Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/03/2009 G Issue 13312
الثلاثاء 13 ربيع الأول 1430   العدد  13312
تجارة المخدرات واستهداف الوطن
فضل بن سعد البوعينين

 

إنجاز أمني جديد سجله رجال مكافحة المخدرات، والسلطات الأمنية السعودية في حربهم على تجارة المخدرات، وغسل الأموال. رجال الأمن السعوديون، ومن خلفهم وزارة الداخلية، هم الحصن المنيع الذي يحمي هذه البلاد وأهلها -بإذن الله- من خطط الدمار التي تحاك سراً ضد المملكة العربية السعودية، أرض الرسالة، وقبلة المسلمين. يوماً بعد آخر تثبت السلطات الأمنية أن السعودية أصبحت الهدف الرئيس لتجار المخدرات. لم يعد سراً أن تجاوزت مضبوطات الحبوب المخدرة في المملكة مجمل ما تم ضبطه حول العالم، العام ما قبل الماضي. إحباط تهريب 4.4 ملايين طن من حبوب الكبتاجون المخدرة و1.7 طن من مادة الحشيش والقبض على 35 متورطاً والكشف عن شبكة محلية على ارتباط بجهات خارجية امتهنت تهريب المخدرات إلى المملكة وترويجها، يكشف عن حجم التحدي الذي تواجهه السعودية من شبكات الإجرام المحلية والدولية، ويكشف أيضاً عن حجم مشكلة المخدرات التي توشك أن تدمر المجتمع من الداخل.

حجم المخدرات المضبوطة محلياً لا يمكن ربطها بتجارة المخدرات دون أن تكون على علاقة بروابط تخريبية أخرى. تجارة المخدرات والبحث عن الكسب المادي هي في الأساس هدف المروجين المحليين، وبعض العصابات الدولية، إلا أن هذا الهدف المعلن عادة ما يخفي خلفه بعض الأهداف التنظيمية غير المعلنة. تلك الأهداف تبقى المحرك الحقيقي لعمليات تهريب وتجارة المخدرات وغسل الأموال، والتي عادة ما يكون خلفها تنظيمات دولية على مستوى عال من الحرفية، وربما على علاقة بجهات استخبارية خارجية.

كشف التحقيقات الأولية عن قيام أعضاء الشبكة بإيداع وتحويل 406 مليون ريال في حسابات بنكية داخلية وخارجية بالإضافة إلى تصدير عدد كبير من السيارات المجهزة يمكن أن يشير بوضوح إلى حجم التنظيم، كفاءته، والدعم اللوجستي الذي تمكن من خلاله التعامل مع هذا الحجم الضخم من الأموال وتمريرها عبر القنوات المصرفية، وشبكة التحويلات العالمية. وجود مبالغ مالية نقدية قدرت بخمسة ملايين وثمانمائة وثمانين ألف ريال تؤكد على ضلوع الشبكة، وربما تخصصها، في عمليات غسل الأموال التي عادة ما ترتبط بالجرائم الأخلاقية ومنها تجارة المخدرات. عمليات تصدير السيارات التي ضبط منها 23 سيارة ربما استغلت في عمليات غسل الأموال المتأتية من تجارة المخدرات، أو ربما استخدمت في التهريب. نجاح الشبكة في إضفاء الشرعية على أكثر من 406 مليون ريال من خلال تمريرها في القنوات المصرفية، وشبكة التحويل الدولية يرفع أكثر من علامة استفهام خاصة فيما يتعلق برجال الأمن الدوليين الذين عادة ما يكونون دقيقين في عمليات تناقل الأموال عبر شبكة التحويلات الدولية! شبكات الأمن الدولية نجحت في كشف تحويلات مالية بسيطة صنفت على أنها ضمن عمليات (غسل الأموال وتمويل الإرهاب)، إلا أنها تعجز في بعض الأحيان عن كشف تحويلات مالية ضخمة مثيرة للشبهات!!.

تهريب المخدرات ونقلها عبر القارات، والدول يمكن أن تكشف أيضاً عن مستويات تعامل الأجهزة الأمنية الدولية مع عمليات التهريب بحسب الوجهة والغاية!. بعض عمليات التهريب المعقدة، وغسل الأموال المتطورة لا يمكن أن تُقنع الآخرين باستقلاليتها عن بعض المساعدات اللوجستية الدولية ذات الصبغة الاستخبارية.

تمكن رجال الأمن من (القبض على ثلاثة أشخاص من جنسية غير عربية كانوا على متن قارب مزود بمحرك عند اقترابهم بالقارب من السواحل الشرقية للمملكة وفي حوزتهم 521.289 جراماً من مادة الحشيش المخدر)، يعيد قضية مراكب الصيد الإيرانية التي ضُبطت في المياه الإقليمية اليمنية محملة بالمخدرات ومستهدفة السوق السعودية!. مثل هذه العمليات يجب ألا تُفصل عن أبعادها التخريبية، ويُفترض أن تدق نواقيس الخطر مما يحاك لهذه البلاد الطيبة، من الأصدقاء (الذين يعتقد بصداقتهم البعض) قبل الأعداء.

استهداف أرض الحرمين الشريفين وقبلة الإسلام والمسلمين من خلال الإرهاب، المخدرات، الحروب الإعلامية الماجنة هو استهداف مباشر للإسلام والمسلمين. وهو محاولة مستميتة من أعداء الأمة لتدمير المجتمع السعودي المسلم من الداخل، وتفكيك أواصره القوية، واستهداف الشباب والمراهقين من الجنسين بقصد تدميرهم والقضاء عليهم لتحقيق أهدافهم التخريبية.

استهداف المجتمع بالمخدرات القاتلة، وترويجها في الأماكن العامة، المدارس الثانوية، الجامعات، الأندية الرياضية، بل ووصولها في بعض الأحيان الإصلاحيات يعني محاولة القضاء على قيم المجتمع ومكوناته الإنسانية، وتدمير الأخلاق، وجعله صيداً سهلاً لأعداء الإسلام والمسلمين. وزارة الداخلية ورجال الأمن يعملون ليل نهار لمواجهة الحرب التي تُشن على مجتمعنا الإسلامي، إلا أنهم في حاجة ماسة إلى الدعم والمساندة من جميع فئات المجتمع. يجب أن تتحمل مؤسسات المجتمع دورها الفاعل في مواجهة حرب المخدرات التي تشن بلا هوادة على الشباب والمراهقين من الجنسين بغية القضاء على مستقبل الوطن ودعامته الأساسية.

تكاتف المجتمع والوقوف صفاً واحداً أمام مروجي المخدرات يمكن أن ينقذ المجتمع بأسرة من مخططات الدمار. نشر المصحات ذات الكفاءة العالمية في جميع مناطق المملكة والتعامل مع القضية بشفافية، خاصة في قطاع التعليم العالي للجنسين، وحسن التعامل مع التائبين، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع، وإقرار إلزامية الكشف عن تعاطي المخدرات على الطلاب والطالبات الملتحقين بالجامعات، أو المراحل الأخرى، والموظفين، وطالبي الزواج يمكن أن يساعد في تقليص أعداد المدمنين ويساعد في تحصين المجتمع. الجانب الإعلامي يمكن أن يكون أهم العوامل المؤثرة في مكافحة المخدرات، وهو الجانب الذي لم يفعل بعد على مستوى من الحرفية.

نسأل الله أن يحفظ هذه البلاد وأهلها مما يحاك لهم بالخفاء، وأن يجعل تدبير الخائنين تدميراً عليهم، وأن يرد كيدهم في نحورهم، وأن يجزل المثوبة والعطاء لرجال مكافحة المخدرات، وسلطات الأمن السعودية، وهيئة الأمر بالمعروف التي تحقق نجاحات كبيرة في حماية المجتمع من الداخل.

***

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد