Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/03/2009 G Issue 13312
الثلاثاء 13 ربيع الأول 1430   العدد  13312
أضواء
الوطن أولاً
جاسر عبدالعزيز الجاسر

 

أكثر ما يسعد الكاتب هو تفاعل القراء مع ما يكتب، ومثل كل الكُتَّاب تزداد سعادتي بعدد ما يردني من ردود وتفاعل حتى مع الرسائل والردود التي ليس بالضرورة أن يكون محتواها متوافقاً مع ما أطرحه من آراء، وقد يكون هناك تطابق، أو تقارب، أو توافق مع بعض ما تتناوله المقالة، واختلاف في بعض الفقرات، أو حتى رفض لكل ما تحتويه من آراء وأفكار.. ومقالة يوم الأحد، كان بريدي الإلكتروني ال(إيميل) مزدحماً بالردود على ما جاء في زاوية أضواء: (إحياء الصفوية عبر العباءة الشيعية).

وإذ أعتذر من الإخوة الذين أشادوا بالمقالة، فليس مستحباً أن ينشر الكاتب المديح الموجه له، ومن الأفضل أن ينشر الردود التي توضح موقفاً حتى وإن حملت معارضة لأفكار الكاتب، مثلما جاء في الرد الموجه من الأخ الفاضل (فؤاد) الذي سعدت جداً به ليس لأنه تفاعل مع ما تضمنته المقالة، بل لأنه أكد على مسلَّمات سعودية وطنية ربما غابت عن البعض، فالأخ فؤاد يكتب في رده: (الأخ العزيز جاسر عبدالعزيز الجاسر، ربما الكثير يؤيد ما قلته في مقالك من تدخل إيراني يزعج الكثير من الدول والمذاهب الأخرى، ونحن الشيعة سواء في العراق أو في المملكة العربية السعودية نقف في الكثير من المسائل ضد إيران في تعاملها مع الكثير من القضايا ونستهجن ما تقوم به من تدخلات... ولهذا فإنه ليس من المصلحة ولا المنطق أن يهاجم المذهب الشيعي من أجل مهاجمة إيران، لأنه عندما يتم التحريض ضدنا نحن الشيعة الذين لا ننتمي لإيران ولا نتبع سياستها ستحدث ردة فعل للإنسان العادي لا تخدم النسيج الوطني، إذ قد تلصق تصرفات إيران بنا نحن الشيعة السعوديين الموالين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. وحكومته التي تخدم جميع المواطنين.. نعم نحن شيعة إلا أننا مخلصون لوطننا المملكة العربية السعودية.. وليس كل شيعي إيراني).. وقد وقَّع الأخ فؤاد ال(إيميل) ب: (أخوك فؤاد من أبناء هذه البلاد بقيادة آل سعود حفظهم الله لنا).

رسالة إلكترونية، أراها صادقة ومفعمة بحب الوطن، وتوضح الفصل بين الانتماء للوطن.. والاعتقاد بالمذهب، إلا أنني لا أجد أي خلاف بين ما أعتقده وما أردتُ توضيحه في مقالة يوم الأحد، وأنني أعيد تأكيدها، لمن التبس عليه الأمر، وهو أن نظام إيران يستغل الشيعة العرب ويدَّعي تأييدهم جميعاً لما يقوم به من أفعال لا يقرها الشيعة بل هناك من يعارضها وبشدة.. وأفعال النظام الإيراني وأقواله تورط الشيعة سواء في الدول العربية أو في غيرها فيوجهون انتقامهم للشيعة، وقد نبه المفكر العربي العراقي الشيعي حسن العلوي، إلى (أن اضطهاد أهل السنة العرب في العراق سيدفع السنة وهم الأغلبية المطلقة في الدول العربية إلى مضايقة، أو حتى الانتقام من الأقليات الشيعية في الدول العربية).

أما المرجع الديني الشيعي.. والمفكر العربي السيد محمد حسين فضل الله فيرى أن (الغلو في علي والأئمة كفر واعتقاد ألوهيته أو ما يقرب من ألوهيته، هو كفر، ويُعتبر معتقده كافراً كبقية الكفار الآخرين).. ونبه هذا المرجع الكبير الذي يقلده كثير من الشيعة وخصوصاً في الخليج والأحساء والقطيف (بأن الصفوية لا تثبت أمام الواقع، لأن الشيعة العرب مخلصون لأوطانهم، ونحن قلنا ولا نزال نقول في لبنان وفي غيره، إنه ليس للشيعة مشروع خاص بهم، والشيعة في العراق لا يريدون أن تحكمهم إيران).

أما بالنسبة لولاية الفقيه، فيؤكد هذا المرجع الكبير، بأنها ليست ولاية عامة وأنها نظرية علمية اختلف عليها فقهاء الشيعة، وأغلبهم لا يقولون بها فلا يرون للفقيه ولاية عامة على مستوى ما يقرب من الإمامة والخلافة.

ويذكر المرجع الشيعي الكبير فضل الله: (كان أستاذنا السيد أبو القاسم الخوئي ينكر شرعية الولاية العامة للفقيه.. ونحن نوافقه على ذلك، ولا نرى للفقيه ولاية عامة).

وهكذا.. ومن خلال أقوال ومواقف هؤلاء المراجع وغيرهم من المراجع الشيعة، فإنه لا بد من الفصل بين الصفوية التي ترتكز على (الغلو) وتأليه الأئمة وإسباغ صفة العصمة عليهم، والأخذ بنظرية ولاية الفقيه، وبين الشيعة العرب الذين يقدمون الولاء للوطن والذين يقيمون على أرضه على ما سواه سواء كان معتقداً مذهبياً ويرفضون أي توظيف سياسي للمذهب الشيعي كما يفعل حكام طهران.. وهو ما أكدته رسالة الأخ فؤاد.



jaser@al-jazirah.com.sa

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد