطينية، في الوقت الذي يحتل فيه أراضي عربية في الخليج العربي ويطمع بلا خجل في أراض عربية أخرى في البحرين.

تقية لا يمكن أن تنطلي على العرب عامة والخليجيين خاصة بدليل تضامن كل الدول العربية مع مملكة البحرين؛ حيث أعلنت كل من المملكة العربية السعودية ومصر والأردن بوضوح رفضها واستهجانها واستياءها من العبث الإيراني الذي لم يعد يُحتمل.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد