Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/03/2009 G Issue 13312
الثلاثاء 13 ربيع الأول 1430   العدد  13312
اللجان في دائرة التقييم!!
د. خالد محمد الخضر

 

تقوم اللجان على مساندة مفاصل الهيكل التنظيمي عندما يحتاج هذا الهيكل إلى مساندة رسمية أو غير رسمية من خلال إطلاق تجمعات متناسقة وذات هدف محدد وبرنامج واضح يطلق عليها في الغالب اسم لجنة، ومن البدهي هنا أن دور تلك اللجان كما ذكرنا هو دور مساند لمفصل من مفاصل الهياكل التنظيمية الرسمية، سواء كانت حكومية أو قطاع خاص، ومن المقرر هنا أن تلك اللجان تلعب دوراً رئيسياً وناجعاً عندما لا تحيد تلك اللجان عن دورها الحقيقي ويكون الهدف والرؤية واضحان ومحددان. وعندما تبدأ تلك اللجان بالجنوح عن الهدف المحدد لها من خلال الدخول والإغراق في التفاصيل ودراسة وتحليل تلك الأهداف الفرعية وتقديم المهم قبل الأهم وعدم تحديد الرؤية الواضحة للجنة وكذلك رسالتها؛ فإن تلك اللجان تصبح عبئاً على تلك المنظمات بدلاً من أن تكون عوناً ودعماً لتوجهات مؤسسة أو منشأة أو وزارة ما، ومن المسلَّمات في هذا المقام أن تلك اللجان عندما تقوم بتحديد الهدف بشكل واضح ومقبول وملموس وكذلك قابل للتحقيق ومن ثَمّ وضع الرسالة الحقيقية والواضحة لأعضاء اللجان فهنا تكون تلك اللجان إيجابية وناجعة، ويجب بين الحين والآخر قراءة تلك الرؤية والرسالة على الأعضاء؛ حتى يتم تذكيرهم بالهدف الذي من أجله أُنشئت تلك اللجنة والغرض من إنشائها، بهذا نجد أنفسنا بين لجان تحقق الأهداف وتؤكد عليها. ومن نافلة القول هنا أنه يجب ألا تكون تلك اللجان مدعاة للتعقيد والتضليل والتسويف والاجتماعات التي لا يُؤخذ منها إلا مضيعة الوقت والجهد والمال.. نريد لجاناً فاعلة ذات أهداف واضحة وبرنامج عملي محدد وموضوعي، وتتم مراجعة عمل تلك اللجنة هنا من قبل الرئيس وفريق المتابعة حتى يطمئنوا أن العمل يسير وفق الأهداف المرسومة له. أنا هنا وفي هذا المقام أؤكد على ثلاثة محددات لنجاح عمل أية لجنة، أهم تلك المحددات - كما ذكرنا سلفا - هو وضوح الرؤية والرسالة، وعمل برنامج واضح ومحدد وممكن التحقيق. المحدد الثاني أن يتم اختيار الرئيس والأعضاء على أسس موضوعية تقوم على الكفاءة والتجربة والخبرة والممارسة. المحدد الثالث أن يكون هناك فريق للمتابعة لأعمال تلك اللجنة حتى يتم من خلال هذا الفريق قياس مدى نجاح تلك اللجنة وتحديد مسارها الحقيقي نحو تحقيق الأهداف. من خلال تلك المحددات نستطيع أن نصل إلى لجان قادرة على الوصول إلى الغايات والأهداف. في تقديري أن لكل عمل يهدف إلى تحقيق النجاح والفائدة نظاماً يجب أن ينساق من خلاله هذا العمل، وحتى يتم تحقيق الأهداف وتكتمل المنظومة المؤسسة لذلك النجاح فإنه يجب أن يكون هناك تناسق واتساق بين كافة أطراف وأطياف المعادلة التنظيمية، وتلك اللجان ما هي إلا أحد تلك المرتكزات التي يقوم عليها العمل وتتحقق على جنباتها عوامل النجاح، فلتلك اللجان أهمية بالغة متى ما اتسم العمل بآلياته وتوافقت كافة أبعاده النظرية والعملية لتحقيق المبتغى، وأعتقد أن الغرف التجارية عملت خيراً عندما أطلقت مثل هذه اللجان؛ فأعتقد أن هذه اللجان قد أدت الدور المناط بها وإن كان تحقيق هذه النتائج يختلف من لجنة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، حسب ما تقوم عليه تلك اللجنة من خلال خبرات أعضائها ومدى مداركهم المكتسبة عبر أعمالهم وخبراتهم التجارية. وأعتقد جازما أن الهدف من إطلاق تلك اللجان كان هدفاً سامياً وقائماً على خدمة المجتمع ورجال الأعمال والمال واقتصاديات البلد على كافة مناحيه، إلا أن الدور أحيانا يحيد عن جادة الصواب من بعض اللجان، وأهم أسباب إخفاق بعض تلك اللجان هو (توليفة) أعضاء اللجنة؛ فمتى ما كان الأعضاء هم من أهل الخبرة والدراية والعلم وامتزجت تلك الركائز وانصهرت مع بعضها بقينا أمام نجاحات محققة، ومتى ما اختلت تلك المعادلة فإن الفشل هو الحاضر في مخرجات تلك المعادلة، وللرئيس وكذلك نائبه في اللجان دور أساسي في نجاح تلك اللجان من فشلها، وكما ذكرت سابقا اللجان تحقق أهدافها متى ما تم الاختيار الحقيقي لأعضاء اللجان بعيدا عن المحسوبيات والمجاملة وتقديم المعرفة على الكفاءة، حينئذ تقوم بالدور المناط بها. وأعتقد أن اللجان في تلك المرحلة ينقصها فقط الاحتكاك الحقيقي مع شرائح المجتمع، وإن كان هناك مزاج طاغ هذه الأيام حول إقامة كثير من اللجان على فعاليات تتماشى مع طبقات المجتمع، وأنا هنا لا أستبعد أن يكون هناك بعض الأعضاء يتقدم أو يقاتل للدخول بهذه اللجان من أجل الوجاهة وأضواء الكاميرات وبريق الإعلام.. وهؤلاء معضلة كبيرة تدمر الاقتصاد قبل تدميرهم لأنفسهم. واقترح في هذا المقام لتفعيل دور اللجان كما ذكرت سلفا أولا اختيار الرئيس ونائبه على أساس علمي ومنطقي واستقطاب الأعضاء ذوي الكفاءة العلمية والعملية، وكذلك يجب أن يكون هناك مبلغ مقطوع لكل جلسة تقدم لكافة الأعضاء حتى لا تصبح عملية التمثيل في هذه اللجان فقط خيرية وتشريفية وبالتالي يفقد العضو حماسه ومبادرته وإبداعاته، كذلك يجب أن يكون هناك اجتماع دوري من قبل مجلس إدارة كل غرفة لتقييم عمل ونتائج تلك اللجان، وأن يتم تعيين هؤلاء الأعضاء من منطلقات الخبرة والكفاءة بدلا من التعيين القائم على المعرفة والمحسوبية وكذلك يجب تفعيل دور تلك اللجان من خلال العمل الإعلامي المكثف للتعريف بدورها الحقيقي والمهم لدعم نشاطات الاقتصاد.

كاتب سعودي


Kmkfax2197005@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد