Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/03/2009 G Issue 13312
الثلاثاء 13 ربيع الأول 1430   العدد  13312
فيما يتواصل برنامج دورة التميز بمحاضرتين للعيدي والعجلان.. صباح اليوم
الأحمد: 85% من الشباب يرون أهمية الهيئة و66% يعتقدون صعوبة التعامل مع أعضائها

 

بريدة - بندر الرشودي

أكد الأستاذ فهد بن عبدالعزيز الأحمد المدير العام للتربية والتعليم بمنطقة القصيم أن 85% من الشباب يرون أهمية أو ضرورة وجود الهيئة كجهاز مسؤول عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, معداً ذلك نتيجة طبيعية للثقافة الإسلامية والتدين اللذين يحكمان تفكير المجتمع وسلوكه، وذلك ضمن نتائج دراسة تحليلية كلف بها مجموعة من زملائه المشرفين التربويين متعمداً ألا يكونوا ممن يظهر عليهم سمة الالتزام رغبة في الحصول على نتائج ذات مصداقية عالية وخالية من المجاملة وقد ربط معظم أفراد العينة إجاباتهم بآيات أو أحاديث تؤكد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحث عليه.

وأشار الأحمد في ثنايا محاضرته القيمة التي حملت عنوان (العناية بالشباب والدور المشترك بين الهيئة والتعليم), على منبر دورة التميز التي ينظمها فرع الرئاسة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة القصيم, إلى أن 66% من أفراد العينة من الشباب يعتقدون أنه من الصعب التعامل مع أفراد الهيئة ( وبعضهم يؤكد أنه لا يثق بهم). وقال: مع أن هذه النتيجة تبدو مفاجئة بعض الشيء إلا أن الغريب فعلاً في الأمر هو أن (92%) من أفراد العينة لم يسبق أن واجهوا مشكلة أو اختلفوا مع أحد من منسوبي الهيئة ولم يسبق أن تم معاقبتهم بأي شكلٍ من أشكال العقوبات!!

وطرح الأحمد سؤالاً هاماً على مسامع قيادات وأعضاء الهيئات بالقصيم قائلاً: من أين تكونت لدى المستطلعة آراؤهم هذه النظرة السلبية عن الهيئة كجهاز أو عن أفراد الهيئة بوصفهم الممثلين الحقيقيين للهيئة أمام الجمهور؟

إن هذا الاستبيان هو عبارة عن وسيلة غير دقيقة وغير كافية لإصدار حكم، لكنه يمكن أن يمنحنا مؤشراً يمكن استثماره في المعالجة والتقويم والعمل على تجسير الفجوة بين هؤلاء الذين يعلنون ولاءهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ومضى الأحمد بقوله: قد يكون الإخوة أقدر مني على تقديم الإجابة الدقيقة عن هذا السؤال لكنني شخصياً ومن خلال معرفتي بالكثير ممن يعملون في هذا الجهاز أُدرك تماماً أن العاملين في الهيئة من أكثر الناس أدباً وخلقاً ومعاملةً, ولهذا أعتقد أن هذه النظرة السلبية تجاه الأشخاص هي في الحقيقة ليست سوى شكل من أشكال التأثير الإعلامي عبر نشر أو تضخيم بعض المواقف, وأعتقد هنا أننا بحاجة إلى جهد إعلامي كبير يستهدف بالدرجة الأولى تقديم الهيئة في صورتها الحقيقية وتعريف الناشئة بدورها كخط دفاع رئيس عن الأعراض والأخلاق والأفكار وأعتقد جازماً أن العمل على نشر مواقف وجهود الهيئة في مواجهة قضايا مثل الابتزاز المادي أو الأخلاقي تركت أثراً كبيراً في نفوس معظم الناس وأشعرتهم بمدى الحاجة الفعلية إلى وجود الهيئة كجهاز قائم بل وتعزيزه في الناس عموماً.

وأضاف قائلاً: في جيل الشباب الكثير من الأخطاء، ولكن فيهم الكثير من الخير والنوايا الصالحة وأعتقد أن من الممكن تعديل الكثير من الأفكار السلبية والنظرة الخاطئة ولا سيما ونحن نتحدث عن جيل سيشكل ملامح الأمة ومستقبل الوطن وسيصلون إلى مركز صناعة القرار.

وأردف الأحمد بقوله: نحن نتكلم في إطار تعاوني مهني وأنا أُدرك حجم العبء وأومن بمشكلات التعامل مع الجمهور المشحون سلفاً وأُدرك أنكم تعرفون في هذا الجانب أبعد مما أعرف لكن ما سبق ليس أكثر من محاولة للمشاركة في التذكير والدعوة إلى ابتكار الحلول ولا سيما أن نتيجة الاستبيان كانت مفاجئة لي وهي تدل في بعض معطياتها أن الكثيرين يتقمصون أفكاراً سلبية مع أنهم لم يواجهوا أي موقف سلبي أو خاطئ وربما كان هناك تأثير كبير لبعض أصحاب المعايير المتقلبة والأخلاقيات المطاطة أولئك الذين يستخدمون مصالحهم وأهواءهم وانحرافاتهم مقاييس خاصة ويعرضون عن القيم والمعايير والأحكام الشرعية، ومع هذا فإننا يجب أن نعترف بأننا كمجتمع تربوي وبصورة أوسع مجتمع إنساني قد نفتقر في فهمنا وتطبيقنا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى مرونة العقل وسعة الفهم في التعامل مع فكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكثيرة هي الأخطاء التي ارتُكبت بسبب هذا الخلل فمنا من يفهم أن الأمر والنهي هو محض إبراء للذمة لا يقتضي تفكراً ولا وزناً للمصالح والمفاسد ولا حتى يتطلب منه حُسن خُلُق ثم يندهش من عدم استجابة الناس له, وآخر يظن أن المنكر يقتصر على القضايا التي تخص النساء والرجال وتعاملاتهم ولا يخطر له أن هناك منكرات أخرى لا تجد من يحاربها مثل الفساد الإداري والغش التجاري وظلم الضعفاء، وآخرون قد يندفعون في احتقار مرتكبي المنكر أو المخالفة ويعمد إلى عزله وتحقيره

وكأنه ما سمع قول نبينا عليه الصلاة والسلام للصحابة حين رآهم يُعَنفون الذي ارتكب كبيرة من الكبائر: (لا تعينوا الشيطان على أخيكم).

وآخر يرى المنكر مسألة آراء وميول شخصية وآخرون لا يتجاوز هدفهم من الأمر تخليص النفس من المسؤولية الخُلُقية والشرعية فقط ونسوا أن القصد الأهم والأعظم هو الرغبة في نفع الناس والرحمة بهم والشفقة عليهم من الهلاك، وهو الأمر الذي يدفع الناس إلى قبولهم والتعاطي معهم. ومضى الأحمد بقوله: إن التعليم والتربية ومثله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقتضي عقلاً نيراً ورؤية شاملة وفهماً للعصر وعلماً بطبائع الناس وتربية للنفس على الحلم واللين وسعة الأفق وفهم الدوافع، ويحضرني هنا موقف عابر لمدير مدرسة يصف لي حرصه على الطلاب وحمايتهم ويقول إنه منع كل طالب مدخن من الدراسة في المدرسة وإنه يشترط لقبول الطلاب أن يكونوا متميزين خلقاً وسلوكاً، وهذا هدف طيب لكن نتيجته كارثية؟! فأين يذهب هؤلاء الطلاب الذين رفضتهم هذه المدرسة وهل ستتحول مدارس معينة إلى بؤر لهم.

أم هل سيهيمون في الشوارع على وجوههم ويتحولون إلى قنبلة موقوتة وهدف للمنحرفين والفاسدين, ذاك نموذج من حالات المواقف السلبية والطرق التي لا تؤتي نتيجة في التعامل مع المخالفات والانحرافات وعلى الطرف المقابل وجدت أثناء عملي من يستثمر مكامن الرجولة والنخوة في الطلاب الذين قد يرتكبون بعض المخالفات ويدعمهم ويشجعهم، ويترك في نفوسهم أثراً يحملهم على إحداث الكثير من التحولات الإيجابية في حياتهم وفي مسيرتهم الشخصية وسلوكهم الذاتي.

وفي الختام أجاب مدير تعليم القصيم عن كل الاستفسارات والمداخلات بشفافية ووضوح.

فيما أشاد فضيلة الأستاذ الدكتور سليمان بن حمد العودة عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم في محاضرته بالدورة ذاتها تحت عنوان (معالم مضيئة في تاريخ الحسبة), بدورة التميز وأشار إلى أنه شعار مهم لنا جميعاً ولرجالات الحسبة، كما ثمّن فضيلته كلمة سمو الأمير الدكتور فيصل بن مشعل التي ألقاها في حفل الافتتاح، حيث أشار سموه إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبنا جميعاً وأن الدولة ترعى هذا الجهاز وتشجع رجالاته وأن المسلمين عموماً مسؤولون عن أداء هذه الشعيرة.

وأشار في محاضرته إلى أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو منهج الأنبياء والصالحين في سرد لتاريخ الأنبياء والصالحين في هذا المجال مع ذكر مجموعة من الأدلة الشرعية التي تحض على هذه الشعيرة الكبيرة. وأضاف أن هذه الشعيرة هي منهج الحكماء والنبلاء والعلماء حيث ذكر لقمان عليه السلام أنموذجاً حينما قدم وصيته لابنه {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} مع ذكر أقوال العلماء والمفسرين حول هذه الآية.

كما أشار العودة إلى قضية وجود البديل عن المنكر حيث يقول: يغفل الناس عن جانب مهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألا وهو إيجاد البديل عن المنكر، فالنفس قد تكون متعلقة بهذا المنكر إلى حد تتوقع معه أنها لا يمكن أن تنفك عنه، ولكن عرض البديل المشروع قد يساعد على التخفيف من المنكر ويروض النفس على المشروع وهذا منهج رباني وأسلوب نبوي، ففي القرآن من مثل ذلك قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم}وقال تعالى في سبيل معالجة قوم لوط عن اللواط وعرض البديل المشروع {تَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}.

كما أشار فضيلته إلى مسألة تخفيف المنكر ودفع أعظم المفسدتين حيث يقول: في غمرة الحرص على الخير كله وفي مرحلة الضيق من المنكر دقه وجله قد تفوت مصالح وقد نزهد في تغيير منكر صغير أو التخفيف من آثار منكر كبير، وذلك بالطمع في إزالة المنكر كله وهنا قاعدة لفت إليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حري بأهل العمل والدعوة والحسبة أن يرعوها حق رعايتها وقال فيها الشيخ رحمه الله: (الواجب تحصيل المصالح وتكميلها وتبطيل المفاسد وتقليلها فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع).

وعلق فضيلته على موضوع مهم وهو شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعاطي المنافقين مع هذه الشعيرة مستشهداً بمجموعة من الأدلة الشرعية، وأضاف حديثه عن لوم الشانئين وتكرر أساليب المنافقين حيث يقول: يظهر للمتأمل في تاريخ الحسبة وأعمال المحتسبين أن اللوم قديم وأن الإرجاف ماض في الأولين والآخرين وحيث نجد اللوم في زماننا هذا بل والتهم والإرجاف بأهل الحسبة وتتنوع هذه التهم وتطرح في أكثر من موقع، فإننا نجد ذلك سنة ماضية فيمن قبلنا ألم يقل لنبي الله شعيب {أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}.

ومن المعالم المضيئة في الحسبة أنها لا تقف عند حدود الرجل فعلى المرأة كفلها من الأمر والنهي والخطاب عام (في الدعوة والحسبة) في نصوص الوحيين إلا ما خصصه الشارع لأحدهما لكن كل على حسبه ولذا قال عليه الصلاة والسلام (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم)، وأشار فضيلته إلى مجموعة من القصص والمواقف التي تؤكد أن أمر ونهي المرأة للقريب منها كالزوج والولد أو البعيد كصاحباتها ومن يفد إليها من النساء.

يُشار إلى أن برنامج دورة التميز يتواصل صباح اليوم الثلاثاء في يومه الرابع حيث سيكون الحضور على موعد مع فضيلة الدكتور محمد بن عبد الله العيدي مدير عام إدارة التوعية والتوجيه بالرئاسة العامة بمحاضرة بعنوان (هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) بعده سيلقي فضيلة الدكتور علي بن محمد العجلان مدير عام الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم بعنوان (أثر الشراكة بين الشؤون الإسلامية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إصلاح المجتمع), وذلك بمركز الملك خالد الحضاري ببريدة.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد