Al Jazirah NewsPaper Friday  20/02/2009 G Issue 13294
الجمعة 25 صفر 1430   العدد  13294
الزوايا الحادة
د. محمد بن إبراهيم الحمد *

 

يحدثني أحد الأصدقاء أنه إذا أراد طعاماً معيناً ولم يجده في المنزل لم يهدأ له بال حتى يجده، ولو اضطره إلى أن يسافر من أجل ذلك.

ويحدثني أحدهم أنه قد وطّن نفسه إذا لم ينم في الساعة المعينة طار عنه النوم.

وآخر يحدث أنه إذا لم يشرب الشاي في ساعة معينة تكدر مزاجه طيلة يومه.

وآخر يحدث أنه إذا حدث خلاف بينه وبين أحد زملائه أو أقاربه صرمه البتة، وقطع كل صلة به.

ويحدث أحدهم أن سيارته إذا حصل بها أي نوع من العطل تشاءم منها، وفكر في بيعها، وشراء أخرى.

ويحدث آخر أنه حصل من أحد أفراد بيته العقلاء خطأ يسير في استعمال الهاتف الجوال، فقرر أخذه منه وعدم إرجاعه إليه، آخذاً بمبدأ (السلامة لا يعدلها شيء).

إلى غير ذلك من هذه السلسلة الطويلة من الزوايا الحادة التي يأخذ بها بعض الناس فيحيط نفسه بسياج من الآصار والأغلال التي تنال نيلها منه، فيخسر بسببها ما يخسر من المعارف والأصدقاء ويضيع عليه الكثير والكثير من المصالح.

فالزوايا الحادة تصلح في طرق الحديد، وقطع الأشجار، وهندسة الإعمار، وإصلاح الطرقات, وما جرى مجرى ذلك.

أما معاملة البشر فلا يصلح لها هذا النوع من المعاملة؛ لأنه تعامل مع أمزجة مختلفة، وثقافات متباينة، وأحوال متغيرة.

وكذلك النفس البشرية، فهي لا تثبت على حال، فإذا لم يرفق الإنسان بها أوشكت أن تتهاوى، وتضعف فالإفراط يقود إلى التفريط.

والعاقل اللبيب لا يضع نفسه في مضايق يصعب عليه الخلاص منها.

وإنما يفسح الطريق أمام الخيارات الأخرى، فإذا أُغلق باب فُتح آخر، وإذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.

* الزلفي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد